قمّة القدس .. ليس لها من اسمها نصيب

بقلم: عبد السلام فايز

في مدينة الظهران السعودية ، و في الدورة التاسعة و العشرين للقمة العربية ، أطلق العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز مسمّى قمة القدس على القمة العربية لهذا العام ، وسطَ أصواتٍ خجولة طالبت الإدارة الأميركية بالتراجع عن قرارها الأخير المتعلق بمدينة القدس ..
تلك القمة التي تحمل اسماً مزلزلاً ، ليس لها وافر الحظ و النصيب منه ، بل إنّها لم تمتلك الجرأة على أن تعقد أعمالها في العاصمة السعودية الرياض ، ليتوجّه معظم الزعماء العرب إلى مدينة الظهران ، تاركين خلف ظهورهم عاصمة الحجاز تحت مرمى الصواريخ الحوثية ، في مشهد معيب ، يقدّم سادة الأمة العربية على أنهم غير قادرين على حماية أنفسهم ، فكيف بهم سيحمون القدس ..
إنّ قمةً بمثل هذه القمّة لا يحقّ لها أن تطلق على نفسها اسم قمة القدس ، لأن العنوان المقدسيّ له أهله الذين لا ترهبهم صواريخ متناثرة هنا و هناك ، فتجدهم لا يأمنون على أنفسهم ولا يمتلكون حق الوقوف فوق منبر العاصمة التي أصبحت اليوم في مهب الريح ، فليأمنوا على أنفسهم أوّلاً ثمّ  يسترجعوا مفاتيح القدس ..
لن تكون تلك القمة هي قمة القدس ، طالما أنها تنعقد في ذات المكان الذي ولدت فيه صفقة القرن ، و مازالت الساحة الفلسطينية تقاسي حتى اليوم من مخاض تلك الولادة المشؤومة ، و لن يكون هناك للقدس ناقةٌ ولا جَمَل طالما انبثق التطبيع من ثنايا تلك المنطقة ، و راح جُلّ العلماء و رجال الدين يناصرون أهل الباطل و هم اليهود ، على أهل الحق المستضعفين و هم أبناء فلسطين الذين كادت العروة الوثقى التي هي بينهم و بين أشقائهم في الخليج أن تُمزَّق بعد حملة الشتائم و السباب التي سيقت ضدّ الشعب الفلسطيني العظيم ..
عن أيّ قُدسٍ تتحدثون و ما تزال المقاومة الفلسطينية التي تنافح عن القدس مُدرَجة على لوائح الإرهاب في قيودكم ، و ما تزال تلك التنهيقات (التغريدات) العفنة محفورة في ذواكرنا عندما  راحت تطعن أحرار فلسطين الذين هبّوا يدافعون عن المسجد الأقصى المبارك ، بعدما نصبت دولة الكيان الإسرائيلي البوابات الالكترونية في ساحاته ؟!
ألهذه الدرجة تظنون أنّ ذاكرتنا معطوبة كي ننسى ما بدر منكم إبّان الثورة الشعبية التي قام بها رجال الأقصى كي يدافعوا عن كرامتكم المفقودة ؟
إنّ من يتبنّى القدس عنواناً له ، لا يسعى للتطبيع مع دولة الاحتلال الصهيوني على كافة الصعد ، و لا يدفع برجال أعماله و مسؤوليه إلى تلميع الكيان الإسرائيلي ، و تقديمه في الأوساط الشعبية على أنه صاحب حق في الأرض و الوجود ، و لا يدرّ في جيب دونالد ترمب الملايين الملايين ، و هو ذاته الذي اعترف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل ، و هو ذاته الذي يعتزم نقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها ، و هو ذاته من ألغى عروبة القدس بِتوقيعٍ سخيف ، و هو ذاته من تعدّى على هويتها و هو ذاته من أعطيتموه ما أعطيتموه من خزينتكم ، بعدما استقبلتموه في بلاد الحرمين الشريفين استقبال الفاتحين ..
الأَولى بقمّتكم أن تحظى باسم ( القمة الأخيرة )  ، أو أنّها تعقد في الأول من شهر نيسان ، لعلها تكون هي كذبة نيسان ، عندها سوف تستريح الشعوب العربية من مَقتِها ، و تحتفل بزوالها و يتسنّى للشعوب في كل ربيع أن تتمتّع بريعان الربيع ، بدلاً من  قِمَمِكم التي لا طائلَ منها على الإطلاق ، فخلال القمة السابقة التي انعقدت في البحر الميت استمتعنا بشخيركم و نومكم ، لأنّكم قدّمتم القمة العربية بوجهها الحقيقي آنذاك ، عندما عُقِدت في أخفض نقطة على وجه الجغرافية ، بينما اليوم أصبحنا نترحّم على قمة النوم و الشخير ..
ليتكم تنامون تارةً أخرى ..
فنوم الظالم عبادة ..

/ بقلم عبد السلام فايز