(وصية جدي ... حكاية وجع) حازميات (20)

بقلم: حازم عبد الله سلامة

بسم الله الرحمن الرحيم
الطفل الصغير عائد ، وأخته الطفلة فلسطين ، يلعبان معاُ ويمرحان علي باب منزلهم الصغير في المخيم ، حتي أرهقهم التعب ، وأرادوا أن يذهبوا للغرفة ليجلسوا بجوار جدهم الثمانيني ، فدخلوا علي جدهم فلم بنتبه لهم فكان سارحا غارقا بالتفكير وعيناه غارقة بالدموع ، يلبس اللباس الفلسطيني القديم كعادته الجلابية والقمباز وتزين رأسه الحطة والعقال وبجواره عكازه القديم ،
ويمسك بيده أوراق قديمة جدا كأنها تراث قديم وبيده الأخرى مفتاح كبير حديد ، فاستغرب الأطفال ،
لماذا يبكي جدي وما الشيء الذي بيديه يبكيه ، ما هذا ؟؟؟
فانتبه لهم جدهم ونظر إليهم والدموع تتساقط من عينيه ، وقال لهم : اجلسوا يا أحبائي الصغار لأحدثكم عن هذه الدموع وأروي لكم حكاية الوجع التي لازمتني سنين طوال ... وها أنا هرمت وكبر بي العمر ومازلت أعيش علي حلم العودة لأرضي ووطني فلسطين ،

إن هذه الأوراق القديمة ليس مجرد أوراق يا أحبائي ، إنها قواشين الأرض التي نملكها والتي سرقها المحتل الصهيوني منا بعد أن ارتكب المجازر البشعة وقتل أباءنا وأجدادنا وهجرنا وشردنا من أرضنا ، وهذا المفتاح هو مفتاح بيتنا التي احتلوه العصابات الصهيونية ،

ودموعي هذه هي دموع الوجع علي فراق أرضي وشوقي لها وذكريات البيدر والبيت والأرض والشجر والجلسات الهادئة ولمة العيلة والطمأنينة في أرض سرقوها منا الأعداء ، بتآمر دولي وتهاون عربي ،
هذا المفتاح وهذه الأوراق وحلم العودة هي ما ورثته من أجدادي وهو ما أورثه لكم ، وهذا هو ما ضحي واستشهد لأجله والدكم وهو يقاتل العدو ليعيد حق أجداده وحقكم بهذه الأرض ،

ووصيتي لكم أن تستمروا بالحلم حلم العودة والانتصار والتحرير ، فقاوموا وقاتلوا لأجل حقكم وحققوا حلم أجدادكم بالعودة واستعادة أرضكم التي ارتوت من دماء أجدادكم وأباءكم ، فانه صراع مستمر ، ولا تصدقوا السياسيين ولا تؤمنوا بأنصاف الحلول ، ولا تجنحوا للسلم مادامت أرضكم محتلة ، ولا تجنحوا إلا لبندقيتكم الطاهرة حتي تحرير أرضكم ،

لا تنخدعوا بخطب وأحاديث السياسيين وبياناتهم وواقعيتهم المهزومة ، وإياكم والاستسلام للواقع ، بل تمردوا علي هذا الواقع لتغييره ، لا تلتفتوا لهؤلاء مناضلي اخر زمن مناضلي مودرن يلبسون البدلات وربطات العنق وتفوح منهم رائحة البذخ ، ويأتون بالمواكب ليقفوا أمام الكاميرات ليثرثروا بالشعارات ويغادروا إلي منتجعاتهم ليجنوا ثمن دمكم وتضحياتكم ، إياكم أن يخدعوكم ، فوطنكم لا يحتاج الي خطابات وجعجعة وشعارات بل يحتاج للميدان والتضحية والفداء ، فاجعلوا من دمكم الطاهر جسرا للعودة والحرية وليس مرتعا للمتسلقين وجسرا لقيادات العهر والدجل والكذب ،

يا احبابي وصيتي لكم ان تحافظوا علي حلم أجدادكم وتتشبثوا بأرضكم ولا تستسلموا أبدا لعدو غاشم ولا لدجل السياسيين وسلامهم المزعوم ، فسلام لا يعيدكم لوطنكم فهو خيانة واستسلام ،
خذوا يا أحبابي هذه قواشين وحجة الأرض وهذا مفتاح العودة خذوهم بقوة فأرضكم تنتظركم تناديكم ،
يا أحبابي الصغار كنت اتمني ان أعود لوطني ليواري جسدي الثري بأرضي ، وقد هرمت وأشعر بقرب الرحيل لبارئي وحلمي بالعودة لم يتحقق ، فادفنوني بجوار أبيكم الشهيد ولفوني بعلم فلسطين واكتبوا علي قبري مات عاشقا لأرضه ووطنه ومازال يحلم بالعودة وعناق الأرض ، ومازال الحلم مستمرا تتوارثه الأجيال جيلا بعد جيل ر، واننا حتما لعائدون ،

كتب : حازم عبد الله سلامة " أبو المعتصم "
[email protected]
5-4-2018