إلى متى يستمر عجز النظام الدولي في توفير الحماية للفلسطينيين ..؟!

بقلم: عبد الرحيم محمود جاموس

أمام هَوّل الجريمة الجديدة التي إرتكبتها قوات الإحتلال الصهيوني في حق المتظاهرين السلميين الفلسطينيين يوم الجمعة 30 / آذار (مسيرة العودة) والتي ذهب ضحيتها ثمانية عشر شهيداً على تخوم قطاع غزة، يقف النظام الدولي عاجزاً عن توفير الحماية للشعب الفلسطيني، بعد سبعين عاماً من المعاناة الناتجة عن سياسات القتل والتهجير التي يمارسها الكيان الصهيوني دون رادع يردعه، ودون أي وازع أخلاقي يحول دون إستمراره في التنكر لأبسط حقوق الشعب الفلسطيني والتي كفلتها القرارات الدولية بدءاً من القرار 194 إلى آخر القرارات التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الأخيرة، والتي تؤكد على هذه الحقوق غير القابلة للتصرف وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى مدنه وقراه التي هُجر منها عنوة، ومورست في حقه سياسة التطهير العرقي المدانة من القانون والشرعية الدولية، السبب في تأكيد حالة العجز هذه للنظام الدولي عن القيام بواجبه تجاه الشعب الفلسطيني هو الغطاء الذي وفرته وتوفره القوى الإستعمارية للكيان الصهيوني، التي تتصدرها مواقف الولايات المتحدة والتي باتت مدعومة من بريطانيا، هؤلاء هم الملاك الحقيقيون للمشروع الصهيوني الذي تحظى أفعاله الإجرامية بالشجب والإدانة من كافة دول العالم بإستثناء (هؤلاء الملاك) الذين يواصلون توفير التغطية لأفعاله الإجرامية، قتل ثمانية عشر فلسطينياً أعزلاً يوم الجمعة 30 آذار في نظرهم لا يستحق الإدانة ولا يستحق إجراء التحقيق الدولي مع الكيان الصهيوني، فهذا الموقف المشين لكل من أمريكا وبريطانيا في مجلس الأمن الذي إنعقد مساء يوم 30 / آذار للنظر في هذا الإنتهاك الصارخ لحقوق الإنسان الفلسطيني في قطاع غزة بناء على طلب دولة الكويت الشقيقة، يشجعه على الإستمرار في إرتكاب أفعاله الإجرامية في حق الشعب الفلسطيني والتنكر لحقوقه، كما يحول دون توفير الحماية للشعب الفلسطيني من إجراءاته القمعية والوحشية.

الشعب الفلسطيني في غزة وفي كافة الأراضي المحتلة وفي الشتات لن يتوقف ولن يتراجع عن التمسك بمطالبه المشروعة في حقه في العودة وتقرير المصير، هذه الحقوق التي لازال ينكرها الكيان الصهيوني وملاكه، الذين عملوا على نشأته وتأسيسه وإستمرار دعمه، لأنه يمثل لهم إستثماراً حقيقياً على حساب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، فمجرد طلب إجراء تحقيق دولي من قبل مجلس الأمن بهذه الفعلة والجريمة الشنعاء، ترفض كل من أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني إجراءه، وكأن هذا الكيان المارق فوق القانون الدولي والإنساني وأفعاله وجرائمه على مدى سبعين عاماً تبقى في نظرهم مبررة بالدفاع عن النفس ..!

إن هذه المواقف السياسية الشاذة لهذه القوى تمثل عاراً في جبين الأمم المتحدة، وتدفع بالنزاع والصراع دفعاً بإتجاه العنف في ظل شلِّ فعالية مجلس الأمن في توفير الحماية للشعب الفلسطيني، وضمان الأمن والسلم في المنطقة.

لقد عبر الشعب الفلسطيني يوم 30 آذار عن وحدته ووحدة أهدافه الوطنية، وعن رفضه في إستمرار حالة البؤس والشقاء والتشرد التي يفرضها عليه تعنت هذا الكيان المارق، وأكد من خلال مسيرة العودة التي نظمت تزامناً مع إحياء ذكرى يوم الأرض، على مركزية (حق العودة)، حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم وديارهم ومدنهم وقراهم، ورفضهم الإستمرار في العيش بعيداً عنها في مخيمات اللجوء والتشرد سواء داخل الأراضي المحتلة أو في الشتات، ومن هنا يبرز قصور الأمم المتحدة وقصور كافة الجهود الدولية التي تدعي بعض القوى أنها تبذلها في سبيل إيجاد حل عادل لهذا الصراع، وهي تتجاهل (حق العودة) الذي يتمسك به الشعب الفلسطيني وقيادته، سبعون عاماً والشعب الفلسطيني ينتظر الإنصاف من هذه القوى دون جدوى ودون تغيير في مواقف وطبيعة الكيان الصهيوني الذي يزداد شراسة وعنصرية في مواجهة شعب أعزل يعبر بالوسائل السلمية عن مطالبه المشروعة في العودة والحرية والإستقلال، ما المطلوب من الشعب الفلسطيني أن يفعله، حتى تدرك هذه القوى ضرورة التحرك الجدي والفعال، وتفعيل النظام والقانون الدولي في وجه هذا الكيان الصهيوني المارق ووضع حدٍ لصلفه وتعنته، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني من بطش آلته العسكرية والأمنية .. ونيل حقوقه ومطالبه ..؟!

الفلسطينيون سوف يستمرون في حراكهم ولن يتوقفوا على كل المستويات حتى تتحقق حقوقهم، وكما قال رئيسهم الخالد الشهيد ياسر عرفات على منبر الأمم المتحدة عام 1974م (لا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي) فلا تقتلوا روح السلام والتعايش لدى الشعب الفلسطيني، والتي عبر عنها دائماً، ولا تدفعوه نحو العنف والتخلي عن المقاومة الشعبية السلمية، إن المقاومة الشعبية والسلمية التي يتمسك بها الشعب الفلسطيني هي الخيار الطبيعي للشعوب المتحضرة وللمدنية الملتزمة بقواعد القانون وبقرارات الشرعية الدولية، لأن مشروعية الحق أقوى من المشروعية القائمة على البطش والقوة التي يمارسها الكيان الصهيوني جهاراً ويحظى بتوفير الحماية له من المساءلة القانونية والدولية من قبل دول عظمى.

على ملاك المشروع الصهيوني أن يدركوا أنه قد حان الآوان لوضع حدٍ لهذه السياسة المجافية للقانون الدولي ولروح العصر، إن المساءلة القانونية ويد العدالة ستطولهم يوماً ما...

لقد أكد الشعب الفلسطيني بما لا يدع مجالاً للشك أن نَفَسُهُ طويل وإرادته قوية وصلبة لن تنكسر أمام هذا البطش، ولن تنثني أمام المؤامرات التي تحاك لتصفية قضيته، سيستمر في مواجهة كافة الإجراءات التي تنتهك إنسانيته وحقوقه من قتل وحصار وإستيطان ..إلخ حتى ينال حقوقه كاملة وفي مقدمتها حقه في العودة والحرية والإستقلال وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس فعلى العالم أن يفهم ويدرك ذلك جيداً وفي مقدمته تلك الدول التي لازالت تغطي على جرائم الإحتلال وتوفر له الحماية من المساءلة، والقيام بما يمليه الواجب الأخلاقي والقانوني تجاه الشعب الفلسطيني.

بقلم/ د. عبد الرحيم جاموس