سبع سنوات من العبث المدمر الذي واجهته الدولة الوطنية السورية والتي لم تحسم فيها ما ارادت الولايات المتحدة الامريكية لشرق اوسط جديد وتحت مبدأ انحيازها للشعوب المظلومة والتي تعاني من الاستبداد والديكتاتوريات كما تدعي مشعلة الفوضى في داخل تلك الدول مستندة الى اخطأء ارتكبتها تلك الدول في تعاملها مع شعوبها ومغذية في نفس الوقت الحالة العاطفية لتلك الشعوب للتحول الى السلوك العنفي في مواجهة الانظمة ، ومن اعقد المواجعات التي حدثت وما زالت قائمة ما تعرضت له الدولة السورية من عبث مسلح استهدف الدولة وسيادتها ووحدة الارض السورية من خلال اكثر من75 فصيل مسلح، فكانت كما تحدث عنهاالرئيس بشار الاسد ازمة ثقافة وازمة اخلاق ادت لهذا العبث الي تم تطويعه لمبدأ الفوضى الخلاقة للسياسة الامريكية واستحداث جغرافيات سياسية تختلف عن تلك الجغرافيات التي وضعتها خطوط سايكس بيكو .
امريكا والغرب يلعبان اللعبة الاخيرة وبالورقة الاخيرة من خلال الفضاء السوري بعد ان فشل في مصر وتونس، الا ان الامور اكثر تعقيدا في المنطقة كلها وخاصة انتفاض الدب الروسي من الجليد الى المناطق الحارة والساخنة لكي تقي موسكو من لهيب تلك المناطق الحارة ودول الاتحاد الروسي فتعتبر سوريا الخندق المتقدم للدفاع عن العاصمة موسكو كما وصف قيصر روسيا "بوتن" اما ايران التي وجدت مناطق فراغ نتيجة ما يسمى الربيع العربي واجتياح بغداد مرتكزة على العامل المذهبي حاولت ان تملاء هذا الفراغ في العراق وسوريا ولبنان واليمن وبما وصف الهلال الشيعي ، امريكا في بداية الامر حاولت بل فجرت ما يسمى الصراع المذهبي لتفكيك تلك الدول التي ترتكز بنيتها الاجتماعية على التعددية في المذاهب والقوميات وهي اسهل طريق لتحقيق غاياتها في الجغرافيات السياسية الجديدة ، اما الدول النقية المذهب فحاولت ان تستخدم لغة الطغاة والمستبدين والصراع بين الدولة المدنية والوطنية والاسلام السياسي السني اما في سوريا فهو متهدد المذاهب والعرقيات كما هو في العراق .
باتت احلام امريكا ان تنتهي في المنطقة والشرق العربي بالنصرالذي تحقق في الغوطة وقبلها بايام صرح ترامب بانه يرغب بانسحاب قواته من سوريا فلم يعد يحتمل تلك التكاليف الباهظة على الخزانة الامريكية فلمعادلة اوشكت في سوريا على الانتهاء لصالح الدولة الوطنية وخاصة بعد مطالبة موسكو لتركيا تسليم عفرين للدولة السورية ، وانتهى حلم الاكراد في دولة مستقلة ذات سيادة في العراق وسوريا .
ترامب تاجر ومقاول ورجل اعمال هكذا يفهم السياسة وفنها وهذا ما اوضحه اثناء الحملة الانتخابية وهو صريح حتى الوقاحة ، اذا كيف تغير خطاب ترامب من رغبته بالانسحاب الى من سوريا الى هجوم عنيف على بشار والدولة السورية في خلال 36 ساعة كفارق وقت ، ماذا حدث بينه وبين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في هذا الفارق والذي تزامن مع زيارة ولي العهد ، انه التغير في سلوك المقاول ورجل الاعمال ندما قال لمحمد بن سلمان "" ادفعوا "" وسنبقى ، محمد بن سلمان قلق جدا من تواجد ايران في سوريا كما هي اسرائيل ايضا اسرائيل تريد كيان تابع او كيان عازل على حدودها امريكا تريد تنشيط تجارة الحديد بانواعه والسلاح فما زال هذا المقاول الذي قال يوما سنغذي حروبكم ولكن ادفعوا، صفقة التحول في قرار ترامب بين الانسحاب والعدوان على سوريا مبلغ قيمته مليار 300 مليون دولار يقول ترامب ان بلاده قد دفعت لوجودها في سوريا 60 مليار يريد ان يعوضها , الوس كانوا وضحين بعد افشال القرار الامريكي في مجلس الامن بان الصواريخ الروسية ستعترض الصواريخ الامريكية والبريطانية والفرنسية المتجهة نحو سوريا ، ترامب مغردا على تويتر يقول للروس انتظروا صواريخنا الذكية ، الروس يردوا ستشهدون مواجهة لم تشهدوها من قبل ... توجعت حاملات الطائرات والغواصات والمدمرات الامريكية والبريطانية والفرنسية قبالة السواحل السورية واستعدادات في قواعدها في الدول المجاورة .
قصة الكيماوي لا تنطلي على احد وخاصة هي نفس السيناريو والسلوك والكذب الذي دفعهم لاجتياح العراق ، اما الكيماوي وان وضعنا القليل من الصحة من الفاعل وكيف يتم تحديده مسبقا وبشكل عاجل قبل تشكيل اي لجنة تحقيق وتقصي الحقائق والاستناد الى تقارير غير مهنية وغير محايدة ... اسرائئيل اجتاحت جنوب لبنان في عام 1982 م ، لمجرد حالة او دعوى او ادعاء محاولة اغتيال سفيرها في لندن، امريكا تتبجح بالحرص على ارواح المدنيين وهي اول من قتل المدنيين في هيروشيما ونجازاكي وسايجون وافغانستان والعراق ، اما فرنسا فقد استخدمت المواطنيين الجزائريين كتجربة لقوة سلاحها النووي في الصحراء الجزائرية ، اما بريطاني فكم قتلت في مستعمراتها في شبه القارة الهندية .
اهداف امريكا قد تكون لاكثر من عامل ، التجاري والاقتصادي والامني ومن اهم الاهداف هو حسم المعركة على ارض سوريا لصالح حلف امريكا في المنطقة التي يقوده ولي العهد بن سلمان مقابل ايران الذي ما زال غائصا في ازمة اليمن ومنذ 7 سنوات وبكل الامكانيات وولادة الفصائل المتعددة لم يحسم الامر لصالحه في سوريا .
ولكن هل امريكا ستنفذ الضربة ام بعد التسخين ياتي التبريد كازمة الصواريخ في كوبا في الخمسينات من القرن الماضي ، وهل فعلا ستحدث مواجهة لتجربة الصواريخ الروسية والامريكية والغربية على سماء سوريا والبحر ، واذا حدث الصدام من المتضرر الاكبر .ظ وما هو شكل النظام العالمي عندئذ..؟
اعتقد انه لن يحدث مواجهة مباشرة وستكون الضربات في مناطق بعيدة عن الجوار للقواعد الروسية والايرانية ، هذا اولا اما ثانيا امريكا تحتاج الضربة سياسيا لفرض بعض الاوراق على مؤتمر القمة العربية المنتظر لصالح ولي العهد محمد بن سلمان والحلف وخاصة ما سيتم استعراضه في مؤتمر القمة لاطروحة صفقة القرن التي هي ليست مرتبطة فقط بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي فبدون تسويات اقليمية اولا لن تجد تلك الصفقة طريقا لها ، فالمطروح هو حل اقليمي للقضية الفلسطينية .
سميح خلف