بأمر من رئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس ، وبتوصيات مستشاريه وفريقه السياسي ، وبتخريجة من التنفيذية المنتهية ولايتها ، والمغادرة في جزء كبير من أعضائها ، إما إقصاءً وتعسفاً أو وفاةً ومرضاً ، ستنعقد دورة المجلس الوطني المنتهية ولايته في الثلاثين من نيسان الجاري في رام الله ، في الضفة الغربية المحتلة ، من خارج الإجماع الوطني الفلسطيني ، الذي تم الإجماع عليه منذ أذار العام 2005 في القاهرة ، وجُدد التأكيد عليه في أيار 2011 ، وصولاً إلى اتفاق مخيم الشاطئ في نيسان 2014 ، ومن ثم اتفاق القاهرة الأخير في تشرين 2017 ، ومن قبله ما توصلت إليه اللجنة التحضيرية التي اجتمعت في بيروت في كانون الثاني 2017 ، ولقاءات موسكو آواخر كانون الثاني 2017 .
رئيس السلطة بعناده المعهود ، وبمشيئته التي لا تقبل المراجعة أو التراجع ، هل اختار توقيت عقد المجلس عن عبث ؟ ، أم أن إصراره على دعوة المجلس للإنعقاد جاء من خلفية المناكدة والمكايدة لحركة حماس المتهمة بتعطيل اتفاق المصالحة ، من خلال عدم تسهيل تمكين حكومة الدكتور رامي الحمد الله من وضع يدها بالكامل على قطاع غزة فوق الأرض وتحتها .
ليس هناك من عاقل يمكن اقناعه أن عقد المجلس يتصل بفشل المصالحة مع حركة حماس وهي المسيطرة على قطاع غزة ، ومحاولة حشرها وتعميق مأزقها نتيجة الأوضاع الحياتية والمعيشية البائسة والغير معهودة التي يعاني منها أبناء شعبنا في قطاع غزة ، الذي يئن تحت وطأة الحصار " الإسرائيلي " ، وعقوبات السلطة الفلسطينية ، الهادفة إلى إرغام حماس على القبول باشتراطات رئيس السلطة في تسليم القطاع من بابه إلى محرابه . خصوصاً أن فشل تلك المصالحة جاء في توقيت متزامن مع تحديات غير مسبوقة ومخاطر محدقة بالقضية الفلسطينية ، متمثلة ب" صفقة القرن " الأمريكية – " الإسرائيلية " المزدوجة ، والتي بدأت إدارة الرئيس ترامب تنفيذها ، مستهدفة ركيزتين أساسيتين ، الأولى الاعتراف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال الصهيوني ، والتي تجري الاستعدادات لنقل السفارة الأمريكية إليها بالتزامن مع ذكرى النكبة في الخامس عشر من شهر أيار القادم . والثانية العمل الحثيث على إسقاط حق العودة وشطب ملف اللاجئين عبر إنهاء منظمة الانروا الشاهد الحي على نكبة شعبنا في الخامس عشر من أيار عام 1948 .
إنّ إمعان رئيس السلطة المضي في عقد دورة المجلس الوطني الفلسطيني وبمن حضر ، والضرب بكل النداءات والمطالبات الداعية إلى تأجيله أو نقله خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة عرض الحائط ، إنما إنعكاس لحالة التغوّل الذي تفرضه السلطة وفريقها السياسي على المؤسسات الوطنية الفلسطينية ، بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية ، الأمر الذي سيؤدي إلى تهاوي النظام السياسي الفلسطيني .
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني