بداية لا يسعني الا الدعاء بالرحمة لكافة شهداء شعبنا.... والشفاء العاجل لكافة الجرحى ....والتحية لشعبنا العظيم على بطولته واستمرار صموده وتحديه ..... ومطالبته بالحرية والاستقلال والدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس وحق العودة الي أرضنا التي سلبت منا .... بقوة العدوان والاحتلال وعنصريته .
لا نشكك بشجاعتنا .... وبطولاتنا ...ومدي قدرتنا على الصمود والتحدي .... من خلال مسيرة نضالية وكفاحية طويلة ....لا زالت حتى الان.... وان كانت مختلفة بزمانها ومكانها ...وأهدافها ... الا أنها مستمرة .....حتى وان كانت متقطعة بزمانها ومكانها ....ومنفصلة ..... ما بين مرحلة وأخري .... وكأننا نحاول جاهدين أن نقول برسالتنا أننا باقون ....وعائدون ....وصامدون .... ولسنا منهزمون.... أو متخاذلون .... بل نحن على الثبات صامدون ....وعلى الحق متمسكون .
رغم كل ما يمكن أن يقال.... الا أننا خائفون مترددون ....وهنا أقصد العقلاء منا ...فلسنا جميعا عقلاء وحكماء.... وهذا لا يعني أن هناك أحد منا ليس عارفا ومطلعا على الحقيقة الكاملة والتاريخ الممتد ..... والسيناريوهات القائمة والقادمة .... وحول التوقعات المحتملة والبعيدة ....والصورة الكاملة بكافة احداثياتها ...وأبعادها ...والوانها .
لكل منا منطلقاته وأجنداته ..... منا من يحاول أن يثبت أنه القادر بمفرده ....وبما يمتلك أن يحقق ما يريد ..... وأن باستطاعته اعادة الوطن السليب ...وفلسطين التاريخية..... وتحقيق عودة شعبنا الي مدنه وقراه .... عودة المنتصرين ..... ومنا من يري أن الكلام سهل الحديث ....وممكن ومتاح .... لكل من يمتلك قدرة الكلام.... بما يري ويأمل ....لكن الحقيقة الممكنة أفضل بكثير .....من الخيال البعيد أو حتى القريب .
الحقيقة أن وجهات النظر المتعددة لم يتحقق من خلالها أي شيء يذكر.... فلم يحقق من اراد فلسطين كاملة أن يعيدها..... ولا حتى من أراد جزءا منها أن يحقق حلم الدولة والتسوية .
وكأننا حالمون ....واهمون ..... وتم مواجهة ما نأمل بتحقيقه بظروف موضوعية وذاتية .... بمعادلة سياسة دولية .... وبحالة اقليمية عربية .... المهم أننا لم نحقق ما كنا نأمل بتحقيقه ....ونحاول بشتي الطرق والوسائل أن نعدل ونغير من أسلوب عملنا وتكتيكاتنا ...وحتى استراتيجياتنا .... لكي نتمكن من لحلحة أوضاعنا .... واستمرار وجودنا .... على خارطة الاحداث السياسية ....الدولية والاقليمية ....وحتى نعيد لقضيتنا الوطنية مكانتها المرموقة .... في أولويات السياسة الدولية .
ما وصلنا اليه من أفكار وأوهام أحلام وتمنيات وصلت الي حد الكوابيس.... لم تبقي على كافة الطاقات..... بل عملت على تشتيت الجهود ....واحداث الارباك بداخلنا .... وعدم المعرفة بأولوياتنا .....حتى العقلاء منا والحكماء ....حتى وان كان بيننا من شياطين الارض .... فالحالة يصعب وصفها ....كما يصعب مواجهتها ..... لأننا نتهرب من مواجهة الذات .... لأننا نخاف محاسبتها .... كما نخاف الكشف عنها ....حتى لا يقال عنا ....وحتى لا نحاكم أنفسنا .... وحتى لا تهتز صورتنا .... وحتى لا يكتب عنا ...ولا يكتب لنا .
الحقيقة أننا لم نصل بعد الي مرحلة الوعي الكامل .....كما لم نصل الي مرحلة التشخيص الشامل .... كما لم نصل ولا نمتلك أدوات العلاج الشافي .... الذي يستأصل الامراض ....ويجعل منا قوة لا تهان ....وصلابة لا تنكسر ....وايمان لا يتزعزع ....كل منا يخرج بأقواله لارضاء من حوله ..... حتى يمكن أن يخدعهم .... ويضللهم ....وهو في ذات الوقت يعرف الحقيقة ...ولا يستطيع مواجهتها .... حتى اصبحنا ندور حول أنفسنا بكثير من الاحوال والمجالات ..... مما أصابنا بالمزيد من الضعف والارتباك .... وعدم القدرة على ترتيب الاولويات .... مما انعكس بالسلب على قضيتنا .... وجعلنا نتجه الي أساليب وطرق لا نعرف كيف يمكن ان نحددها أو نسميها ..... أو نعرفها .... أو نعطي شهادة عنها .
حتى وصلنا الي مرحلة يصعب فيها على الحكيم ان يتحدث ....وعلى العاقل أن يقول ..... فاما أن تقول ما يقال ..... واما أن تسكت وتصمت ....حتى لا نتهم باننا خارج السياق ..... وخارج الفكر ..... والاسلوب .... حتى وان كنت على حق ..... فالحق من وجهة نظر الافراد ....ليس حقا أمام أخطاء الاغلبية والشعاراتية ....والانفعالية .... الغير محكومة بضوابط واحكام.... بل منفلته الي حد الجنون والانتحار .....وتزايد الاعباء والنكبات والكوارث .....بصراحة وللحقيقة والتاريخ ....لا نعرف ماذا نريد ؟!
واذا ما عرفنا ماذا نريد ....لا نعرف كيف نحقق ذلك
واذا عرفنا الطريقة اختلفنا عليها ....وتجادلنا .... حتى ضاع الوقت علينا ....ولم يعد الزمن يسعفنا ....أو يمكن أن يكون معنا
جهود غير منظمة ....وطاقات مبعثرة ....وجدل ومناكفات لا حصر لها ....في ظل تصريحات متباعدة ....لا تعطي ولا تؤشر الي صورة واضحة .... والي اهداف محددة ....وبالتالي نفشل رسائلنا بفعل ايادينا .....وفكرنا ...وتضارب حالنا .
لم نستطع بكافة التحليلات والتوقعات وحتى التمنيات .....والي درجة كوابيس الزمن .... وملاحقه المتتالية .....أن نتغلب على الشيطان بداخلنا..... وكأننا لا نتعلم من دروسنا ....ولا نستفيد من تجاربنا ....ونعشق تكرار انفسنا .... وأخطأنا وخطايانا .
حتى وجدنا بعد نضال طويل .... ومسيرة كفاح مرير .... واختلافات بوجهات النظر ما بين النضال والمقاومة السلمية .... وما بين الكفاح المسلح وخيار المقاومة وخيار التفاوض .... وجدنا نظرية جديدة.... تحمل اطارا أسودا أسميناه عجل الكوشوك ....او جمعة الكوشوك ...
نجتهد ...نبتكر .... نخترع من الاساليب التي تمكننا من احداث شي ما..... يمكن أن نحقق من خلاله أهدافنا التي نسعي لتحقيها .
تجاربنا كثيرة ..... استخدمنا الكفاح المسلح .... حتى وصلنا الي مرحلة أوسلو والتسوية السياسية ومفهوم حل الدولتين ...وخيار المفاوضات .... بمراحلها الثلاثة التي كان يجب أن تنتهي بالعام 99 ..... وتم تأسيس أول سلطة وطنية فلسطينية .... بقرار من المجلس المركزي وتم اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية .....وعملنا بكل جهدنا وبما نمتلك من أجل بناء مؤسساتنا الوطنية ...ونجحنا الي حد ما .....لكننا لم نترك من عدو مجرم .... أراد أن يهدم ما يتم بناءه ...دمر مطار ياسر عرفات ...ودمر المؤسسات .... وحتى مقر الرئاسة .... دمر كل شي ....وجعلنا على الدوام بحالة ارباك وتراجع .... لكننا لم نستسلم ....ولم نرفع الراية البيضاء .... بل قلنا لأمريكا ولاسرائيل ما يجب قوله .... في ظل واقع لا يسمح بقول( لا ) لأمريكا .... واليوم نعيد تكرار التجرية .... بقول (لا) لأمريكا واسرائيل .... لكن الفارق بين قول (لا ) الاولي وقول ( لا ) الثانية الحالة الداخلية والاقليمية .... وما جري من انقسام أسود ....وما يجري على واقع الارض ...وما يخرج من تصريحات سوداوية تشاؤمية تتحدث أن المصالحة باتت من الماضي ولن تعود .....في ظل تصريحات مقابلة تتحدث أن المصالحة مستمرة وسوف تبقي وسوف يزول الانقسام الاسود وتتمكن الحكومة ....وتعود السلطة وتتعزز الوحدة .....وأن لا يضيع المزيد من الوقت.... في ظل تجارب نحاول تكرارها وكأن القائل يقول اننا هنا باقون ....فاما أن تلبوا مطالبنا .... واما أننا سنبقي على اشعال نار الكوشوك .
سياسة غير مفهومة ....ولا تؤدي الي نتائج ايجابية ....ولا تقرب من وجهات النظر ....ولا تحقق لنا أهداف وطنية ....بل تثير المزيد من أجواء المناكفة وسوداوية المناخ ....وخسارة شبابنا ....ووضعنا أمام مرحلة يمكن أن تنفلت فيها الامور الي احتمالات عديدة ....بمجملها ليست لصالحنا .
صفقة القرن لا تسقط بالمسيرات ....ولا تسقط باستمرار واقع الانقسام ....ولا تسقط بمثل هذه الحالة المأساوية التي نحن عليها ....كما لا تسقط بالكوشوك
صفقة القرن التي لم يعلن عنها .... لكنها وكأنها تنفذ بسياسة الخطوة خطوة ...ولا نعرف كيف ستكون عليه الامور ما بعد القمة العربية بالرياض وما يمكن أن تكون عليه النتائج .... وما يمكن ان يكون عليه واقعنا الداخلي .
نحن بحاجة ماسة وضرورية لمواجهة الذات ....وتصويب توجهاتنا ....وترتيب اولوياتنا ....حتى يمكن انقاذ أنفسنا .... وحتى يمكن أن نحقق أهدافنا الوطنية .
الا أن ما نحن عليه.... وما يجري حتى الان.....وما خرج علينا من أفكار واساليب .... ربما ستزيد من أعبائنا ....وتشتت من جهودنا .... وتجعلنا أكثر خسارة وألما ...وهذا ما لا نتمناه ....لأن دمائنا عزيزة ....وأرواح أبنائنا غالية .... وسيبقي الشهداء الاكرم منا جميعا ....وسيبقي الجرحي ليس لنا الا الدعاء بشفائهم ....كما ليس لنا الا ان نعيد دراسة تجاربنا ....وأساليبنا ...وأن لا نستمر على أخطائنا .... واذا ما امتلكنا الشجاعة المطلوبة ....أن نقول قد أصبنا هنا ...وأخطأنا هناك ....لأن مواجهة الذات وتقييم الخطوات ...والابعاد .... سياسة ضرورية ...وملزمة لنا جميعا .
الكاتب : وفيق زنداح