تشهد الساحة الفلسطينية الفصائلية جدلا حادا .... حول عقد المجلس الوطني ...والدائر بين قوي منظمة التحرير والمشاركين بمؤسسات المنظمة ..... أصحاب الحق بعقد واقرار موعد جلسة المجلس الوطني .....وبين القوي غير المشاركة بمؤسسات المنظمة..... وحتى لبعض القوي الصغيرة بحجمها ....وحتى بوجودها على الساحة الفلسطينية .
اى ان الجدل الدائر ليس متناغما ومنطلقا ومنسجما لأسباب واحدة ..... ولا حتى تعبيرا عن أهداف واحدة ....بل للجهات المعارضة ذرائعها التي تحاول تسويقها ....دون قناعة مرة بالمكان ....ومرة أخري بالزمان ....ومرات حول التركيبة الحالية ....وحول البرنامج ....وحول السياسة ... وحول الرئاسة ..
أسباب الاعتراض حول حصة قليلة ....والمطالبة بحصة أكبر.... والتقاسم ..... ليس هناك ما يجمع ذرائع الرافضين ....لكن هناك نسبة اكبر..... مما تجمع بين ارادة المشاركين .
المعارضة غير منتظمة ....وغير منطلقة من أسباب واحدة .... وليس لها أجندة واحدة ..... والمصالح بينها مختلفة .....لذلك كانت المعارضة ضعيفة ....وغير مؤثرة..... ولا تغير من معادلة الواقع ..... ولا حتى من موعد الانعقاد.... الذي سيتم بإرادة المشاركين ....وهم الأقوى والاكثر تماسك وقناعة بما يريدون ..... وبأهمية عقد المجلس...وعدم القبول بمبدأ تأجيله .
عقد المجلس الوطني الفلسطيني بالثلاثيين من الشهر الحالي لها أسبابها الحقيقية..... التي تفوق بقوتها.... وواقعيتها .... ومنطلقاتها .....أسباب التأجيل وذرائعه المختلفة .... والتي أصبحت محل نقد من الكثيرين..... ومحل تأييد قلة قليلة .... لها رؤيتها ...كما لها مصالحها .... كما البعض الأخر الذي يري في مكتسباته ومواقعه التي كان يشغلها..... قد اصبحت في مهب الريح .
أقول للحريصين على عقد المجلس الوطني التوحيدي ..... وهو مصطلح جميل ....وذات مذاق خاص .... وذات اخلاص غائب .... وذات توافق مغيب ..... وذات شراكة غير موجودة بالاصل ..... وتحتاج الي الكثير من الشروط والاستحقاقات والمتطلبات حتى يكون الجميع مشاركا .....وعضوا بمؤسسات منظمة التحرير ....ومن أهمها الاقرار بوحدانية التمثيل ..... والاعتراف بالبرنامج الكامل ...كما الاقرار بكافة قرارات المجالس الوطنية المتعاقبة ..... بما فيها خيار السلام ..والتسوية ...والاتفاقيات الموقعة .... حتى وان كانت دولة الكيان غير ملتزمة بتلك الاتفاقيات .... لكن الخطاب السياسي والاعلامي واستراتيجيته يجب أن تكون مؤحدة .... لمن يريدون الشراكة وعضوية المنظمة .
فالمشاركة وعضوية منظمة التحرير .....ليس عضوية بنادي رياضي ....لكنها عضوية بمنظمة لها مؤسساتها ....ولها تاريخها .... كما لها انجازاتها ...كما لها مؤسساتها وتراكم انجازاتها .... والتي لا تحتاج الي هدم .....واعادة بناء..... لكنها بحاجة الي البناء على تم بنائه ....والانجاز على ما تم انجازه .
لذا أري في بعض النقاط ما يستوجب القراءة والتمعن .... والتحليل .... حتى تكون الأمور واضحة ....وحتى لا نبقي بحالة لبس وغموض .... وجدل عقيم .... لا طائل منه .
أولا : الانقسام الأسود لا زال قائما.... فكيف يمكن بحالة انقسامية المشاركة بمجلس توحيدي ؟!.
ثانيا : حماس والجهاد الاسلامي من حقهم المشاركة والعضوية ....لكن من واجبهم الاعتراف باستحقاقات وشروط ومتطلبات عضوية منظمة التحرير .... وبالتالي فلا يحق لهم الاعتراض الا بحالة كونهم أعضاء ....وملتزمين بكافة شروط العضوية .
ثالثا : الساحة الفلسطينية فيها من التناقضات والمصالح والاجندات الداخلية والخارجية...... والتي يتعين اسقاطها امام أجندة الوطن ومصالحه العليا .
رابعا: تجديد الشرعيات مطلب وطني وديمقراطي ....ولا يجوز الوقوف على حالنا وأوضاعنا الحالية والانتظار عبر التاريخ المفتوح .... وفي ظل عدم الالتزام.... وحتى في ظل غياب ارادة الوحدة وانهاء الانقسام .....في ظل برامج متعددة وخيارات ليس لها أول من أخر .
خامسا : عادتنا وعبر تاريخنا..... مع كل اجتماع أو جلسة أو قرار او موقف تعلو الصرخات ...كما تعلو الأصوات .... والتصريحات .....وكأن المعارضين الأحرص ....والمؤيدين هم المفرطين المتخاذلين المتنازلين..... وهذا على عكس الحقيقة بحكم تاريخ طويل ...وحتى يومنا هذا .
سادسا : القادم السياسي ....كما الواقع الانقسامي ....يحتاج الي مؤسسات وقرارات ....وتجديد للشرعيات.... حتى نتمكن من الانطلاق من أرضية أقوي ....وبقرارات ذات وقوة وتأثير .
سابعا: قرارات الرئيس الامريكي ترامب وتوجهات أمريكا المنحازة والمعادية.... تحتاج الي صوت قوي من قلب مؤسسات الشرعية الفلسطينية وعلى رأسها المجلس الوطني....حتى تعي الادارة الامريكية وحليفتها دولة الكيان ....وحتى كافة المتآمرين على قضيتنا ....اننا قادرين على مواجهة المخططات وافشالها وقتلها بمهدها .
ثامنا : عملية الخلط بالأوراق وتعدد الذرائع حول أسباب المقاطعة لا تنطلي على أحد ....ولا تقنع طفل صغير ....حتى وان كان هناك ما يمكن النقد فيه.... والاعتراض عليه .... والذي لا يستدعي المقاطعة .....بل يتطلب المشاركة ..واعلاء الصوت الرافض من داخل قاعة أحمد الشقيري .
تاسعا : لو افترضنا جدلا ان الخلاف على المكان ....فهل ستسقط ذريعة التركيبة القائمة ..؟؟!! .... ام أن الذرائع واحدة والأهداف واحدة .... وبكافة الأحوال... الموقف واحد .... المقاطعة .... والنقد الجارح .... وتسويق الذرائع ؟؟!!
عاشرا : عقود طويلة ...وجلسات المجلس الوطني التي يسبقها تباين بوجهات النظر ....وفي النهاية يتم عقد المجلس وتصدر القرارات.... ويجري تنفيذها وتبدأ الاصوات بالتراجع.... حتى لا نسمع لها صوتا .
الحادي عشر : كل ما سبق سرده..... لا يعني انني ضد مجلس وطني توحيدي يجمع الكل الوطني والاسلامي ..... لكن الفارق الشاسع ما بين الشعار المرفوع..... وما بين الواقع أن هناك برامج مختلفة ...وتوجهات مغايرة ..... ووسائل متناقضة ....والاهم نوايا متضاربة ...وليس هناك اجماع على برنامج سياسي أو هدف أو وسيلة نضالية ....بل لكل فصيل برنامجه الذي يتمسك به..... وهذا ما يخالف وحدة الموقف والبرنامج والقرار..... في اطار مؤسسة جامعة وممثل شرعي ووحيد وهو منظمة التحرير الفلسطينية .
الثاني عشر : أقولها بصراحة ....أن المؤيدين لعقد المجلس الوطني أكثر تنظيما وتوافقا وتنسيقا .....من المعارضين لأسباب عديدة ...لها علاقة بأن المعارضين توجهاتهم مختلفة ....وأسباب معارضتهم مغايرة .... ومنطلقاتهم متناقضة .... وحساباتهم السياسية ومصالحهم تختلف ما بين فصيل وأخر ..... لهذا فشلوا في معارضتهم ...ولم يحسنوا خطاب المعارضة .... ووضوح أسبابه ....بينما المؤيدين لعقد المجلس ....كانوا أكثر وضوحا وثباتا وصراحة فيما يسعون لتحقيقه .
الكاتب : وفيق زنداح