أمريكيا لا تستطيع إسقاط النظام السوري

بقلم: أشرف صالح

إن ما تحمله وسائل الإعلام من تصريحات ترامب عن تهديداته لضرب سوريا ما هي إلا كلام لا يتعدى الدعاية العسكرية لقدرات أمريكيا وحلفاءها . فإذا كانت أمريكيا لها حلفاء , سوريا أيضا لها حلفاء أقوياء فلا تستطيع أمريكيا وحلفاءها إسقاط النظام السوري طالما اصبحت الحرب في سوريا حرب إقليمية ولا تخص سوريا وحدها , ولو كانت الحرب تخص سوريا وحدها لرأينا بشار الأسد معلق على مشنقة منذ سنوات طويلة .

المؤلم في الأمر أن الذريعة التي حركت أمريكيا تجاه التهديدات لضرب سوريا هي أن بشار إستخدم الكيماوي في إحدى المناطق , مع العلم أنه كل يوم نسمع عن قتلى نسحبهم عند الله شهداء يسقطون في سوريا ضحية الأسلحة التقليدية والخفيفة أيضا , فالموت هو الموت مع إختلاف وتنوع الأسلحة . وكأن أمريكيا تقول للعالم أنها لا تهتم بالضحية بحد ذاتها وإنما تهتم في نوع السلاح التي سقطت فيه الضحية .

من الواضح جدا أن أمريكيا تهتم جيدا بموضوع الأسلحة الكيماوية في سوريا , ليس من باب الحفاظ على حياة الناس ولكن من باب تعرية وتجريد سوريا كدولة عربية من أن تكون دولة ننوية , وسيناريو العراق يتكرر مع فارق الزمان والمكان والظروف .

لا تستطيع أمريكيا إسقاط النظام السوري طالما أن له تحالفات دولية ضخمة , فإن روسيا وإيران والصين ليس بالدول الصغيرة , بالإضافة الى حزب الله وهو الأخطر جغرافيا على إسرائيل الولاية الإضافية لأمريكيا . فإذا تحرك حزب الله لمواجهة أمريكيا فسوف يبدأ بضرب إسرائيل أولا . أما بالنسبة لتقييم جدية التهديدات الأمريكية لضرب سوريا , فأنا أرى أنها ليس بشيئ جديد ولا غريب لأن أمريكيا وحلفاءها تضرب أهداف في سوريا منذ سنوات .

وهذه التهديدات لا زالت قيد الدراسة من قبل الإدارة الأمريكية ولا نستطيع أن نجزم بأنها ستتحقق , وأنا أعتقد أنها تهديدات تعبر عن إستعراض عضلات وشوق إعلامي كما تعودنا من خلال سياسة ترامب التشويقية المنفوخة .

إن هدف أمريكيا الظاهر في الإعلام  في ضرب سوريا يختلف عن هدفها الحقيقي , فهي تستخدم مصطلح حماية المدنيين في الظاهر, ولكن في الباطن القضاء على النظام السوري لأسباب سياسية كثيرة ليس لها علاقة بحماية المدنيين , ومن أهم هذه الأسباب أن سوريا تحتضن فصائل المقاومة الفلسطينية منذ زمن طويل وأنها غير مطبعة مع إسرائيل وأن لها حلفاء منافسين لأمريكيا وأنها ستصبح من أقوى الدول النووية مستقبلا بحكم علاقتها مع المنافسين ... إلخ .

هناك فرق بين الضربات العسكرية وإسقاط النظام , ولو إستطاعت أمريكيا إسقاط النظام السوري لما توانت لحظة عن فعل ذلك . أعتقد أن قوة التحالفات في سوريا ستجر أمريكيا للخيار السلمي والمفاوضات , وستذهب أمريكيا مطرة الى التخلي عن الجيش الحر وباقي الفصائل الممثلة للثورة ضد النظام , وستطرح مشروع تفاهم سلمي مع النظام , وهذا سيجعلها تسلط الضوء أكثر على قتال ما تبقى من تنظيم الدولة في سوريا , لأنه تنظيم دولي لا يقتصر على سوريا , فامريكيا مطرة أن تخفف حدة الصراع في سوريا لتفريغ نفسها لملاحقة تنظيم الدولة في العالم .

الكاتب الصحفي : أشرف صالح

[email protected]