عمدت بعض المحطات العربية مؤخراً ، بالإضافة إلى عدد من وكالات الأنباء الرسمية ، إلى استضافة مسؤولين صهاينة في منابرها ، للتعليق على مسيرات العودة التي ينظمها الشعب الفلسطيني عند السياج الحدودي في قطاع غزة المحاصر ، و لإبداء الرأي في قضايا سياسية أخرى تشهدها منطقة الشرق الأوسط ، و ذلك تحت عنوان عريض مفاده أنّنا لابد من الإصغاء إلى جميع وجهات النظر و احترام الرأي الآخر ..
ثم بعد ذلك يتطاول الضيف الإسرائيلي و هو في عقر منابرنا العربية ، و بوقاحة فجّة ، على تضحيات شعبنا الفلسطيني و مقدساته و حقوقه المشروعة ، و لعله يتجرأ في كثير من الأحيان إلى شتم المسلمين و الطعن في شعائرنا و رموزنا الدينية ..
و لو أردنا البحث عن مُسمّى واضح لمثل هذا النوع من الاستضافات ، لكان العنوان اللائق هو : التطبيع الإعلامي مع العدو الإسرائيلي ، و الذي يفسح المجال أمام الحاقدين منهم إلى إيصال رسائل التهديد و الوعيد من على منابرنا ، و هذا ما يرفضه جميع الإعلاميون الشرفاء سواء كانوا فلسطينيين أم غير ذلك ..
بأيّ حق يخرج المحلل السياسي الإسرائيلي إيلي كوهين أكثر من مرة ، على شاشات الفضائيات العربية ، ليهاجم مسيرات العودة و يزعجنا بنباحه الذي استمر لفترات طويلة ، و يعطينا دروساً في السياسة و التعامل مع الطوائف الأخرى ؟
ألم تتم استضافته مراراً في منابرنا و ذلك رغم تطاوله الوقح على أمّتنا العربية و تاريخنا و حقوقنا المشروعة ؟!
كيف يسترسل كوهين على إحدى الفضائيات العربية و كأنه في حفلة سمر لذيذة المذاق ، ليحدّثنا عن الشعوب العربية و يقدّمها للوسط الإعلامي على أنها شعوب توّاقة لإسرائيل ، تعشق التراب هناك و تستجدي التطبيع معها ليلاً نهاراً ، و تفضّلها على الأنظمة العربية الحاكمة ، مستشهداً على ذلك ببعض التصرفات الفردية هنا و هناك ، في حين لم يجد كوهين في حديثه ذلك ، ولا في أحاديثه جميعها من يخرسه و يوقفه عند حدّه ، و يلجم ذلك ( الضراط ) الذي يتفوه به ؟!
ألم يصف الصهيوني مردخاي أمّتنا الإسلامية بأنها شرّ أمةٍ أخرجَت للناس ، و بأنها منبع الإجرام و الإرهاب ، و ذلك خلال استضافته في أشهر فضائية عربية ؟!
ألم يعبّر الناطق الرسمي باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفخاي أدرعي عن نشوته الكبيرة ، لأنه حلّ ضيفاً مُرَحّباً به على أعتى الفضائيات العربية ، و كأنه يريد أن يقول لنا بلغة الإيماء و التورية : أهجوكم و أنا في عقر داركم ..
إلى متى ستبقى المنابر العربية مستباحة لهؤلاء الثلة من الطغاة الغزاة بحجة ضرورة الإصغاء إلى وجهة نظر الطرف الآخر ، و كأنّ وجهة النظر الإسرائيلية غير معروفة للجميع ، و كأنّ هناك من يجهل حتى اللحظة أنّ إسرائيل هي دولة احتلال قائمة على القتل و التهجير و سلب الحقوق ؟!
هل هناك من يحتاج حتى اللحظة إلى معرفة ما يضمره الإسرائيليون لنا سواء كان ذلك في ميدان السياسة أم على الصعيد العسكري ؟! و هل هناك من ينتظر بزوغهم على الفضائيات العربية كي ينصت إلى رأيهم و وجهة نظرهم المعروفة لدى الجميع ..
لذلك لابد من العمل على منع ظهور أمثال هؤلاء على الشاشات العربية ، و عدم السماح لهم بالتطاول على المقدسات الإسلامية ، و الإرث العربي و الحقوق المشروعة ، ولابد من تخوين و محاسبة كل من تسوّل له نفسه اتباع سياسة التطبيع الإعلامي مع إسرائيل ..
بقلم/ عبدالسلام فايز