الملك عاريا ... استيقظوا من سباتكم يا جبهويين!

بقلم: نبيل عودة

اتابع ما يجري علنا ومن وراء الكواليس، بكل ما يتعلق ببلدية الناصرة وانتخاباتها القريبة. نشر بعضهم مواد إعلامية بشكل مقالات، لم تأت باي جديد، مثلا، ما كتبه أحدهم، ان الشباب هم الذين يحسمون المنافسة الانتخابية، وهذا صحيح لأسباب عديدة، أهمها وأبرزها ان مجتمعنا هو مجتمع شباب من ناحية العمر، أكثرية مطلقة تحت عمر الأربعين، لكن الكاتب دمج مع مقالته صور الشاب مرشح الجبهة، وكأنه يقول بطريقة التفافية ان حسم المعركة سيكون لصالح الجبهة.

طبعا نحترم حقه في التعبير عن رأيه. ليس مهما الآن ان رأيه مجرد حبر على ورق، لم أجد أي فكرة تستحق التفكير او الحوار. ربما البعض ما زال يعيش على أنغام زفة "بالطول بالعرض الجبهة تهز الأرض" وحقا اهتزت الأرض يوم سقوط الجبهة في الناصرة .. ولو انتصروا لما اهتزت الأرض!!

هذه الحال قريبة جدا للأجواء الكوميدية والمأساوية في مسرحيات المؤلف المسرحي الإنكليزي الشهير وليم شكسبير.

 

المؤسف ان من يظنون انفسهم جبهويين ، يواصلون طريق الجبهة، هم على ضلال كبير، لا يعرفون تاريخ تأسيس الجبهة، دورها الاجتماعي والثقافي والسياسي، نشاطها البلدي، وما الذي قادها الى التفكك والتحول الى شبه حزب سياسي يضم بعض الأصدقاء، بينما كوادر الجامعيين والحرفيين والطلاب الجامعيين انفضت عنها وبقي بعض المنتفعين والمصفقين بلا وعي ، والأخطر انه جرى التآمر على مؤسس الجبهة المناضل طيب الذكر غسان حبيب، الذي نظم وقاد أيضا مخيمات العمل الأسطورية في الناصرة، وجرد من مناصبه الحزبية، ودفنت مخيمات العمل، وبقي بعض المنتفعين المصفقين والسحيجة الراقصين على انغام "بالطول بالعرض الجبهة تهز الأرض".

 

لا الوم الجمهور الذي ما زال يحلم بالخدمات والكرامة، ان تتجاوز الشعارات التي أطربته الى التنفيذ في الواقع بدل الخطابات التحريضية والعدائية التي ميزت مسيرة الجبهة منذ بداياتها، وعمليا شقت طريق افول نجمها السياسي، وسقوطها كان متوقعا وربما يصح القول ان رئيس بلدية الناصرة السابق رامز جرايسي استطاع ان يؤجل نهاية طريقها وليس انقاذها. انا أيضا كنت واهما انه يمكن انقاذ الجبهة، وقمت بدور اعلامي أتحدى ان يجد أي جبهوي او شيوعي دورا إعلاميا تسويقيا موازيا لدوري ولو بنسبة صغيرة، لكن التحجر الفكري، والتقوقع التنظيمي، وسيطرة الصبيانية السياسية، والغرور الشخصي لبعض المنتفعين، كان اشبه بورقة النعي.

واقع الجبهة اليوم يذكرني بحكاية قديمة سمعتها وصغتها بطريقتي واحتفظ بها بين اوراقي، وجاء وقتها المناسب.

ثوب الملك...

أحد ملوك العالم العظماء أراد ثوبا ملكيا لم يرتديه أحد من قبله، وخصص جائزة مالية كبيرة جدا للخياط الذي ينجح بإنتاج مثل هذا الثوب.

بدأت المنافسات بين خياطي المملكة.

أنتج الخياطون مئات وربما الاف قطع الثياب الفاخرة، والمرصعة بالذهب والفضة والالماز والاحجار الكريمة، لكنها لم تجد قبولا من الملك العظيم.

مجلس الوزراء والحاشية المقربة حيرها أمر الثوب الملكي. بل وبدأ الوزراء يبحثون في مختلف الأقطار عن خياط مشهور قادر على انتاج ثوب ملكي رائع، ولم يبخلوا بالميزانيات، حتى انهم قللوا من سرقاتهم لتوفير متطلبات ميزانية الثوب الملكي بلا نقصان وفضائح بحالة انجاز أحد الخياطين ثوبا ملكيا لم يرتديه أي ملك من قبل مليكهم.

مضت أيام وأشهر والتوتر يزداد، والملك غاضب من حاشيته لعجزهم عن إيجاد خياط ينتج ثوبا للملك لم يسبق لأي ملك آخر ان ارتدى مثله. ساد خوف شديد بين أعضاء الحاشية، بأن يأمر الملك بتسريحهم وتعيين حاشية جديدة مكانهم. تشاوروا وقرروا ان يعيد كل واحد منهم نصف ما سرقه من أموال الدولة، لتغطية البحث عن خياط ينتج ثوبا ملكيا يلقى استحسان الملك. حتى لو ملأه كله بالذهب والألماز والأحجار الكريمة. لا لن يبخلوا على الملك بالأموال ..

في فجر أحد الأيام جاء خياط كبير في السن، وعرض على الحاشية ان يقوم بالمهمة العظيمة بإنتاج ثوب ملكي نادر لا يراه الا العظماء وان من يرتديه لا يشعر بانه يرتدي ثوبا. بعد التشاور، قرروا انهم لن يخسروا شيئا إذا جرب ذلك الخياط حظه.

التقى الخياط مع الملك وأقنعه بأنه سيصنع له ثوبا عظيما لا يراه سوى الحكماء. اقتنع الملك بمهارة الخياط، وقال له: إذا نجحت بذلك ستتلقى هبة ملكية كبيرة جدا.وسأله: متى يجهز الثوب؟

أجاب الخياط: غدا يا مولاي.

-         كيف ذلك، ومن سبقوك اشتغلوا أشهرا عديدة على انجاز الثياب التي رفضتها؟

-         لأنهم أغبياء يا جلالة الملك.

 

في فجر اليوم التالي كان الخياط على باب القصر، ويديه خاليتين.

-         أين الثوب؟

-         يا جلالة الملك، اعددت لك ثوبا لا يراه الا الحكماء، الآن سترتديه ..

-         لكني لا أرى ثوبا معك

-         انه ثوب لا تراه الا عيون الحكماء .. جلالة الملك، اقلع هدومك لأطرح الثوب على جسدك.

وهذا ما حصل. خرج ملك على حاشيته ووزراءه وشخصيات المملكة عاريا تماما، تأملهم، كانوا حقا منبهرين وهم ينظرون اليه، سألهم:

-         انظروا الي جيدا، اليوم ارتديت ثوبا يقول عنه الخياط انه ثوب لا تراه الا عيون الحكماء، وانتم أكثر الحكماء حكمة في مملكتي ،.. ما رأيكم في هذا الثوب السحري الذي لا يراه سوى الحكماء.

امسك الخوف السنتهم، خوفا من اغضاب الملك العاري امامهم.

قال كبير الوزراء: يا له ثوب عظيم يا مولاي.

سارع أعضاء الحاشية والوزراء الى مدح الثوب العظيم. فقالوا: يا مولانا، لم نر في حياتنا أجمل ولا أروع من هذا الثوب.

في تلك اللحظة دخل طفل صغير، تأمل الملك العاري، وقال له لماذا لم ترتدي ثوبك الملكي. ضحك الملك، فالطفل لم يصل بعد لمستوى الحكماء كي يرى ثوب الملك الرائع.

وأنتم أعزائي حاشية الجبهة، بقوا الحصوة من تحت لسانكم وقولوا لقادتكم الحقيقة المرة، الجبهة مثل الملك إياه، عارية تماما وتتوهم انها بأجمل ثوب وأكثره عظمة!!

 

بقلم: نبيل عودة

 

[email protected]