المجلس الوطني ينتصر على مقاطعيه بانعقاده

بقلم: لؤي زهير المدهون

يفصلنا يومين عن موعد انعقاد الدورة الثالثة والعشرين للمجلس الوطني الفلسطيني في 30 نيسان (ابريل) الجاري تحت عنوان القدس، وحماية الشرعية الفلسطينية ، على ارض الوطن في مدينة رام الله حاضنة الثوار وحاملة لواء الثورة والحرية هو بمثابة رد الجميل لهذا المدينة التي احتضنت اخر نضالات الشهيد الخالد ياسر عرفات، وتطبيقا سياديا لقرار الامم المتحدة 19/67 للعام 2012 الذي اعترفت من خلاله الامم المتحدة بفلسطين دولة عضو مراقب ، هذا الحدث الهام كان موضع اهتمام كبير لكثير من الساسة والخبراء والمهتمين في الشأن الفلسطيني الداخلي وفي الشأن السياسي الاقليمي كما كان موضع تباين في المواقف بين الفصائل الفلسطينية  بين المؤيد والمعارض لانعقاده وكلايهما لهما الاسباب والحجج ، وبعيدا عن الحزبية الفصائلية فان قرار انعقاد المجلس الوطني هو قرار صائب يسجل للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي اتخذت قرار انعقاده في جلستها الاخيرة المنعقدة في السابع من اذار (مارس) 2018 خاصة وان قرارها جاء لحماية منظمة التحرير الفلسطينية من التآكل مع عدم اكتمال النصاب القانوني لاجتماعات اللجنة التنفيذية في حال غياب احد اعضائها وحرصا منها في نفس الوقت ضخ دماء جديدة شابة قادرة على استنهاض منظمة التحرير وتفعيل دوائرها ، وسيكتب التاريخ بأحرف من نور لفخامة الرئيس محمود عباس اصراره (رغم تعرضه لحملات انتقاد من بعض القوى) على عقد جلسة المجلس الوطني في موعدها وعلى ارض الوطن وانه لا مجال لتأجيلها مع ترك الباب مفتوحا لمن يرغب بالدخول للمنظمة واﻻعتراف بميثاقها وبرنامجها السياسي ادراكا منه ان هذه الخطوة تمثل حماية للمشروع الوطني الفلسطيني وحماية  لمنظمة التحرير الفلسطينية من الضياع والغياب واسقاط كافة المؤامرات التي تستهدف ضرب وحدة التمثيل الفلسطيني وإيجاد قيادة بديلة تتساوق مع الأهداف الاسرائيلية الامريكية  لضرب مشروعنا الوطني التحرري نحو العودة والدولة والحرية والاستقلال .

"تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن" ، حيث كانت تطلعات القيادة الفلسطينية والاخ الرئيس ابو مازن تتجه نحو جلسة للمجلس الوطني تضم ممثلي من كافة القوى السياسية بما فيهما حركتي حماس والجهاد الاسلامي تتويجا لعملية مصالحة وطنية شاملة تُنهي الانقسام استنادا لاتفاق القاهرة في 4 مايو/ ايار 2011م، وتفاهمات القاهرة في 12 أكتوبر/تشرين أول 2018 ، الا ان عدم تمكين حكومة الوفاق الوطني من القيام بمهامها ومسئولياتها تجاه غزة، ومحاولة اغتيال رئيس مجلس الوزراء، ولخطورة المرحلة وما تحمله الادارة الامريكية وحليفتها دولة الاحتلال الاسرائيلي من مشاريع تصفوية للقضية الفلسطينية كان لا بد من اتخاذ القرار بدعوة المجلس الوطني الفلسطيني للانعقاد لتحديث النظام السياسي الفلسطيني وتحفيزه وتنشيطه عبر تعزيز دور منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها ودوائرها بما فيها انتخابات المجلس المركزي، واللجنة التنفيذية ودفعها الى الامام باعتبارها قيادة الشعب الفلسطيني كله، وهي التي معول عليها أن تقود المسيرة للمستقبل من خلال تبني استراتيجية وطنية قادرة على مجابهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية، والقرارات الاخيرة التي اتخذها الرئيس الامريكي دونالد ترامب، بِشأن مَدينة القدس واعتبارها عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي ونقل السفارة الامريكية اليها ولحماية مكتسبات شعبنا وحقوقه المشروعة في العودة والحرية والاستقلال ومواجهة مخططات تصفية القضية الفلسطينية وتذويبها من خلال صفقة القرن الأمريكية .

ولعل اولى اهداف انعقاد المجلس الوطني هو الحفاظ على شرعية منظمة التحرير الفلسطينية التي خاض فيها شعبنا وعلى مدى تلك السنوات الطويلة بقيادتها كفاحا بطوليا وقدم خلالها التضحيات الجسام في النفس والمال وخاص معرك بطولية دفاعا عن وجوده وهويته وانتمائه لأمته وتمسكه بقراره الوطني المستقل هذه المنظمة التي ستبقى بمثابة البيت الفلسطيني الجامع والموحد والوطن المعنوي لشعبنا الفلسطيني والممثل الشرعي والوحيد له في كافة المحافل والميادين الدولية والاقليمية  .

كما تهدف جلسة المجلس الوطني وفق جدول اعمالها المطروح انتخاب لجنة تنفيذية جديدة قادرة على مجابهة التحديات وانتخاب مجلس مركزي جديد يتولى كامل صلاحيات المجلس الوطني علاوة على تعزيز مبدأ الشراكة الكاملة للكل الوطني والحفاظ على وحدة العمل الوطني ووضع استراتيجية سياسية فلسطينية شاملة تمثل الكل الفلسطيني وتحقق المصالح العليا لشعبنا لمواجهة المؤامرات والتحديات التي تواجه شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة ولتحقيق مشروعنا الوطني واهدافنا السامية المتمثلة بحقنا المقدس بالعودة وتقرير المصير وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وترسيخ حقيقة نضالنا باعتباره نضالاً محورياً ضد الاحتلال ومنسجماً مع ما تقره الشرعية الدولية من حقوق تجيز هذا النضال ومن مكتسبات تمخضت عنها قرارات الأمم المتحدة لصالح الشعب الفلسطيني .

وامام الظروف البالغة الحساسية والدقة من تاريخ قضيتنا الوطنية ومسيرة شعبنا نحو الحرية والاستقلال جراء السياسة الإسرائيلية العدوانية المتطرفة التي تنتهجها حكومة اليمين الإسرائيلي ، وتصاعد ممارستها الاحتلالية ضد شعبنا وحقوقه الوطنية الثابتة والمشروعة من خلال الهجمة الاستيطانية المحمومة التي تهدف إلى ابتلاع الأرض الفلسطينية وفرض الأمر الواقع  على الأرض من خلال قرارات دعم الاستيطان وتوسيعه ومنحه امتيازات إضافية وكذلك المحاولات المستمرة لفرض الواقع الاحتلالي  على مدينة القدس بهدف تهويدها وشطب هويتها الفلسطينية العربية والإسلامية وإلغاء حقنا الوطني المقدس في عاصمتنا التاريخية القدس واستمرارها في تنكرها لحل الدولتين ولحقوق شعبنا المشروعة وفرض الحصار الظالم على قطاع غزة والتي تدعمها الادارة الامريكية ومؤسساتها الرسمية بل واعلانها بشكل صاخب ومستفز بان القدس عاصمة لإسرائيل ومسعاها لإنهاء عمل وكالة الغوث وتصفية قضية اللاجئين لا يختلف اثنان على ضرورة ان تلتف الفصائل جميعها حول الرئيس ابو مازن وان تبتعد عن حزبيتها وتشارك في جلسة المجلس الوطني لتجسد مبدأ الشراكة السياسية وتعزز الوحدة الوطنية التي هي بمثابة سلاح الاقوى بيد شعبنا لمواجهة كافة المخاطر التي تهدد مشروعنا الوطني التحرري ...اليس هذا يفرض على الفصائل التي قررت ان لا تشارك في جلسات المجلس الوطني ان تبتعد عن سياسات التشكيك في قانونية جلسة المجلس الوطني والتوقف عن اعلانها المسبق بعدم اعترافها بمخرجات الجلسة لنطرح سؤالنا ما هو موقف الفصائل المعارضة لجلسة الوطني بعدم اعترافها بقرارات ومخرجات الجلسة وان كانت قرارات جلسة المجلس الوطني تؤكد على الوحدة الوطنية والشراكة السياسية ورفض صفقة القرن ووضع استراتيجية لمواجهة قرار الرئيس الامريكي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الامريكية اليها ، ماذا سيكون موقف الفصائل التي قاطعت الجلسة عندما يخرج المجلس الوطني باستراتيجية عمل تصون الحقوق وتؤكد على الثوابت وتحمي حق شعبنا في العودة وضمانة استمرارية عمل وكالة الغوث الشاهد الحي على نكبة شعبنا ومأساته ما هو موقف الفصائل المقاطعة عندما يخرج المجلس الوطني بقرار التوجه الى الامم المتحدة  لرفع مكانة دولة فلسطين من عضو مراقب الى عضو دائم كامل العضوية وتحويل رؤية الرئيس للسلام عبر إقامة مؤتمر دولي مُتعدد الأطراف  لرعاية مفاوضات جادة تلتزم بقرارات الشرعية الدولية، وتنفيذ ما يتفق عليه ضمن فترةٍ زمنيةٍ محددة، بضمانات تنفيذ أكيدة... اسئلة مشروعة لمن يقاطع جلسة الوطني واعلانه بعدم الاعتراف بمخرجاتها .. ماذا سيكون موقفهم حينذاك ؟؟!! .

كما انه من المعيب ان تقاطع فصائل فلسطينية واعضاء في المجلس الوطني جلسة المجلس الوطني تحت حجج واهية  كونه يعقد على ارض الوطن في الوقت الذي تتوافد وفود برلمانية عربية واوربية واسيوية وافريقية ومن الصين ومن كاف دول العالم الى ارض فلسطين لحضور الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني لتجسد هذه الوفود القادمة اعترافها بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس ... وهي وقفة تحتاج الى تفكير لمن قاطع الجلسة ويسعى الى عقد مؤتمرات موازية للمجلس الوطني . 

لذلك فان انعقاد المجلس الوطني في الثلاثين من  نيسان (ابريل) 2018 هو استحقاق وطني وضرورة ملحة فلم يعد مقبوﻻ أن يتم رهن انعقاده لرغبة حزب أو فصيل معين حفاظا على شرعية منظمة التحرير الفلسطينية وتمثيلها للشعب الفلسطيني وحماية للمشروع الوطني التحرري.

بقلم/ لؤي المدهون