عبر وسائل الإعلام وفي عناوين عريضة نشرت صحيفة "الحياة اللندنية" خبرا يستفز مشاعر الناس , لأنه بعيدا عن الواقع والمنطق , ومضمون هذا الخبر أن المخابرات المصرية وبصفتها وسيطة بين حركة حماس وإسرائيل , قد عرضت على حماس إيقاف مسيرة العودة مقابل رفع الحصار كليا عن قطاع غزة .
والنصيبة الأكبر أن الصحيفة قد إستندت على مصدر رفيع المستوى لم تذكر إسمه أو هويته , وهذا ما يجعلنا نشك أكثر في مصداقية الخبر أو هدفه الحقيقي إذ كان صادقا . ومن وجهة نظري أن الجريمة في هذا الخبر إن صح التعبير تتمثل في الشخص مجهول الهوية الذي صرح بذلك , ولا تتمثل في مصداقية الصحيفة أو الصحف الناقلة للخبر . فمن الممكن جدا أن يأتي شخص ويصرح بهدف التلميع وإقصاء الآخرين , ولا يكشف عن نفسه أمام الرأي العام خشية أن يتحمل المسئولية القانونية أو الأدبية , فكثيرا ما نقرأ في وسائل الإعلام أخبار وتصريحات وظيفتها الأساسية تلميع طرف على حساب طرف آخر.
أنا لا أشك في مصداقية الخبر بقدر ما أشك في هدف الخبر , ولا أجزم أنه لم يحدث فربما يكون فعلا حدث , ومع ذلك فإن هذا الخبر إما يعبر عن غباء سياسي أو سياسة تلميع المقصود بها إقصاء أطراف أخرى شريكة في موضوع الحدث نفسه الذي يعبر عنه الخبر المنشور .
فإذا كانت بالفعل إسرائيل عرضت على حماس بواسطة المخابرات المصرية إيقاف مسيرة العودة , فأنا أعتبر هذا العرض قمة الغباء السياسي لأن مسيرة العودة ستنتهي بالفعل في منتصف الشهر القادم , فهل ستدفع إسرائيل ثمن كبير يتمثل في رفع الحصار الجزئي عن القطاع مقابل مسيرة ستنتهي تلقائيا في منتصف الشهر المقبل وخاصة مع حلول شهر رمضان المبارك .
وهل حركة حماس هي المسئولة الوحيدة عن مسيرة العودة وهل تستطيع إيقافها ؟ بالطبع لا , لأن مسيرة العودة مسيرة جماهيرية منظمة من الهيئة الوطنية والتي تمثل الشراكة بين جميع الفصائل والشعب والقوى والمؤسسات كافة .
بغض النظر عن مصداقية هذا الخبر أو هدفه الحقيقي , فانا أرى أن هذا الخبر بحد ذاته يعبر عن سياسة تلميع لطرف على حساب أطراف آخرى , ويعبر أيضا عن حالة إقصاء واضحة لجميع القوى المشاركة في مسيرة العودة .
ومن جهة أخرى قد يتسائل البعض , هل إسرائيل بتلك الغباء الذي يجعلها تخشى من مسيرة سلمية لدرجة إتخاذ قرارات سياسية وإستراتيجية تتمثل في رفع الحصار الجزئي عن قطاع غزة ؟ أم أنها تضخم إعلاميا لخطورة مسيرة العودة كي يتسنى لها إيجاد ذرائع لقمع هذه المسيرة السلمية بالقتل والقنص والتشويه , وإلحاق الخسائر بالمسيرة بشكل يومي كما نشاهد عبر وسائل الإعلام .
من وجهة نظري أن الأخيرة هي المقصود بها فعلا , إسرائيل تريد مزيدا من القنص والقتل والإصابات .
بقلم/ أشرف صالح