المجلس الوطني ....الاختبار ...والخيار

بقلم: وفيق زنداح

تحت عنوان القدس ....وحماية الشرعية الفلسطينية يعقد يوم الاثنين 30 من الشهر الحالي ..... جلسة المجلس الوطني .....وما كان يجب أن نكون عليه من حالة اصطفاف وطني وحدوي ....وارادة خالصة ....ونوايا حسنة ....وعدم القبول بتبادل الاتهامات..... والتي تصل الي الحد اللامعقول ...وغير المنطقي .... والذي لا ينسجم وثقافتنا الوطنية وموروثنا الحضاري ....كما لا ينسجم وتاريخنا ومسيرة نضالنا ....وعلاقاتنا الأخوية التي يجب أن تربطنا بروابط لا انفصال فيها ....ولا فصال حولها .... كما العلاقات مع الأشقاء العرب وعلى رأسهم الشقيقة الكبري مصر ..... وعدم القبول بزجها بحالة المناكفة والفلتان الاعلامي .... والتصريحات التي تحتاج الي فلترة ...وتنقية ...ونقاء وطني ....حتى يمكن البحث فيها والتحليل حول امكانية تصديقها ....أو تأكيد أكاذيبها جملة وتفصيلا .
كما يقال هناك ما يمكن أن يصدق ...بحكم العقل والمنطق والسياق الوطني والتاريخي ....وهناك ما لا يمكن تصديقه لمعارضته كليا لحقيقة التاريخ والواقع ..... والمسار الجاري ....والاستناد لموروثنا الوطني والقومي ..... منذ عقود طويلة ....وحتى اللحظة التي نكتب فيها هذا المقال ....والذي اثبتت فيه الجبهه الديمقراطية لتحرير فلسطين أنها حريصة على المسيرة ....كما حرصها على الشرعية ..... كما حرصها على المشاركة الايجابية ....حتى في ظل نقدها واعتراضها الايجابي من داخل الأطر الرسمية والشرعية .
لست ملما وعالما .....بعلم الأمن الواسع والشامل .... ولكن بالامكان من خلال المتابعة والتحليل ...وقراءة ردود الأفعال .... التي تسهل على الكاتب أن يصدق رواية أو يكذبها ....أو أن يمرر فبركة اعلامية أو لا يمررها ..... لذا لا نقول رأيا من وجهة نظرنا .... ولا نعبر عن حقيقة كاملة ..... بل نؤشر الي ثغرات كامنة ..... وروايات منقوصة ....ومشهد يعتريه الكثير من الثغرات والتناقضات..... من خلال من تم الزج بأسمائهم أو من خلال عائلاتهم أو حتى اماكن وجودهم .
تجاربنا طويلة ومريرة ....ولا زالت الاتهامات بما ليس فينا ....وبما لم يثبته التاريخ علينا ....لا بالماضي ....ولا حتى بالحاضر ...وبالتأكيد ليس بالمستقبل .
أن يصل بنا الحال الي الحد الذي لا يطاق باطلاق الاتهامات لأجل تمرير مواقف سياسية ..... أو محاولة للتغطية على حدث وطني كبير .... ومنعطف خطير .... يتطلب منا حسم المواقف واثبات الارادة ...وتصليبها ..... والدفاع المستميت عن حقوقنا...... غير القابلة للقسمة او التناقص ....وهذا لا يمكن ان يكون على حساب قصص وروايات تصل الي حد الخيال ....وما يمكن أن يسمي بالفبركات والالغاز .... والكلمات المتقاطعة .
نحن خلال ساعات امام عقد المجلس الوطني الفلسطيني التاريخي .....برلمان الشعب الفلسطيني .... تحت عنوان القدس ...وحماية الشرعية الفلسطينية ....في ظل مشاركة فلسطينية تحقق النصاب القانوني ....وفي ظل حضور عربي دولي يزيد من حالة الفعل ...والاعتراف بمخرجات المجلس ..... وشرعيته الوطنية .... ومجمل قراراته التي ستصدر ....والتي لا بديل عنها ....ولا خيار اخر يمكن الاعتماد عليه في ظل حالتنا ..... والمناكفة التي نعيشها .
كنا نأمل بمشاركة الجميع ....وأن يتوافق الكل الوطني ....لكننا بمواقف البعض لا زلنا نعزز من ثقافة الانشقاق والانقسام ...وبث أجواء الاتهامات والاشاعات والفبركات والتي تصل الي الحد اللامعقول وطنيا ....في ظل صراع داخلي لا يعبر عن منافسة سياسية .... ولا يعبر عن خلافات ديمقراطية .... بقدر ما يعبر عن حالة عزله ...وخيار بديل لتوجهات جديدة ....لا علاقة لها بمسيرة نضال طويل ..... ونظام سياسي قائم ..... ومعترف به فلسطينينا وعربيا ...اسلاميا ودوليا .
لا يمكن أن نقبل أن يتحول الصراع مع العدو الصهيوني الغاصب لأرضنا والسالب لحقوقنا الي صراع داخلي ....واتهامات متبادلة ..... تصل بنا الي الحد الذي لا يصدق ولا يستوعب ....ولا يمكن أن يمرر .... ما بعد كل لقاء وما بعد كل اجتماع وما بعد كل مجلس ...وما بعد الأيادي المتشابكة ...والابتسامات العريضة ..... أمام عدسات التلفزة .... وما بعد المجاملات السياسية ..... التي تصل الي حد النفاق .... والتي يقابلها تصريحات عنترية تصل الي حد التمرد ....وعدم القبول بالأخر ....ونحن جميعا بسفينة واحدة ....ويجب أن نقر أن قبطانها واحد ...وأن قائدها واحد ...وأن من يسيرها ويوجهها قائد واحد على الصعيد الداخلي والخارجي ....في ظل تحديات سياسية ..... تزداد بحدتها ....وتتقدم بمكانها وزمانها ..... لتصل الي حد افتتاح سفارة أمريكا في القدس .... وحتى الي حد امكانية حضور الرئيس الامريكي لحفل افتتاح السفارة ..... ليؤكد على الانحياز والعداء الامريكي ...كما يؤكد أن حالة الفعل العربي والاسلامي والدولي ....لا زال بحالة تراخي وضعف .
ما نحن عليه ....يحتاج الي اكبر مما نحن فيه .....وأكبر مما نحن نقوله ونفعله ...ونصرح به .
حساباتنا السياسية تحتاج الي قراءة موضوعية ..... والي مراجعة شاملة ..... وليس الي حسابات ضيقة .... والي قراءة أحادية .....ولا حتى الي مراجعة ضيقة ....لا تري الا نفسها ....ولا تري ولا تسمع الا كلماتها ..... نحتاج الي نقاط فوق الحروف .....والي صراحة تصل الي الحد الذي يغضب المخطئ ....والي درجة الاتهام والمحاكمة .
فالوطن ليست لعبة نلعب بها ....والقضية ومسيرة تضحياتها ليست للتسلية ....وتحقيق المكاسب الشخصية والفصائلية ......الوطن أكبر وأشمل ....والشعب اعظم وأفضل من كل أدعياء المعرفة ....والواهمين بامتلاك ناصية الحقيقة..... والذين يجهلون..... لكنهم يكابرون .
وطننا المنقسم ..... بجزء منه ....والمحتل بالجزء الأخر ..... وبإرادة فلسطينية ...تزداد قوة وتصميما وعنادا ....سيعقد المجلس الوطني الفلسطيني بقاعة المرحوم أحمد الشقيري ....اجتماعا وطنيا .... بمرحلة حاسمة وخطيرة وأمام تحديات كبيرة ....تفوق كافة التحديات التي مررنا بها ...كما تفوق كافة الشعارات التي يمكن أن يتحجج بها الاخرين .... وحتى الذرائع التي يمكن أن يسوقونها .
جلسة المجلس الوطني التي تحتاج الي قرارات وطنية بمستوي الحدث التاريخي والتحديات القائمة والقادمة ...... مما يحتاج الي ترتيبات ومرجعيات ومؤسسات أكبر واقوي ....وأكثر فاعلية .... وهذا ما سوف يتم من خلال انتخاب لجنة تنفيذية .....وتركيبة جديدة للمجلس المركزي والوطني ...وتجديد الدماء بداخلهم .... من خلال شخصيات وازنة ....وشباب واعد ..... وكفاءات مشهود لها .
رسالة المجلس الوطني الفلسطيني يجب أن تكون واضحة وشاملة ....ومحددة الاهداف ....وتزداد بقوتها وتأثيرها رغم غياب البعض ..... العزيز علينا ....الا أنهم هكذا كان قرارهم ...والذي غيبوا به أنفسهم بفعل حساباتهم .... التي لم يوفقوا بها ...... وبحكم معادلاتهم التنظيمية التي لم تنصف قراراتهم .... وبحكم مواقفهم التي لم تكن متوازنة ....ولم تنسجم مع ظروف الواقع وتحدياته...ولا حتى مع ظروف الخارج ومخاطرة....ومع كل ذلك نحترم وجهات نظرهم .....لكننا لا نتوافق معهم بحساباتهم الضيقة ....وأخطائهم المكررة .....وحتى بتصريحاتهم التي تتجاوز السياق والديمقراطية التي يجب أن نحتكم اليها .....على اعتبار أن الاقلية يجب أن تحترم الاغلبية ....كما الأغلبية يجب ان تحترم رأي الاقلية ....لاعتبارات ديمقراطية وطنية داخلية ..... تفرض علينا .....الكثير من الصبر على بعضنا البعض ...وحتى يأتي موعد الانتخابات الديمقراطية الرئاسية والتشريعية .....والتي سيري الجميع حجمه الطبيعي ....وشعبيته .... من خلال صناديق الاقتراع ....وعندها ستكون المحاسبة الداخلية ....كما الحساب الوطني ...وضرورته .....حتى ننهي حالة الجدل ...وحتى يعرف الجميع قدر نفسه وحجمه داخل الشارع الفلسطيني .
لأنه لا يمكن الابقاء على الأوضاع الحالية ....وكأن كل فصيل يشعر نفسه ...ويعيش وهم الحقيقة الكاملة.... ويتحدث باسم الشعب والرأي العام ..... وهو لا يشكل الا نسبة ضئيلة .
فليس بالصوت المرتفع ....والمسيرات ....والمؤتمرات الصحفية ....واللقاءات التلفزيونية .... والتصريحات النارية ....يتشكل الحضور .... كما تتشكل الحقيقة ....والتي بالأصل هي غائبة عن كل قول او كلمة ....وكما يقال بالمثل ( خالف تعرف ) .
مشكلة بعض فصائلنا أنهم ما زالوا يعتبرون أنفسهم الأقدر والأكثر معرفة .... من الرأي العام الفلسطيني ....ومن كافة المحللين والمتابعين والكتاب ووسائل الاعلام .....يستندون الي من يجاملهم ....ومن يصفق لهم ....ومن يحاول الاستفادة منهم ..... ولا يستفيدون ممن يوجه النقد لهم ....وممن يعرفهم بأخطائهم ....وممن يسلط الضوء على عدم قدرتهم على قراءة الأوضاع السياسية ..... والاقتراب من الحقيقة ....وعدم افساح المجال للمضللين والمخادعين .
الكلام يحتاج الي فلترة دائمة ....ومعرفة بالحقيقة .... وتهميش للأكاذيب .
لأننا نحن نحرص علي الجميع .....ولا نريد أن نخسر أحد ....نريد أن نكسب الجميع .... وحتى نتمكن من تحقيق الانتصار على الذات أولا .... وعلى النوايا ثانيا ....وعلى الجهل ثالثا ...وحتى نخلو بذاتنا ونصلبها ....بقوة الايمان ...وارادة التحدي ....حتى نعزز من وجودها وتأثيرها ...وحتى لا نكون ورقة يسهل التلاعب بها ....لكل من أراد التسلية ...ولكل من أراد التأمر .... ولكل من أراد أن يخطط وينفذ أجنداته الخاصة .
المجلس الوطني الفلسطيني ليس أمامه الا النجاح ....وليس أمامه الا انتظار القرارات الحاسمة....وأن لا يلتفت الي الأقاويل من هنا او من هناك..... وأن يبقي الباب مفتوحا لاستيعاب المخالفين والمعارضين ....بأي صورة من الصور ....وعلى أرضية مؤسساتنا وقوانينا وأنظمتنا وبرنامجنا السياسي .
نحن نحرص على وحدتنا الوطنية ونعمل عليها ....بكل فكرنا ...وقلوبنا وارادة فعلنا .... ويجب أن يكون الجميع على ذات المستوي والقدرة والفعل .... كما نحن نحرص على استقلاليه قرارنا الوطني ....ووحدتنا الوطنية ...حرصنا على علاقاتنا القومية مع الأشقاء وخاصة مصر العربية ...وزعيمها الرئيس عبد الفتاح السيسي وما يربطنا بمصر من علاقات تاريخية ....عبر عقود طويلة لا تحتاج الي من يضيف عليها ....ولا من يؤكدها ....لأنها المثبتة بعوامل التاريخ والجغرافيا والثقافة والروابط القومية الوطنية ... والاجتماعية.
المجلس الوطني الفلسطيني الذي سيكون ناجحا ومميزا بمرحلة خطيرة وحساسة.... والذي سيشكل دافعا للمزيد من الانفتاح والحوار داخل الساحة الفلسطينية ....وحتى نطوي صفحة الانقسام الاسود ...وحتى نرتب أوضاعنا الداخلية على طريق مجلس يشارك فيه الجميع.... بصورة حقيقية وصادقة ....دون أعذار ...وذرائع .... وأسباب واهية .
الكاتب : وفيق زنداح