قطعت قيادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الطريق على كل المتشككين الذين حاولوا القول أن الشعبية وفي اللحظات الأخيرة ستحسم قرارها في المشاركة بأعمال المجلس الوطني في رام الله في الثلاثين من الشهر الجاري . هؤلاء المشككين قد ربطوا أمر مشاركة الشعبية ، أولاً ، من خلال الاحتفاظ بمقعد نائب رئيس المجلس الذي كان يشغله الشهيد القائد تيسير قبعة ، ومن زيادة كوتة عدد أعضائها سواء على لائحة الجبهة الشعبية ، أو على لائحة المشاركين من الاتحادات النقابية وحصتهم . أما ثانياً ، فقد اعتبر المشككون أن توزيع الشعبية لبيان يوضح ما أقدم عليه أبو مازن من إجراءات عقابية بحقها في وقف الحصة المالية لها ، على أن الحضور مرهون بالعودة عن تلك الإجراءات ، خصوصاً أن هناك مناضلين وكادرات وقيادات من الشعبية رواتبها تصرف من صندوق أو مترتبات السلطة والمنظمة ومن الممكن أن يلعبوا دوراً مؤثراً في دفع قيادة الجبهة الشعبية للمشاركة درأً لمنع المغامرة في مصالح هؤلاء المناضلين الذين يستفيدوا من تلك المخصصات والرواتب . وثالثاً أنها تريد أن تزيد من حصتها في السفارات الفلسطينية المنتشرة في الكثير من الدول ، أسواء من السفراء أو العاملين في تلك السفارات . ورابعاً ، أن قيادة فتح التي التقت قيادة الشعبية في القاهرة كانت متيقنة أن لديها قدرة التأثير في إقناع الشعبية العدول عن موقفها ، وتحضر أعمال المجلس العتيد .
من قرأ بإمعان ما كتبه أبو علي حسن عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية على صفحة التواصل الاجتماعي ، عليه أن يتيقن أن قرار الجبهة الشعبية من خارج كل ما أراده هؤلاء المشككون إسقاطه على مواقف قيادتها ، في أنّ المشاركة أساسها الموقف السياسي أولاً وأخيراً ، والمقصود المراجعة الشاملة لما بعد أوسلو وانتهاج سياسه مغايرة تماما تراعي فيها الثوابت الوطنيه وإنهاء المفاوضات العبثية بالراعي الأمريكي أو الرعاة الآخرين ، والإصلاح الجذري في مؤسسات م . ت. ف ، واحترام وتفعيل الشراكة السياسية والجبهوية داخل المنظمة . وإنهاء حالة الاستفراد والهيمنة . وبالتالي القيام بعملية إصلاح مالي ، وإنهاء الفساد والمفسدين . وتطوير النظام الديمقراطي في مؤسسات منظمة التحرير والمجتمع الفلسطيني . وأيضاً المطلوب مجلس وطني جديد وتوحيدي ومنتخب حيثما أمكن في الداخل والخارج ، على أن يضم كافة القوى الفلسطينية في الخارج والداخل ، ولا يستبعد أحداً ، ويعقد خارج الوطن المحتل الذي يئن تحت نير حراب الاحتلال الصهيوني . ولا يكرس انقساماً سياسياً وجغرافياً . مؤكداً أبو علي حسن أن قرار الشعبية العمل على تأجيل المجلس ارتباطاً بتحقيق هذه الأهداف وتفعيل اللجنة التحضيرية لعقد المجلس الوطني ، خاتماً كا كتبه ، أن هذا غيض من فيض ، ولا داعي لاختزال الموقف والسماح للاشاعات .
الجبهة الشعبية اتخذت قرارها من خلفية ومسؤولية وطنية خالصة ، بعيدة كل البعد عن الحسابات الضيقة والنفعية . هذا القرار المرحب به ، قد جاء في توقيت سياسي بالغ الخطورة على القضية الفلسطينية وعناوينها الوطنية ، في ظل التحدي الأخطر الذي يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارته فرضه من خلال تمرير صفقة القرن ، التي بدأ بتنفيذها في الاعتراف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال الصهيوني ، وهو يستعد من أجل نقل سفارة بلاده بالتزامن من ذكرى النكبة في الخامس عشر من أيار القادم ، وبالتالي العمل الدؤوب على إسقاط حق العودة وملف اللاجئين عبر إنهاء منظمة الانروا اشاهد الحي على نكبة شعبنا في 15 أيار 1948 .
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني