مسيرات العودة شكلت عنوان بارز في يوم الارض جبل بدماء الشهداء

بقلم: عباس الجمعة

شكلت مسيرات العودة في قطاع غزة والضفة والقدس وفلسطين التاريخية واماكن اللجوء والشتات عنوان بارز في يوم الارض جبل بدماء الشهداء في قطاع غزة ومئات الجرحى في غزة والضفة والقدس ، ومن هنا تبرز حكاية التمسك بالارض والعودة برائحة الدماء الطاهرة الذكية تنسج حكايتها وتؤكد الرسالة على أسمى آيات البطولة والانتصار على العدو الصهيوني ، فقد كانت دماء الشهداء أساطير بطولة وفداء فاحت رائحتها في سماء فلسطين ، حيث تسطر تاريخا كتبه عشرات الالاف من الشهداء من قبلهم .

في هذا الزمن نرى شعبا يتسلح بالعزيمة وارادة النضال من أجل تحرير الأرض والانسان وتشد همته في مواجهة العدو الرئيسي لفلسطين والامة ، لتؤكد رسالة الدم بان لا صفقة القرن تمر ولا قوانين العدو يمكن ان تمر ، وما جرى في يوم الارض هو رسالة استمرار لابد أن يعرفها العالم بأن شعب فلسطين وشبابه يعشقون فلسطين الأرض والوطن وحق العودة، فلسطين الشعب والهوية ، فلسطين الحضارة والتاريخ والوجدان الثوري .

مسيرة العودة الكبرى التي انطلقت في كافة اماكن تواجد الشعب الفلسطيني تحمل دلالات إيجابية، بأن الوحدة الوطنية هي الاساس في مواجهة الاحتلال والاستيطان ومشروع ترامب وصفقة القرن بشكل رئيسي، وكذلك هي رسالة لبعض الانظمة الرسمية العربية وللعالم، أن الشعب الفلسطيني، لا يمكن أن يتنازل عن ثوابته، وفي مقدمتها حق العودة.

لهذا علينا استحضار وقائع جريمة النكبة باعتبارها جرحا مفتوحا على جهات الزمن، منذ سبعون عاما بعد ان تعرض الشعب الفلسطيني لعملية اقتلاع كبرى، وتحويله إلى لاجئين في بلاده وفي اماكن اللجوء والشتات، بعد احتلال أرضه وتاريخه، وتحويلهم من كينونة صريحة في الزمان والمكان إلى فائض من أشباح منفي خارج الزمان والمكان، فما زلنا نعيشها ، وما زلنا نقاوم تداعيات نتائجها، وما زال الشعب الفلسطيني يواصل نضاله على ارض وطنه الذي لا وطن لنا سواه.

لقد حاولوا كسر إرادة الشعب الفلسطيني وطمس هويته الوطنية ولكن لم يتمكنوا ، لا بالتشريد ولا بالمجازر ولا بتحويل الوهم إلى واقع ولا بتزوير التاريخ. لم يتمكنوا طوال سنوات من دفعنا إلى الغياب والنسيان، ومن إقصاء الحقيقة الفلسطينية عن الوعي العالمي، ولا بالخرافة ولا بصناعة حصانة أخلاقية تمنح ضحية الأمس الحق في إنتاج ضحيتها.

من هنا نؤكد على اهمية استمرار المقاومة والانتفاضة بكافة اشكالها باعتبارها التعبير الطبيعي لمواجهة الاحتلال الذي يتسم بأبشع أشكال الفصل العنصري، ويسعى تحت قناع عملية السلام المراوغة إلى تجريد الشعب الفلسطيني من الأرض ومصادر الحياة، وإلى عزلهم في تجمعات

ديموغرافية معزولة ومحاصرة بالمستوطنات والطرق الالتفافية، على أن يؤذن لهم، بعد أن يوافقوا على (إنهاء المطالب والصراع) بإطلاق اسم الدولة على أقفاصهم الواسعة.

رغم الجراح وألآلام ما زال هذا الشعب العظيم قادر على حمل غصن الزيتون اليابس، من بين أنقاض الأشجار التي يغتالها الاحتلال، مع البندقية التي حملها الرئيس الرمز الشهيد ياسر عرفات ورفاقه عمالقة هذه الثورة وفي مقدمتهم الحكيم جورج حبش وابو العباس وطلعت يعقوب وابو احمد حلب وابو علي مصطفى وابو جهاد الوزير وابو عدنان قيس وسمير غوشه وسعيد اليوسف وفتحي الشقاقي وعبد الرحيم احمد ومحمود درويش ووزهير محسن وجهاد جبريل من مواصلة المسيرة النضالية على المستوى الدبلوماسي وعلى المستوى السياسي والنضالي حتى الاعتراف بالحقوق الوطنية المشروعة، كما اكدت عليها قرارات الشرعية الدولية، وفي مقدمتها، حق العودة، وحق تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.

ان قضايا الشعوب الكبيرة والعادلة ورغم مضي سنوات كثيرة عليها الا تضيع بالتقادم, ولن تكون نسباً منسياً بسبب تضافر قوى إقليمية ودولية على طمسها, وقضية شعبنا الفلسطيني هي قضية القضايا, إنها قضية العصر والتي لن تغيّبها المؤامرات الدولية والإقليمية, ورغم كل العراقيل والصعوبات التي تواجهنا كشعب فلسطيني , ستبقى قضية شعبنا وعدالة مطالبه سيفاُ مسلطاً على الضمير العربي والإسلامي والدولي, فلن يضيع حق وراءه مطالب .

وفي ظل هذه الظروف تواجه المنطقة أعتى ارهاب من مجرمي الأرض، الذين قدموا من دول عدة بدعم من الصهيونية العالمية والقوى الامبريالية والاستعمارية، لتشويه الإسلام الحقيقي وضرب المشروع القومي العربي وتقسيم المنطقة إلى دويلات طائفية ومذهبية لتمرير يهودية الدولة الإسرائيلية، بينما تقف قوى المقاومة على الارض العربية كالصخرة التي تتحطم عليها المؤامرات .

من هنا نتطلع الى إعادة القضية الفلسطينية إلى مكانها الطبيعي في الحالة العربية ، وتكريس البعد القومي لقضيتنا وهو أصبح الآن ضرورة ملحة لحماية الحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني، وبما يعيد للقضية الفلسطينية مركزيتها في مواجهة الاستراتيجية الكونية للحركة الصهيونيه ، وإن سياسة تقطيع أوصال الأمة وعزل قضاياها عن بعضها البعض, كانت هدفاً صهيونياً دائماً وصولاً إلى الاستفراد بالشعوب العربية وفرض الهيمنة عليها، وقضية فلسطين هي الأساس والتي عملت الصهيونية بهدف الوصول لتصفية حقوق شعب فلسطين.

ختاما : لا بد من القول علينا تعزيز الوحدة الوطنية والعمل على عقد المجلس الوطني الفلسطيني من اجل رسم استراتيجية وطنية وكفاحية وحماية منظمة التحرير الفلسطينية ، فالشعب الفلسطيني أضاء بدماء الشهداء على وحدة الأرض والشعب والتاريخ، ما دامت روح فلسطين حية فينا ، لن ننسى ما جرى من جرائم ، وهذا يؤكد الإصرار على مواصلة السير على طريق الحرية، طريق المقاومة والانتفاضة حتى تحقيق اهداف شعبنا المشروعة والتاريخية وبذلك نكون اوفياء لدماء الشهداء وآلام الأسرى والمعتقلين..وحتى نرى القدس عاصمة أبدية لدولة فلسطين المستقلة.

بقلم/ عباس الجمعة