“عقد هموم“ فلسطيني آخر قبل السلام

بقلم: طلال الشريف

لعل الغرابة في الحديث الآن عن المستقبل في ظل تصاعد الروح الوطنية نحو حدث كبير علي طول خطوط التماس مع قوات الإحتلال علي حدود قطاع غزة ضمن فعاليات العودة الكبري.

أيا كانت الدوافع للإنفجار علي الحدود الفلسطينية وبالأحري خطوط الهدنة مادام الصراع متواصل دون إحلال السلام فهي في سياق الحركة التي تجتاح المنطقة التي نتجت عن "الصدمة" التي بدأت مع الإعلان عن القدس عاصمة لدولة إسرائيل من قبل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب لفرض صفقة العصر أو القرن علي الفلسطينيين والاسرائيليين بالتعاون مع البعض العربي.

سأقفز هنا عن تفاصيل وحيثيات وأدوات التنفيذ لفرض الصفقة وسأتجاوز التكتيكات ومن تورط أو سيتورط أو قبل أو سيقبل لاحقا من الفلسطينيين أو العرب لخطوات التغيير نحو فرض السلام أو الحل المفروض في المنطقة من الولايات المتحدة فهذه خطوات قد يشوبها ردود أفعال في حيز السيطرة في النهاية ولذلك أردت القفز عنها لما بعدها فهي ستصبح تحصيل حاصل ولكن ماذا تريد القول ؟

ما أردت القول هنا أن عقدا إنتهي ومضي بانتخابات تشريعية ورئاسية فلسطينية تلاها إشتباك وإنقسام وصراع بين الفلسطينيين في العقد المنتهي علي " السلطة والبرنامج السياسي" إستولت بنتيجته حركة حماس علي قطاع غزة وحدثت القطيعة بين شمال الوطن وجنوبه واستخدمنا كل أدوات الصراع علي السلطة كحزبين كبيرين في فلسطين والآن إنتهت هذه الحقبة علي السلم العشري للفلسطينيين والمقصود بالسلم العشري هو أن الفلسطينيين يتغيرون وتتغير أحوالهم كل عشر سنوات سواء بالسلب أو الإيجاب ولكن العشريات في غالبيتها كانت تحول للأسوأ.. والعشرية هنا لا تحسب باليوم والدقيقة بل هي في مضمون عقد من الزمن أي عشر سنوات يقع فيها التغيير للوضع الفلسطيني.

وعلي قاعدة العشريات الفلسطينية نقول 1967 كان الاحتلال للضفة وقطاع غزة، 1977كانت كامب ديفيد 1987 كانت الانتفاضة الكبري 1997 كانت أوسلو ونشوء السلطة وأول انتخابات تشريعية ورئاسية وفي 2007 كان الاشتباك والانقلاب والانقسام الفلسطيني والصراع علي السلطة بين حماس وفتح وفي 2017 كانت القدس عاصمة اسرائيل وصفقة ترامب وفرض الحل الخارجي بالاتفاق العربي ونحن بها الآن في مرحلة تفاعلات المرحلة الاولي وهي "الصدمة" ستليها مرحلة التفاعلات الحادثة من مواقف ومظاهرات ومسيرات العودة ونقل السفارة والشتائم للمتآمرين وانقلاب في المواقف وتبدل التحالفات وتأزم في العلاقات يشوبها أحيانا غضب شعبي وجماهيري وعمليات عسكرية قد تصل لحرب أو إجتياحات ومعاناة وفقر وهدم ومساعدات وشهداء وجرحي وإنتهاز فرص وتجار سلام وتجار حرب واغلاقات ومنع سفر وتراكم مشاكل تتلوها حالة إسترخاءات بينية وهدوء ثم تشتعل الخلاقات في أماكن مرشحة للأزمات في الوطن وتصغر حتي تتلاشي حالة ما بعد الصدمة والتناقضات لتصل لحالة "الاسترخاءالعام" وهي المرحلة الثانية بعد المرحلة الأولي التي قلنا عنها "الصدمة". وفي مرحلة الاسترخاء العام يتم تجميع ما تبقي ليشكل المرحلة الثالثة وهي " الإستحسان" لندخل في مرحلة ما تبقي من العشر سنوات التي بدأنا نعيشها الآن والتي لن تكون مرحلة هدوء واستقرار بل سيشوبها حالة جديدة من الصراع علي السلطة وبعيدا عن إسرائيل سواء تم فرض هيئات حاكمة أم تم انتخابها وسيتصاعد الخلاف بين الفلسطينيين من كل التوجهات وستطغي علي الحالة المناطقية والعشائرية والأموال وتكثر الجماعات المتبادلة للقتل والعنف للظفر بالسلطة وستغيب قيادات وتستحدث قيادات ونبقي في هرج ومرج حتي العام 2027 لإستقرار الحالة الفلسطينية في دولتهم الصغيرة الضعيفة الفقيرة منزوعة السلاح التي سوف تسعي لود إسرائيل لمساعدتها علي الحياة وتتغير الأحوال ليعيش الفلسطينيين والإسرائيليين في حالة سلام حقيقي مثلما تعيش فرنسا مع الجزائر الآن ويصبح الاسرائيليون الأقرب للفلسطينيين بحكم الاحتلال السابق كما كل الدول في علاقاتها مع محتليها السابقين في علاقة خاصة والتزامات معنوية ومادية وحماية من الخطر وينتهي الصراع ويبدأ الفلسطينيون مرحلة الحياة كباقي البشر.

د. طلال الشريف