مصر والخطوات .....وحتى يتحقق الحصاد

بقلم: وفيق زنداح

أبرز ما يمكن استنتاجه واستثماره من وراء مسيرة العودة بذكري يوم الأرض ..... أن الشعب الفلسطيني يمتلك من مقومات القوة والصبر والقدرة النادرة .....بامتلاك شجاعته التي يمكن من خلالها قلب الطاولة .... وتغيير مجريات الاحداث .... والوقائع السياسية .... والاقتصادية المفروضة عليه .....من قبل احتلال مجرم .... وحصار اسرائيلي جائر .... وانقسام فلسطيني أسود .

فلا شيء يمكن أن يفرض على شعبنا .... الذي يمتلك الكثير عبر تاريخه الطويل .... وحتى واقعه الحالي .... والذي يؤكد على استحالة استسلامه .... وامكانية تحركه ..... وقتما قرر.... وشاء فعل .... على كل من يتأمر عليه ....أو يحاول فرض الاستسلام ....أو حتى محاولة حصاره وتجويعه واستمرار استنزاف طاقاته .....وانهاك مقومات قوته ...وصبره .

هذا المشهد الفلسطيني ..... الذي يبدو للبعض أنه قد غاب .... وأنه خارج الذاكرة .... وأنه خارج الاجيال التي عاشت العديد من الانتفاضات الشعبية ..... والذي يعد مشهد غزة الجديد استمرارا لمشاهد تاريخية ..... ووقائع وأحداث وطنية .... لم تغب عن ذاكرة الاجيال ...ولم يروا بالمشهد الشيء الجديد .....الا حالة الانقسام الاسود .... وعدم القبول باستمراره.... تحت أي ذريعة أو سبب ..... وأن كافة الأقوال التي يحاول البعض تسويقها.... لتبرير استمرار الانقسام .....لم تعد تنطلي على أحد .... صغيرا كان أم كبيرا .

الانقسام الاسود يجب الانتهاء من أخر فصوله ..... وأن تعود لحمة الوطن.... في ظل وحدة الشعب الفلسطيني ..... وارادته الوطنية التي واجهت العدو المحتل ....وأثبتت شجاعة وبطولة وتضحية .....تفوق كل تصور وتوقع . .....والذي لم يستطع الانقسام السياسي الفصائلي أن يؤثر على ارادة الشعب ومقوماته ومعنوياته بمواجهة المحتل..... برغم كافة الازمات والكوارث ... والنتائج التي وصلنا اليها بحكم هذا الانقسام الاسود وبكافة مناحي حياتنا ..... ومدي عمق التأثير السلبي لهذا الانقسام على حياة أجيال عديدة ومستقبلهم .

ما حدث يوم الجمعة ..... من مسيرة شعبية وبالألاف .....لا يسجل لصالح الفصائل..... بل سيبقي بذاكرة شعب البطولة والفداء ..... الذي يؤكد على ارادته الوطنية ....ومواقفه الشجاعة دون توجيهات .....وبعيدا عن الشعارات .

من هنا كان لابد من استثمار الحدث الوطني بخطوات وطنية ....شجاعة متوازنة وسريعة على طريق انهاء الانقسام..... والعودة الي النتيجة الوطنية النهائية .... الوحدوية ....التي نسعي اليها ....لأن العودة للأرض ....لا يمكن أن يمر الا من خلال العودة الي الوحدة الوطنية ....التي لا يمكن تغييبها أو تجاوزها ....والمحددة في الوطن الموحد ....والشعب الموحد..... والسلطة الواحدة والوحيدة .

ثوابت لا تقبل المناقشة ....ولا المجادلة.... ولا حتى الحوار ....لأنها تعبر عن ارادة شعب .... يسعي لوحدته ...وتماسك جبهته الداخلية .... واستعادة حقوقه الضائعة .

من هنا تأتي ضرورة الخطوات الوطنية الشجاعة .... وبروح المسئولية التاريخية ...واسقاط كافة الاجندات الفصائلية لأجل تجسيد الوحدة ....واعادة مراجعة المواقف الوطنية الشجاعة .....دون تردد أو تراجع ..... ودون تأخير ومماطلة وتسويف .

اليوم نحن أمام مفترق طرق ....وأمام منعطف تاريخي .... يجب أن تتحدد فيه المواقف بصورة جلية وواضحة ....لا تقبل التأويل....كما لا تقبل التضليل والخداع .

فاما أن نكون بحق .....لأجل الشهداء .... والجرحى ... والدماء التي سالت على ثري الوطن ان نسعي بحق لأجل الوحدة ....هنا سنكون الأقرب للحرية والارض والعودة .... واما ابقاء الحال على ما هو عليه .... وهذا يدلل على عدم وحدتنا ....وعدم العمل على عودتنا ....وحتى عدم العمل على حرية شعبنا واقامة دولتنا ..... ولا أعتقد جازما .....أن أحد منا يقبل على نفسه ..... أو يقبل أن يسجل التاريخ عليه.... أنه تخاذل أو تراجع عن اتخاذ خطوة وطنية .... صوب المصالحة والوحدة ....لان التاريخ لا يمكن أن يرحم من لا يرحم نفسه .

مصر تتحرك بكل قدرة واقتدار ...وبكل قوة وادراك لمخاطر ما يجري ....وما يمكن أن يتهددنا من مخاطر ...ارادة مصرية خالصة.... تدرك دورها القومي كما تعمل على الحفاظ على شعبنا وحقوقه الوطنية ....وأمنه واستقراره .

مصر أخذت على عاتقها مهمة انهاء الانقسام واتمام المصالحة ..... ولم تتخلي للحظة واحدة ...ولن تتراجع قيد أنملة ....عن جهودها المتواصلة ....وأهدافها الواضحة .... ولن تترك مصر لأحد مجالا للمماطلة والتسويف ....ولا حتى للتراجع .... فالمصالحة ووحدة الوطن الفلسطيني ....وتمكين حكومة التوافق ....وبسط السلطة الوطنية لسيادتها السياسية والقانونية والامنية .... مسألة في أولويات مصر ودورها ورعايتها ....كما أنها في أولويات شعبنا الفلسطيني الذي ينتظر بفارغ الصبر.... انهاء هذا الانقسام الاسود ....وقلب هذه الصفحة السوداء من تاريخنا ...وشطب هذه الحفنة الزمنية من ذاكرتنا .

لم يعد مقبولا استمرار الانقسام الاسود ....ولم يعد مقبولا استمرار المماحكة والمماطلة والتسويف ....لان شعبنا الفلسطيني يقدم من التضحيات ....ويؤكد على مدار اللحظة أنه القائد .....وانه صاحب المصلحة الاولي في اتمام المصالحة وانهاء الانقسام ....وانهاء كافة فصول أزماته المعيشية ....الصحية ..... والاقتصادية ....كما انهاء كافة اشكال الحصار والبطالة .....وتدني مستوي الدخل .

مصر تواصل جهودها .... وتعمل بكل جد والتزام قومي على اتمام المصالحة...وهذا ما يتطلب موقفا وفعلا فصائليا جامعا ومسئولا وملتزما ....حتى لا نصل الي مرحلة الخطر الشديد ...والتي لا يمكن فيها انقاذ ما يمكن انقاذه .... هذه الحقيقة الساطعة والثابتة..... والتي تؤكد على رؤية شعبنا الواضحة والشاملة وبطولاته الشجاعة .... التي يجب استثمارها بخطوات وطنية وحدوية ..... حتى يكون الحصاد الوطني فاعلا وشاملا .

بقلم/ وفيق زنداح