في ذكرى استشهاد القائد القدوة خليل الوزير وعلى عتبة ذكرى استشهاد القائد البطل عبد العزيز الرنتيسي يوم الأسير الفلسطيني رحل علي عوض الجمال احد الرموز الأبرز في تاريخ الصمود الوطني الفلسطيني والذي سيبقى خالدا خلود كفاح ونضال شعبنا في سبيل الحرية والاستقلال, وللصدفة دلائلها فشهر نيسان في تاريخ كفاحنا هو شهر عظيم وقد تكون الرسالة التي أراد علي أن يرسلها لنا في هذه الأيام ونحن نختلف على المجلس الوطني وانعقاده تحمل أهمية خاصة فاختيار نيسان للرحيل تذكير بكمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار, اختيار نيسان للرحيل تذكير باجتياحات نيسان وصمود نيسان في جنين ونابلس ورفح في العام 2002م, اختيار نيسان للرحيل تذكير بعذابات وصمود وبطولة الأسرى الذي ظل علي عوض الجمال رمزا من رموز صمودهم ضاربا المثل للأجيال بصموده الأسطوري.
قبل أن ينعقد المجلس الوطني قرر المناضل الأبرز في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية أن يختتم أعماله على طريقته وهو يرحل عن أرضنا التي باتت مرتعا لكل من هب ودب من الأعداء وباتت التجارة بقضيتنا وشعبنا لا تتوقف عند حد وصار اسم القدس عنوانا لمسميات لا علاقة لها بالفعل الذي انتمى إليه علي عوض الجمال وخليل الوزير وياسر عرفات واحمد ياسين وفتحي الشقاقي والرنتيسي وأبو علي مصطفى وعمر القاسم والقائمة لا نهاية لها أبدا ولم تنتهي بعد ولا يبدو أنها ستنتهي قريبا ولذا جاء رحيل علي قبيل انعقاد المجلس وكان لجنازته شكل جلسة الختام لأعمال المجلس المذكور فعلى ارض المقبرة الغربية في جنين اجتمع الكل الفلسطيني وتحدث الكل الفلسطيني موحدين متفقين بدون خلافات ولا محادثات ولا مفاوضات وأعلنوا جميعا البرنامج الوطني الفلسطيني القائم على الصمود والكفاح حتى تحرير الأرض وإقامة الدولة الوطنية الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
لقد قال علي عوض الجمال بتاريخ رحيله ما أراد أن يقوله لو انه حضر أعمال المجلس الوطني الخلافي القادم وهو السؤال الأخطر في تاريخ قضيتنا _ ترى على ماذا تختلفون ؟؟_ إذا كان هدفكم جميعا هو حقوق شعبنا فأين هي أوجه الخلاف وإذا كان الخلاف على الوسيلة فقد قدمت الأيام القليلة الماضية إجابة شافية للجميع على أنهم لا يختلفون فالرئيس محمود عباس ممثلا لفتح والسلطة ومنذ زمن ليس بقليل وهو ينادي بالمقاومة الشعبية واليوم تقدم غزة ومن خلال حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب والجميع إقرارا علنيا بان المقاومة الشعبية طريقا حقيقيا للكفاح والنضال في سبيل حقوق شعبنا فعلى ماذا إذن تختلفون, ولماذا لا ينعقد على الأرض مجلسا توحيديا بدون شروط سوى شرط المقاومة والصمود أيا كانت أشكالها فالاختلاف بالرأي والوسيلة لا يلغي ولا يتناقض مع وحدة الهدف ولن تستطيع قوة في الأرض ان تمنع أحدا من المقاومة إن هو قرر ذلك, ولما لا تفتتح أعمال المجلس الوطني الفلسطيني في الأرض الخلاء أمام الأسلاك الشائكة في قطاع غزة وفي مرمى نيران قوات الاحتلال وبشهادة أطفال ونساء وشيوخ غزة وعندها لن يجرؤ احد على ان يقاطع المجلس الوطني ولن يختلف على الكفاح احد.
جنازة علي عوض الجمال كانت بالفعل الجلسة الختامية لأعمال المجلس الوطني الفلسطيني المنوي عقده قبل أن ينعقد وبالتالي فان القبول بقرارات جلسة علي عوض الجمال للمجلس الوطني والبيان الختامي لأعمال ذلك المؤتمر والتي تلاها ممثلي الفصائل المختلفة والتي صادق عليها الكل الوطني من كافة أرجاء الوطن تعتبر بديلا مقبولا لشعبنا عن انعقاد المجلس المنشود والذي يبدو انه سيكون مصدر خلاف وانشقاق جديد يضاف إلى انشقاقاتنا التي لا علاقة لها على الإطلاق بحقوق شعبنا ولا بقضيتنا ولا بمصالح شعبنا بقدر ما هي محصورة في المصالح الحزبية والخلافات الفصائلية المختلفة.
نيسان علي عوض الجمال هو درسنا الأول للتذكير بألف باء قضيتنا لمن نسي أو يكاد يتناسى فنيسان هو شهر مذبحة دير ياسين وشهر الشهيد عبد القادر الحسيني ومعركة القسطل ونيسان شهر اغتيال القادة الثلاث في بيروت وشهر اغتيال الرنتيسي وأبو جهاد ونيسان مذبحة قانا, نيسان سقوط بغداد وسيطرة الاستغوال الامبريالي على المنطقة وفتح بوابة الخراب على الوطن العربي برمته, ونيسان 2002 شهر الاجتياحات للمدن والمخيمات الفلسطينية وأبرزها مخيم جنين وأسطورة الصمود نفس المدرسة التي أسس لها البطل الراحل علي عوض الجمال, وفي نيسان 1936 كان إعلان الإضراب العام الأشهر في فلسطين ابتداء من يافا لتستجيب لها كل فلسطين إيذانا ببدء ثورة 1936م,
نيسان علي عوض الجمال هو أيضا نيسان حركة الثبات على الحقيقة " الساتياغراها " التي أعلنها غاندي في الهند سنة 1919م والتي استطاعت الانتصار على أعتى قوة امبريالية في العالم آنذاك ونيسان هو شهر ولادة وانتحار رمز العنصرية والنازية في العالم أدولف هتلر الذي ولد في في 20 نيسان 1989 وانتحر في 30 نيسان 1945م والفرق كبير بين تجربة غاندي الذي قدم للبشرية طريقا للحرية وهتلر الذي رسم دروبا للموت لا زالت تعيش بيننا رغم رحيله منتحرا بكل بشاعاته.
نيسان علي عوض الجمال ينبغي له أن يكون درسا للثبات على الحق والحقيقة وهو الدرس الأعظم الذي علمه لنا علي عوض الجمال والذي ينبغي له أن يكون البيان الافتتاحي والختامي الوحيد للمجلس الوطني الفلسطيني مجلسا وطنيا قائما على التوحيد على قاعدة الثبات على الحقيقة والحق والصمود عند مصالح شعبنا وحقوقه الوطنية الثابتة وعند الهدف الواحد الموحد للحرية والاستقلال ايا كانت الدروب التي نراها للوصول إلى هناك مختلفة ما دامت تستلهم الثبات والصمود ومواصلة الكفاح حتى الحرية والاستقلال وليبق علي وتراث علي ومن على دربه ممن سبقوه ومن لا زالوا ملهما للكل الفلسطيني في الوحدة والثبات على الهدف الوطني للكل الفلسطيني.
بقلم/ عدنان الصباح