كعادتي في كل صباح كنت جالسا ارتشف قهوتي على شرفة المنزل ، وأثناء ارتشافي لقهوتي شاءت الصدفة ان تمر حمامة بيضاء لم ار مثيلا لها في الجمال، فإذا بي أنادي عليها لتأتي وتجلس معي، فقالت: حسنا فأتت وجلست بجانبي وقالت: ما هو الامر الذي قمت بمناداتي من اجله لأجلس معك؟؟ فقلت لها اريد ان اتبادل اطراف الحديث معك..
فقالت لي: حسنا يا سيدي ولكن قبل ان نبدأ حديثنا.. ماذا ستقدم لي فأنا جائعة يا سيدي؟؟ فابتسمت وقلت لها: حسنا ايتها الحمامة..فنهضت وأحضرت لها طبقا من الحبوب المختلفة...
وبعد ان انتهت.. قلت لها اود ايتها الحمامة ان اوجه لك سؤالا؟
فقالت حسنا ما هو..
قلت: لماذا يطلقون عليك اسم حمامة السلام؟ ولماذا لا اراك تحملين في فمك غصن الزيتون الاخضر ؟ فضحكت ضحكة طويلة؟؟
فقلت لها: ما الذي اضحكك؟
قالت أولا: يا سيدي هم احرار بما يطلقون علي من مسميات؟
ثانيا: كيف لي أن احمل غصن الزيتون الاخضر بفمي واحلق به عاليا في السماء وأنا ارى دماء الأحرار تسيل كالأنهار ؟
فقلت لها: لكن ايتها الحمامة ها هي صورتك تملأ الصحف وأنت تحلقين بالسماء عاليا حاملة غصن الزيتون بفمك باسم السلام؟
فقالت: يا سيدي انهم يزيفون الحقائق؟؟ فنحن اسراب الحمام نرفض ان تلتصق بنا مثل هذه الالقاب والمسميات.. ولكن هناك للأسف بعضا من طيور الحمام .. ارتضت على انفسها الخنوع وقبلت ان يجعلوا منها شعارا لسلام مزيف مخادع... وهم أقلة مقابل ان يسكنوا في اقفاص ذو قضبان حديدية ملونة مفروشة ارضيتها بريش النعام ... وانتم البشر يوجد الكثير منكم ايضا سيدي ارتضوا على انفسهم ان يكونوا عبيدا لاعداءهم تحت مسميات مختلفة ومنها مسمى السلام.. ذاك السلام الذي جعل من ابناءكم لقمة سائغة للاعداء..
ثم تابعت قائلة: سيدي ما لا تعرفه عنا نحن اسراب الحمام اننا على مختلف انواعنا قد تبرأنا من أولئك ساكني الاقفاص الملونة وسنحاكمهم؟؟..فكيف لنا ان نكون حمام سلام والكون مليء بالذئاب المغتصبين... لا يا سيدي انتم ظالمين لنا... فقلت لها صدقت ايتها الحمامة...
ثم فجأة قطع حديثنا صوت طفلي الصغير ينادي يا والدي اين أنت؟؟
فقلت له: انا هنا يا ولدي اجلس على الشرفة..
فقال: سأتي لأجلس معك يا والدي.. فقلت له: اسرع فهناك من اريدك ان تتعرف عليه... فآتى مسرعا وقال حسنا من هو هذا الشخص... قلت له: ها هي انها الحمامة البيضاء... وبعد ان ألقى عليها التحية.. قال لي: لكن يا والدي انا اعرفها واعلم من تكون هذه الحمامة..
فقالت له الحمامة: كيف تعرفني وانا لم اراك من قبل؟ فقال لها: صحيح ولكن اليس انت حمامة السلام.... فقالت له: لا ايها الصغير.. انت مخطىء.. فانا لست بحمامة سلام.. انا قنبلة موقوتة بوجه اعداء السلام..
ثم وجهت حديثها لي قائلة: اعذرني سيدي فأنا مضطرة لأن احلق في السماء من جديد.. فقلت لها لك ذلك على ان تعدينني ان تأتي لزيارتي مرة اخرى؟ .. ثم قالت لولدي قبل ان تحلق بعيدا: ايها الصغير سأوجه لك نصيحة اذا ما اخذت بها ستنهض بأمتك وابناء شعبك نحو الحرية والاستقلال.. ان لا تلقي سلاحك من يدك وامض قدما انت ورفاقك لاستعادة حريتكم وانتزاعها من بين انياب الذئاب... فما اخذ بالقوة لا يسترد ايها الصغير الا بالقوة....
بقلم: حسن عجوة