ثمّة هُناك جَدلية بَين مفهُوم البِناء ومفهُوم الهَدم في الإطَار النّضَالي، وهُو ما يتبَع ذلِك مِن مَسلكيّات وانضِباطيّات تطرحُها حَركَات التّحرر بكُل مؤسّساتِها النّضالية ويتوقّف التّقدير والنّتائج على قُدرة الإطَار من تنفيذ لتلك الضّوابط مِن عَدمة والنّسبة المِئوية للإنفِلاش والترهّل والتسيّب فِي المُؤسّسة النّضالية سَواء شعبيّة أو إجتمَاعيّة او ثقافيّة أو ماليّة او أمنيّة.
بلا شَك أنّ جَميع الظّواهر السّابقة قد تُؤثر تأثيرًا قَويًا على قُدرة الإطَار مِن الإمتِثال للمَبادِئ والأهدَاف والأفكَار وما هُو مَرحلي وما هُو إستراتِيجي. جدليّة البِناء والهَدم والتّخريب قد تُصاحب أي إطَار نِضَالي، والمعَايير النّسبية هِي التي تُحدّد نَجاح التّجربة مِن عَدمها، ظَواهر وأحكَام وفَرضيّات يجب الوُقوف عَليها وعِندها، ومِن هُنا يأتي تقدِير وطَرح الفِكر الإصلَاحي او التّصحيحِي إذا دَعَا الأمرُ لذلك.
قد يأتِي الهَدم والتّخريب فِي سِياق نَهج اعتلَى مِن خِلال الظّواهر السّابقة قِمة الإطَار والقَرار بسلُوك مُمنهج عمِل زَمنًا فِي الإطَار وأصبَحَت ظَاهرة المُناضِل الإنتهَازي تُسيطر عَلى دَائرة القَرار فِي الإطَار وبذلك تنحرِف البُوصلة نَتيجة النّهج الانتِهازي وتترَاجع ظَاهرة المُناضل المِثال تَحت سَيف عِدة قَرَارات وإحبَاطَات وحِصار يتّخذها قَائد الإطَار للمُناضل الإنتهازِي.
والجَدلية بين البِناء والهَدم والتّخريب تتلخّص بمقوّمات وصِفات كُلًا ِمن المُناضِل المُنضبِط والمُناضِل الإنتهازِي.
المُناضل القُدوة:
هو المُناضل الذي تنصهِر مَصلحتُه فِي مَصلحة الإطَار مُذعِنًا عَن قنَاعة بِصَوابيّة الأهدَاف والمَرحليّات والبَرامج التي تُحقّق الإستراتيجيّة من تشكِيل الإطَار، والقُدوة والمِثال ينضبِط للإطَار فِي حُدود ما يُحقّق مَصلحة الوَطن والنّظرية ويتمتّع المُناضل القُدوة بحُسن السّيرة والسّلوك والنّمُوذج الحَي بَين الجَماهير فهُو قَريب مِن الجمَاهير والجماهير قريبةٌ مِنه.
المُناضِل الإنتهَازِي:
قَد تتعدّد صُوره وسُلوكيّاته فهُو يُجيّر الإطَار لمَصلحتِه الشّخصية وقد يَستخدم جَميع الطّرق المُباشرة والخَير مُباشرةً مِن أجل تَحقيق أهدافِه وقَد يستغلّ الإطَار إقتصاديًا ورشوة ومحسُوبية ومَسلكيّات لا أَخلاقية، يتعاَمَل مع الجَماهير بحُكم السّلطان عَلى العَبيد، ينظُر للواقِع كَواقعِه هُو وليسَ واقِع الوَطن أو مَصَالح الشّعب، تنفِر منهُ الجَماهير، قد تصمِت الجَماهير والشّعوب لحظيًا على سُلوكياتِهم ولكن قد يتعرّضُون لثورة تُطيح برُؤسهِم، قَد يُمارس العَربدة بكُل ألوانِها للحِفاظ عَلى موقِعه ولو ضحّى بمصَالح الإطَار والأهدَاف التي وُضِعت لهذا الإطار.
الجدليّة بين الهَدم والبِناء جَدليّة قائِمة ينبثِق عَنها حَركات التّصحيح والإصلاح وهِي مَعركة قد تشغَل الإطَار في مَعارك ثانويّة يتمّ فِيها تناسِي المَعركة الأسَاسيّة والتناقُض الرّئيسِي مَع الأعدَاء لينشغِل الإصلاحِيين فِي مَعارِك مَع القُوى الإنتهازيّة الثّورية قَد تطُول وتطُول تحقِيق أحلَام الشّعوب في الحُرية والبِناء المُجتمعي الإنسانِي، وبالتّالي قد ينظُر الإصلاحِيين والقُدوة إلى أنّ المَعركَة مَع الإنتهازيّة النّضالية هِي مَعركة أساسيّة لابُد مِن خَوضها للوُصُول لتحقِيق الأهدَاف ومُواجهة التّحديَات الأساسيّة من تناقُض قَائم بَين حَركَات التّحرّر وبين الإحتِلال أو الطّغاة أو الدّكتاتُوريّين الذين عَمِلوا عَلى الهدَم وترهّل الإطَار وإستخدَام الإطَار كَسَيف لقراراتِهم فِي الإقصَاء والإستبعَاد والحِصار والتنكِيل المَعنوي والمَادي بمنظُومات القُدوة النّضالية.
إذًا، جدليّة البِناء والهَدم في إطَار فَتح هِي جَدلية قَائِمة بَين الإصلاحِيين الثّوريين والنّضاليين وبَين قُوى الهَدم والتّزييف والإنتهازيّة النّضاليّة، مَعركة مُستمرّة، فلا قَواعد للإنجَاز الوَطني بعلقيّة الإنتهازِية ولابُد للإصلاحِيين والتّصحيحييّن في مَعركة تتّسِم بطُول النّفس أن يُناضلوا مِن أَجل إيقاف عَجَلة التّدهوُر فِي الإطَار وفِي البَرنامِج الوَطني وهَذا لا يأتِي إلّا بمنظُومة القُدوة والمُثل الوَطنيّة والأخلَاقية والّثورية ومَا يترتّب عَليها مِن إلتِزَامَات.
بقلم/ سميح خلف