المتتبع لسير الأحداث منذ مسرحية الكيماوي التي ادعت أمريكا وحلفائها استعمالها من قبل قوات الجيش العربي السوري في دوما ولغة التصعيد ولهجة الحرب ترتفع نبرتها من قبل الرئيس الأمريكي ترامب بشن عدوان سافر على سوريا بعد الهزيمة النكراء التي لحقت بدول العدوان على سوريا بهزيمة المجموعات الارهابيه في الغوطه الشرقية وتحرير آخر معاقلهم في دوما حيث تم التوصل لترحيل الإرهابيين إلى جرابلس في الشمال السوري
ومنذ يوم الخميس، وعبر «تويتر»؛ كما هي العادة قال ترامب: «إنني لم أشر مطلقا لموعد هجوم على سوريا. ربما يكون وشيكا جدا، وربما لا يكون وشيكا على الإطلاق. وفي كل الأحوال فإن الولايات المتحدة في ظل إدارتي أنجزت عملا عظيما بتخليص المنطقة من تنظيم الدولة. أين: شكرا لك يا أمريكا؟».
جاء هذا الهذيان «التويتري» من ترامب بعد 24 ساعة بالضبط من تغريدة أخرى أظهرت الحرب وكأنها على مرمى ساعات. وفيها قال بالنص: «روسيا تتعهد بإسقاط جميع الصواريخ التي ستطلق على سوريا. استعدي يا روسيا لأن الصواريخ قادمة، صواريخ جميلة وجديدة وذكية!! لا ينبغي أن تكونوا شركاء مع حيوان الكيماوي القاتل الذي يقتل شعبه ويستمتع بذلك!».
لم يتوقف الأمر عند ذلك، فبعد ساعات من تغريدة الخميس المفاجئة، عاد ترامب وغرّد من جديد قائلا: «سنعقد اجتماعا بشأن سوريا اليوم ونتخذ قرارا قريبا وسنرى ماذا سيحصل».
بين التغريدة الأول والثانية، وقبل الثالثة قال: «علاقتنا مع روسيا الآن أسوأ من أي وقت مضى. أسوأ حتى من أيام الحرب الباردة، وليس هناك سبب لحدوث ذلك. فروسيا تحتاج إلينا لمساعدة اقتصادها، وهو أمر من السهل جدا القيام به، ونحن بحاجة إلى جميع الدول للعمل معا لنوقف سباق التسلح».
قد يفسّر البعض هذا الهذيان الذي يتلبس به ترامب، بمواجهته لأسبوع لعله الأسوأ منذ بدء رئاسته، بعد مداهمة الـ»أف بي آي» لمكتب محاميه الشخصي، ومصادرة وثائق ضمن ذات التحقيقات المتواصلة حول التدخل الروسي في الانتخابات.
لكن واقع الحال يقول إن، هذا الرجل لم يتوقف عن الهذيان منذ بدء رئاسته، ودعك مما قبل ذلك، وهو كثير جدا. ويعود ذلك (بجانب طبيعته الشخصية) إلى أزمة الشرعية التي يعانيها بسبب قضية التدخل الروسي، إلى جانب موقف النخب الأمريكية ضده، بخاصة وسائل الإعلام، فضلا عن الدولة العميقة التي لا يحتاج أحد إلى أدلة على أنها تضغط عليه من أجل ترويضه، هروبا من فكرة التخلص منه، بما تنطوي عليه من مخاطر على هيبة أمريكا، وتماسكها الداخلي. وأضف إلى ذلك كله عقدته المزمنة من أوباما الذي يحشره بين تصريح وآخر (في التغريدة الأولى المشار إليها في مقدمة المقال يتفاخر بهزيمة تنظيم الدولة خلال ولايته، مع العلم أن الحرب عليه كانت ماضية من قبل أن يبدأ ولايته، ولم يتغير شيء في مسارها خلال ولايته، أي أنها خيار المؤسسة العسكرية والأمنية قبل أن تكون خياره).
وواقع الحال أن الرئيس الأمريكي وضع هيبة أمريكا في واجهة الأحداث والتحليلات فان لم تضرب أمريكا سوريا ستخسر هيبتها ووجودها في المنطقة وسيخسر الأموال التي تغدق عليه من دول الخليج العربي مقابل تحقيق طموحاتهم للتصدي للنفوذ الإيراني الذي يقلق السعودية , وكان البنتاغون الأمريكي في وضع لا يحسد عليه بفعل الحسابات والتوازنات في حساب الربح والخساره في أي ضربه عسكريه شامله والخشية من فلتان زمام الامور في الشرق الاوسط المشتعل والخشية الانجرار لحرب قد تبدأ ولا احد يتكهن بنتيجتها وامتدادها لتشمل المنطقه برمتها وتدفع الباب واسعا امام جر اسرائيل اليها وهنا فان النتيجه المحتومه لهذه الحرب سقوط عدد كبير من الجنود الامريكيين المنتشرين في مختلف المنطقه بحيث الخشيه من التعرض للقوات الامريكيه المتواجده في الشمال السوري والمنتشره في العراق وتعرض القواعد العسكريه الامريكيه للصواريخ التي تمتلكها ايران وحزب الله وسوريا والحرب ستكون بالغة التكاليف وباهضه جدا لأمريكا وحلفائها.
ونحن نعود للتاريخ بعد 62 عاماً على العدوان الثلاثي الذي شنته بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على «مصر ـــ عبدالناصر»، وفي الذكرى الـ15 لغزو العراق، عاد الغزاة أنفسهم، بقيادة أميركية، ليعتدوا على دمشق التي تحارب وكلاءهم منذ سنوات. هذا العدوان الذي سرعان ما انتهى، تصدّت له الدفاعات الجوية السورية، فيما صدر التعليق السياسي الأول على العدوان من روسيا، وتحديداً من سفيرها لدى واشنطن الذي اعتبر أنّ هذه الهجمات «إهانة للرئيس الروسي» فلاديمير بوتين، مشدداً على أن للعدوان عواقب تتحمل مسؤوليتها الدول الثلاث.
عند الرابعة من فجر اليوم، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدء عدوان بلاده، على سوريا. وكعادة حكام واشنطن السابقين عند كل عدوان على بلادنا، قدّم ترامب لعدوانه بخطاب «اخلاقي» عن سلاح دمار شامل يُراد التخلص منه، قبل ان يلوّح بإمكان إقامة علاقات طبيعية بين بلاده وروسيا، «وربما إيران»، في المستقبل. وعلى طريقة كولن باول ممهداً لغزو العراق عام 2003، قال ترامب إن روسيا فشلت في الوفاء بالتزامها بنزع السلاح الكيميائي السوري عام 2013، عندما عقد سلفه باراك أوباما صفقة مع بوتين انتهت إلى منع عدوان غربي على سوريا، في مقابل تخلي الأخيرة عن ترسانتها الكيميائية.
قال ضابط روسي كبير تعليقا على العدوان الأمريكي الغربي أن كل الطائرات والصواريخ الأميركية والفرنسية والبريطانية هربت ولم يكن لديها الشجاعة للاقتراب من مركز روسي واحد وان روسيا كانت تنوي إسقاط الطائرات لو اقتربت من أي مركز، وقال نحن منتشرون من دمشق إلى حمص وحماه واللاذقية وتدمر، ولو اقتربت أي طائرة أميركية أو فرنسية أو بريطانية فسندمرها ولدينا منظومة صواريخ أس 600 المخيفة وهربت منها الطائرات الأميركية والفرنسية والبريطانية، كما أن طائرات سلاح الجو الروسي حلّقت فوق القاعدة الجوية الروسية وكامل ساحل سوريا كما قامت المدمرات البحرية الروسية بحماية الشاطئ السوري ولو حاولت المدمرات الأميركية إنزال أي قوة عسكرية لدمرناها تدميرا كاملا.
وقال الضابط الروسي الكبير "لقد ضربوا صواريخ وبعض الغارات وهربوا أما نحن فموجودون في سوريا ولا يهزنا احد ولا يهز نظام الرئيس بشار الأسد احد."
في حين أظهرت وسائل الإعلام السعودية غضبها صباح اليوم لان الطائرات الفرنسية والأميركية والبريطانية لم تضرب أهداف إيرانية وقالت إن "إيران ستبقى هكذا قوية في سوريا مع جيشها وان الرئيس الأسد سيصبح أقوى من الأول، وكان على أميركا وبريطانيا وفرنسا تدمير القوات الإيرانية وجيش الأسد بحسب تعبيرها كي يتغير الوضع"، والسعودية ترى أن أميركا وبريطانيا وفرنسا لم تقم بدورها.
من جهة أخرى حذرت إيران السعودية من أن أي لعبة ضد سوريا ستشعل نار الخليج وسترى السعودية صواريخ باليستية إيرانية تهبط عليها مثل الشتاء. والنتيجة لما جرى ضربت أميركا وفرنسا وبريطانيا صواريخ لكن معنويات الجيش العربي السوري مرتفعة والرئيس الأسد أصبح أقوى بعد الضربة وحزب الله أصبح أقوى والجيش السوري قاتل لوحده دون مساعدة الجيش الروسي وهذا ما يعني انه قادر على مواجهة فرنسا وأميركا وبريطانيا في أي حرب قادمة .
وبحسب صحيفة الجارديان البريطانية أن واشنطن تبدو حريصة على تجنب الصراع الشامل ، وللمساعدة في ذلك حذرت الولايات المتحدة الروس مسبقاً من أن الهجوم قادم والممرات الجوية التي سيتم استخدامها وليس الأهداف، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة بدت حريصة على تجب أي صراع عسكري مع روسيا قد يؤدي إلى إشعال الحرب العالمية الثالثة.
وإجمالًا، يمكن النظر إلى العديد من المعايير والمؤشرات التي قد ترجح كفة التصعيد بين كافة الأطراف، إلا أن الواقع قد يتجه في النهاية إلى القدرات العسكرية، دون الاحتكام لها بشكل فعلي، وهو ما قد تدفع نتائجه البعض إلى التخلي عن التصعيد الذي يقود لحرب عالميه ثالثه وهو الأمر الذي من شأنه أن يؤثر بشكل رئيسي على الهيبة العسكرية الامريكيه التي رسمتها وحلفائها منذ عقود طويلة وهذا ما يعكس فشل الضربة الامريكيه الغربية لتحقيق أهدافها في سوريا وانعكس إحباطا على حلفاء أمريكا من العرب السعوديين والخليجيين وإسرائيل وزاد في قوة محور المقاومة الذي تقوده سوريا وإيران وحزب الله في مواجهة قوى الشر والإرهاب الذي تقوده أمريكا وفرنسا وبريطانيا وإسرائيل.
بقلم/ علي ابوحبله