منذ يونيو الاسود بالعام 2007 ....وما جري ضد الشرعية الوطنية الفلسطينية ....وما نتج من استيلاء حركة حماس على القطاع ...وما نتج من أحداث دموية مؤسفة ....كانت ضحيتها العشرات من أبناء الأجهزة الامنية التابعة للسلطة وحركة فتح .... ومن أبناء حركة حماس .
منذ ذلك التاريخ الاسود ....والمشهد السياسي الداخلي بحالة ارباك وجدال ومناكفة ..... وتجاذبات سياسية ..... وحملات اعلامية تحريضية ..... وتصريحات متضاربة .... يتداخل فيها الداخل مع الخارج ..... تحت شعارات متعددة ومتناقضة ..... منها الانساني الاغاثي .... ومنها اعادة الاعمار ..... ومنها شعارات الاسلام السياسي ..... ومرة أخري شعارات التحالفات والمحاور .... في ظل مناكفات وتجاذبات ثبت بعد 11 عام أنها قد جذرت الفشل ..... وأصابت الحالة الفلسطينية بالمزيد من التراخي والترهل والضعف ....وحتى ما يقال حول مبادرات أوروبية بتقديم يد المساعدة والاغاثة ..... في ظل حال القطاع وسكانه وما أصابهم من فقر ومرض وسوء بالخدمات .
حتى المحتلين لأرضنا ...والغاصبين لحقوقنا ....والمستوطنين بأرضنا ..... قد تحركت مشاعرهم الميتة ....وانسانيتهم المفقودة ....وقيمهم الغائبة ..... ليتحدثوا عبر العديد من المسئولين في داخل دولة الكيان .....وحتى ليبرمان وزير الحرب الاسرائيلي ....الذي يتحدث بأن بامكان سكان القطاع أن يعيشوا كما سنغافورة .... وهم يؤكدون على رؤيتهم حول الحل الاقتصادي ..... الذي استمعنا اليه منذ سنوات من خلال توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الاسبق .... وغيره من المبعوثين ...وحاملي الرسائل والمبادرات وبعض الملايين من الدولارات....والذين يدفعون لتعميق واقع المآسي والكوارث والحرمان ..... وفرض القيود ...وتقليص جهود وأعمال وكالة الغوث ...وما يجري من حصار ظالم .... وما نتج عن 11 عام من بطالة متزايدة ..... وصلت الي الحد الأعلى ....ومستوي من الفقر..... لم يصل اليه أحد ...كما تعداد الأمراض .... وسوء الخدمات ..... الذي لا يعبر على أننا بالقرن 21 ......والذي يمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي الانساني .... ولكافة مواثيق حقوق الانسان المتوافق عليها ...والموقع عليها دوليا .
رغم كل ما يقال .... وسوف يقال عن غزة والحياة فيها ..... ومصاعب المعيشة التي يعاني منها أهلها .... ورغم الاحتياجات الانسانية والخدماتية .... والاقتصادية .... الا أن هذا الجانب وعلى أهميته وضرورته.... لا يمكن أن يتقدم عن حاجتنا السياسية .... الوطنية ...باعتبارها أولوية من أولويات العمل الفلسطيني .... وحتى تتحقق الأولوية السياسية ..... ونزيل تبعات الانقسام وكوارثه ...ونتائجه الوخيمة .... ومصائب الحياة التي يعيشها سكان القطاع........ يجب أن تكون البداية حلا سياسيا ....وطنيا .... وحدويا .... نختصره بالتالي :
أولا : انهاء كافة أشكال الانقسام من جذوره ..... كما انهاء تبعاته ونتائجه .... وكافة افرازاته ....وعدم القبول بها بالمطلق من خلال تمكين حكومة التوافق ....وعودة السلطة الوطنية لتنفيذ مهامها ومسئولياتها بصورة كاملة لا تتجزأ ....وبسلطات كاملة ..... من خلال قانون واحد ...ومؤسسات واحدة ..... وسلاح واحد .... وقرار وطني واحد .
ثانيا : وحدة الحالة الفلسطينية من خلال السيادة والحرية والدولة .... وعاصمتها القدس....والتي تأتي في اطار البرنامج الوطني الذي يجب العمل عليه .... من خلال كافة الجهود والطاقات الوطنية الفلسطينية ....وبدعم عربي اسلامي ...ومن خلال كافة أحرار العالم ....ومؤسساته الأممية .
ثالثا: عدم السماح بالفرقة والانقسام ...والخروج عن اطار الوحدة .... وحتى الاختلاف داخل المؤسسات الشرعية الوطنية ..... وعدم القبول بوقف مسيرة العمل الوطني تحت شعارات منفردة ....لا طائل منها.... الا اعاقة المسيرة وتحقيق الوحدة ...وانجاز مشروع المصالحة ...وترتيب النظام السياسي وتجديد الشرعيات .... وعقد المجلس الوطني دون اعاقة أو مماطلة ....وعدم السماح بالقبول بمبدأ معارضة فصيل ....لوقف مسيرة وطن وقضية .
اليوم القاهرة ....كما كانت بالأمس .... وعبر التاريخ ....ملتقي الأخوة الفلسطينيين وبرعاية مصرية كريمة ..... تدفع الي وحدة الحالة الفلسطينية .....وتحذر من مخاطر ابقاء الحال على ما هو عليه في ظل مخاطر وتحديات داخلية... وخارجية ...وفي ظل استغلال سياسي للحالة الفلسطينية ....وعدم استكمال صورتها ...ومقومات قوتها .... بما يدفع بعض الاطراف لاستغلالها لفرض أجنداتهم ....وانقاص حقوقنا .... وحتى محاولة التلاعب بنا .
مصر الحريصة ..... من منطلق دورها ومكانتها الوطنية والقومية ..... ومسئوليتها المباشرة .... عن الملف الفلسطيني ومن خلال قرار عربي ..... وحتى دون قرار... بحكم التاريخ والجغرافية ...وما يميز العلاقات المصرية الفلسطينية ...يجعل مصر على الدوام بحالة دعم ومساندة ....وتقديم النصائح .... والتأكيد على الايجابيات ..... ومحاولة التحذير من السلبيات في ظل سوء التقدير والحساب.... من بعض القوي السياسية الفلسطينية .....التي تشتد الي ماضيها ....كما يشتد البعض الاخر ....الي تحالفاته وعلاقاته ....وما قام على تعبئته لعناصره ....من مفاهيم مغلوطة .... وأفكار غير مجدية .... وتطلعات مستحيلة التحقق .
مصر بدورها المستمر والمتواصل ..... تؤكد على ضرورة اتمام المصالحة ....وانهاء كافة أشكال الانقسام .....كما التأكيد على وحدانية التمثيل ..... ووحدانية السلطة والحكومة .... بكافة المهام والمسئوليات ....وأن لا يمارس أحد دون السلطة والحكومة أي شكل من أشكال الحكم .... او السيطرة ... تحت مبررات وذرائع .... ثبت فشلها وسوء تقديرها وحسابها .
اليوم القاهرة ..... تحتضن العديد من الوفود المتحاورة ..... ولكل فصيل اسبابه ومنطلقاته .... لكننا بالمجمل.... وبالنتيجة النهائية لا نريد لأحد أن يندم ..... لأنه لا ينفع الندم ....كما لا نريد لأحد أن يسبقه القطار .... القطار يسير ....ومن ركب به سيصل .....ومن أراد الانتظار.... سيبقي منتظرا ومترقبا .... ومعارضا .... معارضة عدمية غير مجدية .....لا تخدمه ....كما لا تخدم الوطن والشعب ....وهذا ما لا نريده لأحد .
الكاتب : وفيق زنداح