اليوم الذكرى الثانية والاربعين ليوم الارض ... والتي نؤكد فيها مدى تمسكنا بأرضنا وحقوقنا...وجذورنا التاريخية ... ومدى تمسكنا بحق عودتنا الى ارضنا المسلوبة ... والى حيث عاش كلا منا بقريته ومدينته ... أرض الاباء والاجداد ... والتي لن تشطب بعامل الزمان والمكان وطول التاريخ .. والتباعد بيننا ... وبين أرضنا التي سلبت منا عنوة وبالإكراه... من خلال تهجير قسري وارهاب صهيوني ... ومؤامرة بريطانية ... شارك بها العديد من أهل الارض ... حتى يسلبوا منا ارضنا ... وحتى يتم تشريدنا بمخيمات الشتات واللجوء ... وحتى يومنا هذا .
مسيرة العودة اليوم ... والمنطلقة من كافة ارجاء القطاع لا نقلل من أهميتها ... بل نؤكد على مجمل أهدافها .... ومضمون فكرتها ... ونشد على أيادي القائمين عليها ... باعتبارها تعبيرا عن تمسكنا بأرضنا ... وأهمية عودتنا لوطننا الذي سلب منا على مرأى ومسمع العالم .
اليوم كافة أبناء الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات وداخل الخط الاخضر ... يحتفلون بالذكرى الثانية والاربعين ليوم الارض ... وكلا يحتفل بطريقته ... وحسب ظروفه ... ومعطيات واقعه .
ونحن بالقطاع ومنذ الطفولة ... كنا نغني عائدون ... عائدون ... ونتحدث عن حق العودة ... وكنا نسمي أماكن عديدة وشوارع وميادين وأندية رياضية بمسمى العودة ... تعبيرا والتزاما وطنيا بحقنا بالعودة الى أرضنا .
كنا نطالب بالعودة ونحن أكثر وحدة ... وأكثر محافظة على الوطن والقضية ... وأكثر محافظة والتزاما وعملا لأجل الانسان ... كنا أكثر محافظة على رعاية المجتمع بأطفاله وشبابه ونسائه ورجاله وشيوخه .
اليوم نرفع شعار العودة ... ونسقط شعار المحافظة على الانسان دون اعلان ... وبعيدا عن الاعلام ... ونتشدق بكافة الخطابات والشعارات حول الانسان والشعب والصمود والتحدي ... وحالنا يغني عن سؤالنا ... اذا ما تحدثت عن الانسان في القطاع .. كأنك تتحدث عن الالام ... والازمات والكوارث .. تتحدث عن الجوع والمرض والفقر والبطالة ... تتحدث عن انهيار منظومات بأكملها في ظل قصور واضح ... وعدم اهتمام بحقيقة الانسان ومتطلباته .
جعلنا من الانسان وسيلة لتحقيق أغراض وأهداف فصائلية ... ولم نجعل من الانسان هدفا وغاية وعملا وجهدا متواصلا للرقي به ... وتعزيز صموده ... وبناء ثقافته ... وتوفير متطلبات حياته الكريمة والانسانية .
اليوم نخاطب الارض بكل قدسيتها ومقدساتها ... نخاطب الارض التي ولدنا عليها .... والتي احتضنت أباءنا واجدادنا وأمهاتنا ... نخاطب الارض التي تتحدث عن قصة حياة كلا منا ... وعن تاريخ شعب بأكمله ... الا ان هذه الارض التي نتحدث عنها .. ونخاطبها .. ونعشق ترابها ... أهملنا الانسان عليها ... ولم نحافظ عليه وتركناه ما بين الارض والسماء .... وتناسى كلا منا ان الارض لا يحرثها الا عجولها كما يقول المثل ... ولا يبني الارض الا اهلها ... ولا يزرع الارض الا فلاحيها ... ولا يأكل من ثمارها الا أهلها .
مسيرة العودة اليوم شرق غزة ... كما كافة المسيرات بكافة ارجاء الوطن ... والتي تؤكد على تمسكنا بأرضنا وعشقنا لتراب هذا الوطن .
لكن هذه المناسبة الوطنية ... والتي نكرر مشاهدها بمثل هذا اليوم من كل عام ... كما نكرر بعض من مشاهدها في مجابهة الاستيطان والمستوطنات والمستوطنين ... في ظل المقاومة الشعبية السلمية .... التي بدأنا نقتنع بها .... ونكرر مشاهدها واسلوبها واعلامها ... الذي يكسر العدو ... ويضعه أمام قوته العسكرية ضعيفا ... وامام جبروته هزيلا ... وأمام غطرسته غير قادر على ممارسة واستخدام قوته المتغطرسة ... في ظل اعلام عالمي يصور المشاهد ... ويأخذ اللقطات ... وينقل الحقيقة ما بين شعب يطالب بأرضه بكل سلمية ... وما بين قناص اسرائيلي ودبابة اسرائيلية وطائرات اسرائيلية ... تطلق الرصاص ... وتقتل الابرياء وترمي بحمامها وقنابلها المسيلة للدموع ... والاخبار الواردة من شرق القطاع الحدودية تتحدث عن ما يقارب عن 4 شهداء و356 جريحا حتى كتابة هذا المقال ... وحالات الاغماء من القنابل المسيلة للدموع ... هكذا اسرائيل الغاصبة والمحتلة والتي تمارس الارهاب على شعب اعزل يحاول ان يعبر بطريقته السلمية عن حقة بأرضه ... وحتى يشاهد العالم بأسره ... مدى الجرائم وبشاعتها والتي تعبر عن ثقافة عنصرية لعدو مجرم غاصب لا يرى الا اسلوب القتل واسالة دماء الابرياء .
شعب لا يمتلك الا عدالة قضيته ... ومقاومته السلمية ... أمام عدو متغطرس ... يمتلك أعتى ترسانة اسلحة ... ووسائل اعلام تحريضية .... تحاول قلب الحقائق وتجيير المواقف لصالح عدو مجرم ... ومحتل غاصب .
اليوم رسالتنا انسانية ... وطنية ...سلمية تحمل معاني الوطن والحرية والعودة ... لكن هذه الرسالة السلمية الانسانية الوطنية يقابلها الرصاص وقنابل الغاز المسيلة للدموع ... والقنابل الصوتية .
سلمية الشعب الفلسطيني وحقوقه العادلة وتمسكه بأرضه وعدالة قضيته ... لا زالت تقابل بقوة متغطرسة ارهابية عنصرية ... لا تلتفت الى رسائلنا السلمية ... والى تطلعاتنا الوطنية ... والى حقوقنا العادلة والى شرعيتنا التي اقرتها الامم المتحدة منذ القرار 194 .
هكذا عدونا المحتل الغاصب ... بكل عنصريته وارهابه ... وهكذا نحن بكل رسائلنا الانسانية السياسية السلمية الجماهيرية ... التي نحاول من خلالها اختراق جدار الصمت الدولي ... وان نحرك المجتمع الدولي لصالح قضيتنا وتحقيق حريتنا وعودتنا .
هذا الجهد المبذول اليوم ... جهد وطني مشكور ... وواجب مقدس الا انني أكرر على أهمية الاهتمام والرعاية بالانسان والذي يأتي بأهميته بأكثر من الارض ... التي لا زالت بعيدة عن ايدينا والتي من خلال هذا الانسان يمكن عودتها وبناء حضارتها .
فلنعمل بهذه المناسبة الوطنية وبكافة الاماكن ان نعلي من شأن الانسان ... وان نعزز من صموده ... وأن نقوي من مقوماته التي تمكنه من المحافظة على تاريخه وحاضره ... والعمل من أجل مستقبله .
يوم الارض ... ومسيرة العودة ... وكافة الفعاليات الوطنية بطول وعرض الوطن ... مناسبة وطنية لاعادة صياغة وحدتنا وتماسكنا وتصليب مواقفنا ... وحتى يتأكد الجميع منا ان الوطن والارض ... وحتى الانسان ... لا يمكن ان يعودوا دون وحدة وتماسك وانهاء للفرقة ... وتعزيز لروح الوطنية الخالصة ... الساعية لاجل فلسطين الوطن والقضية والشعب ... وليس أي شئ أخر .
الكاتب : وفيق زنداح