سنوات ثلاث مضت على العدوان الفاشي للتحالف السعودي على اليمن وشعبه بكل فئاته العمرية ، ومقدراته وبناه التحتية ، وما كشفته الإحصائيات التي وثقت بالأرقام للقتل والتدمير الممنهج الذي ارتكبته السعودية وحلفائها وأدواتها بغطاء ودعم من الولايات المتحدة الأمريكية ، ضد البشر والحجر والشجر على أرض اليمن الذي أرادوه تعيشاً ، يرتقي ومن دون أدنى شك إلى جرائم ضد الإنسانية ، تفترض سوق قيادات العائلة الحاكمة في السعودية وحلفائها إلى محاكم الجنايات الدولية كمجرمي حرب .
ومن موقع المسؤولية الأخلاقية والإنسانية ، قبل مسؤولية الإنحياز المطلق إلى جانب الشعب اليمني الشقيق ، وقياداته الثورية في حركة أنصار الله ، التي يجمعنا وإياهم خيار المقاومة للمشروع الصهيو أمريكي والتكفيري ، والذي تمثل فيه الرسمية السعودية رأس الحربة في مواجهة تطلعات شعوب أمتنا العربية والإسلامية ، وتقف في طليعتها تطلعات الشعبين الشقيقين الفلسطيني واليمني . هذه المسؤولية تملي علينا أن نعيد ما جاء في تلك الإحصائيات المهولة من حيث سقوط الأعداد الكبيرة للمدنيين العزل التي قصفتهم طائرات التحالف السعودي من دون رحمة أو تمييز بين فئاتهم أو أعمارهم ، حيث بلغ عدد الضحايا من هؤلاء المدنيين 38500 بين شهيد وجريح ومعاق ، ومن بينهم 2960 طفلاً ، و2060 إمرأة ، و 8979 رجل ، جميع هؤلاء سقطوا بسبب العمليات العسكرية المباشرة لأعمال القصف والغارات الجوية المكثفة . وسقط بنتيجة العدوان وبشكل غير مباشر 296834 حالة وفاة ، منهم 247000 طفل بسبب سوء التغذية ، و 17608 بسبب عدم القدرة على السفر إلى خارج البلاد من أجل العلاج ، نتيجة الحصار المطبق على اليمن ، و 1200 بسبب الفشل الكلوي ، و 2236 بسبب مرض الكوليرا ، و450 حالة إجهاض . بالإضافة إلى 2361 بسبب ما ارتكبه المجموعات العميلة للتحالف السعودي من أعمال إجرامية .
هذه الأرقام لضحايا تحالف العدوان السعودي ، وإن كانت متصلة مباشرة بالإنسان اليمني ، إلاّ أنّ هذا العدوان كما أسلفنا قد طاول كل شيء على الأرض اليمنية من جامعات ومدارس ومستشفيات ، ومعامل ومنشأت حكومية وسياحية ورياضية وزراعية وصناعية ، وجوامع ومواقع أثرية ومعلم تاريخي ، وشبكات الاتصال ووسائل إعلامية ، ومطارات وجسور .
بعد ثلاث سنوات من العدوان المتمادي على اليمن الشقيق لا يزال المجتمع الدولي يغض الطرف عن تلك الجرائم المرتكبة مع سبق الإصرار والتصميم ، ويحابي السعودية لأنها تمثل بالنسبة للدوائر الأمريكية والغربية البقرة الحلوب التي تدر ذهباً بالنسبة لتلك الدول المؤثرة وتحديداً الإدارة الأمريكية التي تبذل الجهود الكبيرة لحماية الرسمية السعودية وحلفائها من المساءلة القانونية والأخلاقية على جرائمهم ، وهناك قرارات ورسائل ومواقف قد تم سحبها من التداول لأنها في محصلتها تتقاطع عند إدانة السعودية واتهامها بارتكاب المجازر ضد الشعب اليمني . وليس أخر شبكات الأمان والحماية للنظام السعودي ، ما حظي به ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في زيارته للولايات المتحدة من إحاطة واهتمام وإسناد من قبل إدارة الرئيس دونالد ترامب ، يؤكد التشجيع على تلك السياسات بما فيها الحرب على اليمن ، لأن مصالح أمريكا تتقدم على ما سواها من قضايا أو عناوين . وما دام الرئيس ترامب في حاجة السعودية أجل تمرير صفقة القرن بهدف تصفية القضية الفلسطينية ، وتسهيل التطبيع مع الكيان " الإسرائيلي " ، الذي يجري على قدم وساق ، ومن ثم لطالما العين الأمريكية كانت ولا زالت على ما يضخه النظام السعودي لمئات المليارات من الدولارات للولايات المتحدة ، والرئيس ترامب في لقائه مع محمد بن سلمان عبر بوضوح وقح وفج أنه يريد حصة من الثراء السعودي .
اليوم وبعد مرور ثلاث سنوات فشل العدوان السعودي في إخضاع وكسر إرادة الشعب اليمني ، الذي يؤكد يومياً أنه يختزن في ذاكرته ذاك التاريخ الأسود لنظام آل سعود على اليمن منذ استقلاله حتى اليوم . والشعب اليمني بقياداته السياسية والعسكرية لقادر على مواصلة التصدي للعدوان وإسقاط أهدافه ، ومشهد الصواريخ البالستية ، والساحات التي غصت بالمسيرة المليونية في صنعاء لخير شاهد ودليل في القدرة على الصمود والتصدي ، إلى يتحقق لليمن وشعبه الشقيق المنعة والرفعة بعيداً عن محاولات الإخضاع البائسة لنظام آل سعود وعملائه وحلفائه وداعميه في واشنطن وتل أبيب .
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني