قلنا دائما وتكرارا أن حركة حماس حركة وطنية فلسطينية لها جماهيرها والمناصرين لها .... وتعتبر جزءا من الحالة الفلسطينية العامة .....وليست حالة منفردة... ومنعزلة .....عن مجمل الحالة الفلسطينية .
حماس تخطيء وتصيب ....لكنها في هذه المرحلة تخطيء كثيرا .....اذا ما اعتقدت أن عشرات الالاف ممن يخرجون بمسيرات العودة..... هم من أبناء حماس أو المؤيدين لها ...لكنهم من أبناء الشعب الفلسطيني الذي يؤيد حماس ويتعارض معها..... وهذه مسألة طبيعية وديمقراطية ... لا نختلف معها.... ولا عليها ....كما ان مسيرات العودة فيها من الاخطاء ...كما فيها من الايجابيات.... التي يجب ان تخضع للمراجعة الدائمة من قبل المنظمين لها ....لأنه لا يعقل أن يستشهد 32 شهيد على مدار اسبوعين واصابة الالاف في ظل اوضاع داخلية مأساوية .... وفي ظل حالة انقسام حاد لا يبشر بخير لشعبنا ..... ولا عودة لأهلنا ..... ولا تحرير لأرضنا .... وليس أخرا لا يبشر بخير حول وحدتنا الوطنية .
خطاب الاستاذ اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس جاء بتوقيت هام ...وفي ظل مرحلة خطيرة ما قبل عقد القمة العربية بالرياض ....وما قبل عقد المجلس الوطني اخر الشهر الحالي .
الاستاذ هنية جاء بخطابه ....أن القيادة التي لا تعبر عن مشاعر شعبها ليست جديرة بها ..... وهذا كلام صحيح ويحتاج الي درجة عالية من الدقة والمراجعة والرؤية الشاملة .....لمرحلة حكم حماس للقطاع والذي استمر 11 عام حتى الان .....وما وصلت اليه أوضاع الناس من ظروف معيشية .....وأزمات كارثية ....وخدمات متدنية ...وبطالة متزايدة .... وضياع مستقبل أجيال عديدة من الخريجين الجامعيين ....ومدي الخسائر التي لحقت بقطاع التجار ورجال الاعمال .... وما أصاب الناس من حالة يأس واحباط نتيجة الظروف الاقتصادية .... والسياسية العامة .... واستمرار حالة الانقسام الاسود ...وعدم شعور المواطن بروح المسئولية لدفع عجلة المصالحة الي الامام واتمامها وعدم المماطلة فيها من قبل حركة حماس التي عليها الكثير مما يجب عمله .... ولا ننكر حقوقها بالمشاركة والشراكة السياسية .
لا نختلف بكلام السيد هنية أن القيادة التي لا تعبر عن مشاعر شعبها ليست جديرة بها .... وهنا أليست قيادات الفصائل بما فيها فتح وحماس جزءا من القيادة والتي تتحمل المسئولية ؟! .
أضاف السيد هنية أن غزة تدخل مرحلة جديدة ...وأنا هنا لا اعرف ان كانت غزة جزءا من الوطن .... وأن شعبها جزءا من الشعب الفلسطيني ....وأن قضيتها جزءا من القضية الوطنية الفلسطينية.....أم أن الاستاذ هنية يقصد أن القضية الفلسطينية برمتها تدخل مرحلة جديدة في ظل ما تتعرض له من ممارسات اسرائيلية أمريكية ...وما يدبر لها بعد اعلان الرئيس ترامب حول القدس..... وما يجري العمل عليه حول صفقة القرن ...... التي رفضتها القيادة الفلسطينية والتي رفضت ايضا استقبال أي مسئول أمريكي .... وهذا ما يسجل للقيادة أنها قالت ( لا ) لأمريكا ..كما قالت ( لا ) لاسرائيل ....وكأن التاريخ يعيد نفسه ...في ظل مرحلة الشهيد ياسر عرفات الذي قال ( لا ) لأمريكا واسرائيل في واي ريفير ..... وطابا .
النضال الفلسطيني مستمر ومتواصل منذ عقود طويلة .... وليس من النقطة والمرحلة الحالية .... وما يجري من مسيرات العودة .....باعتبارها أحد اشكال العمل الجماهيري الذي يراد من وراءه ايصال رسالة فلسطينية للعدو المحتل والغاصب لأرضنا .... ان هناك أصحاب للأرض .... وأن هناك أصحاب للوطن.... الذي هجروا منه عنوة وبقوة السلاح ....وأن حقهم بالعودة حق مقدس ..... كفلته كافة القوانين والمواثيق الدولية .
استطرد السيد هنية أن من حاصروا وجوعوا وتأمروا ....وبالتأكيد يقصد اسرائيل المحتلة.... كانوا يستهدفون أن ينتفض الشعب الفلسطيني بوجه المقاومة ..... وهذا الكلام لا يعبر عن حقيقة واصالة الشعب الفلسطيني الذي يحتضن مقاومته وفصائله وقيادته ....وهو ليس من الشعوب التي تنتفض في وجه نفسها وأهلها .....بل تنتفض في وجه اعدائها والمحتلين لأرضها والمستوطنين فيها .
كان خطاب السيد هنية يتحدث حول تمزيق مرحلة سياسية كاملة ....وبداية مرحلة سياسية جديدة ....والكلام هنا ليست دقيقا ومفهوما ومحددا ..... حول المقصود بتمزيق المرحلة السياسية بصورة كاملة .... وبداية مرحلة سياسية جديدة ....فهل المقصود اختلاف الخيارات النضالية ؟! ...
ام المقصود اسقاط الخيار السياسي ؟! ....أم المقصود انهاء وشطب المؤسسات والشرعيات والمرجعيات الوطنية ؟! .
لاعتقادي أن تمزيق مرحلة سياسية ليس تمزيقا لأوراق متناثرة .... كما أن بداية مرحلة سياسية ليس محاولة للملمة الاوراق المتناثرة ....لكننا على الدوام بحاجة الي مراجعات ووقفات تقييمية واستخلاص للتجارب
أما حول التنازل والتفريط .....والتي يعتاد البعض على قولها ما بين الحين والاخر ....فالتاريخ وقد اثبت أن القيادة لم تتنازل ..... ولم تفرط ....بل انها القيادة الوحيدة بعالمنا العربي والاسلامي التي قالت ( لا ) لأمريكا واسرائيل .....وأنها القيادة الوحيدة التي سقط قائدها شهيدا فداء وطنه ...وتمسكه بثوابته الشهيد الرمز ياسر عرفات .
واليوم الرئيس محمود عباس يقول ( لا ) لامريكا و ( لا ) لاسرائيل.... ويمارس عليه ضغوط هائلة .....ولا زال متمسكا وباقيا على الثوابت والعهد والقسم.
النقطة الاخيرة .....التي كنت أتمني أن أسمعها من الاستاذ اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس حول المصالحة والوحدة الوطنية .....وضرورة الاقتناع .....أن كل ما يرفع من شعارات ....وكل ما يردد من مقولات ....وكل ما نتحدث عنه من ثوابت .... وكل ما يمكن أن يقال عن شعبنا ومقاومته وبطولاته وتضحياته .....يجب أن يستند بالأساس على وحدة وطنية قوية ..... وحدة لا ينتابها الشك ....بل تعبر عن يقين وثقة..... ونوايا حسنة ....وارادة قوية .
فاذا لم نمتلك الوحدة ....والنوايا الخالصة ...والثقة المتبادلة ...والارادة الوطنية .... فان التضحيات وسقوط الشهداء والجرحى سيكون بغير موضعه ومكانه وأهدافه .
المرحلة التي نحن عليها اليوم .....لا تحتاج الي فرقة ...بل تحتاج الي وحدة ...تحتاج الي مناخ ملائم ....لتعزيز الثقة والمحبة ما بين أبناء الشعب الواحد ....ولنجعل من أجندة الوطن وأهدافه..... بديلا عن الاجندة الفصائلية والشخصية ....حتى نصل الي ما نريد .
الكاتب : وفيق زنداح