قطاع غزة يغرق في مستنقعات البطالة والفقر

بقلم: ماهر تيسير الطباع

يعاني قطاع غزة من إرتفاع جنوني في معدلات البطالة فمنذ الإنقسام الفلسطيني وتداعياته بفرض الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة , والمنع الكلي لعمال قطاع غزة من العمل في إسرائيل كل هذا أدى إلى إرتفاع غير مسبوق في معدلات البطالة وبحسب المؤسسات الدولية فإن معدلات البطالة في قطاع غزة تعتبر الأعلى عالميا.

و يصادف يوم غدا 1/5 عيد العمال العالمي فيحتفل العمال بجميع أنحاء العالم بهذا العيد وذلك للفت الأنظار إلى دور العمال ومعاناتهم والعمل على تأمين متطلبات عيش كريم لهم نظير جهودهم المبذولة في العمل , بينما يستقبل عمال قطاع غزة  هذه المناسبة العالمية بمزيد من الفقر و ارتفاع البطالة و غلاء المعيشة و معاناة متفاقمة , فهم لا يجدون شيء ليحتفلوا به فحالهم وما يمرون به على مدار إحدى عشر عام لا يسر عدو و لا حبيب , ومع تشديد الحصار ونتيجة لإنخفاض الإنتاجية  في كافة الأنشطة الإقتصادية أصبح القطاع الخاص في قطاع غزة غير قادر على توليد أي فرص عمل جديدة , ولا يوجد أي وظائف جديدة في القطاع العام في ظل إستمرار الإنقسام وعدم إتمام المصالحة , واصبحت فرص العمل معدومة للخرجين والشباب , حتى على صعيد المؤسسات الدولية فالعديد منها قلصت مشاريعها في قطاع غزة وإستغنت عن العديد من الكفاءات الفلسطينية والتي أصبحت بلا عمل.

وتعتبر البطالة بشكل عام و بطالة الخريجين بشكل خاص قنبلة موقوتة تهدد الاستقرار في فلسطين حيث شهد الربع الثاني من عام 2017 ارتفاع حاد في معدلات البطالة في فلسطين , حيث ارتفعت إلى 27.4% وبلغ عدد العاطلين عن العمل  377 ألف شخص , منهم حوالي 157 ألف في الضفة الغربية وحوالي 220 ألف في قطاع غزة , و ما يزال التفاوت كبيراً في معدل البطالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة حيث بلغ المعدل 43.6%  في قطاع غزة مقابل 18.1% في الضفة الغربية , وبحسب البنك الدولي فإن معدلات البطالة في قطاع غزة تعتبر الأعلى عالميا , وارتفعت معدلات البطالة بين فئة الشباب و الخريجين في قطاع غزة لتتجاوز64%.

وساهمت البطالة المتفشية في فلسطين وخصوصا في قطاع غزة بإرتفاع غير مسبوق في نسب الفقر والفقر المدقع وبحسب إعلان مركزالإحصاء الفلسطيني لمستويات المعيشة في فلسطين لعام 2017 , والتي أظهرت نتائجه أن نسب الفقر ارتفعت في العام 2017 مقارنة مع عام 2011، فقد كانت نسبة الفقراء في عام 2011 حوالي 25.8% بينما ارتفعت لتصل الى 29.2% في عام 2017، أي بارتفاع نسبته 13.2%.  كما ارتفع نسب الفقر المدقع من 12.9% عام 2011 الى 16.8% عام 2017 أي بارتفاع نسبته 30.2%.

ويعزى هذا الارتفاع، إلى ارتفاع مؤشرات الفقر بشكل ملحوظ في قطاع غزة بالرغم من انخفاضها في الضفة الغربية.

حيث أن الوضع في قطاع غزة أصبح أسوء بكثير مما كان عليه في العام 2011، فقد ارتفعت نسب الفقر في قطاع غزة بحوالي 37%، (من38.8% في العام 2011 ليصل إلى 53.0% في العام 2017). إلا أن الوضع معاكس في الضفة الغربية، حيث انخفضت مؤشرات الفقر في الضفة الغربية خلال الست سنوات الماضية، حيث انخفض الفقر في الضفة الغربية بحوالي 22% (من 17.8% للعام 2011 مقابل 13.9% للعام 2017).

كما ارتفعت نسب الفقر المدقع بين الافراد في قطاع غزة، حيث بلغت 33.8% في العام 2017 بينما كانت في العام 2011 حوالي 21.1% وبالتالي هناك ارتفاع بحوالي 60% في نسب الفقر المدقع للافراد في قطاع غزة , أما في الضفة الغربية، انخفضت نسب الفقر المدقع من 7.8% الى 5.8%، أي بانخفاض نسبته 25.6%.  الارتفاع الملحوظ في معدلات الفقر والفقر المدقع في قطاع غزة يفسر ارتفاع نسب الفقر الوطني في العام 2017.

و الآن وبعد إحدى عشر عام من الإنقسام و الحصار و الحروب المتتالية , حان الوقت لإيجاد حلول جذرية لقضية العمال و البطالة المرتفعة في قطاع غزة , فيجب مناشدة المنظمات الدولية والعربية والإسلامية للنظر إلى عمال محافظات غزة و العمل الجاد على الحد من انتشار البطالة والفقر , والمطالبة بالبدء بوضع برامج إغاثة عاجلة للعمال كذلك وضع الخطط اللازمة لإعادة تأهيل العمالة الفلسطينية حيث أن جميع العاملين في كافة القطاعات الاقتصادية المختلفة فقدوا المهارات المكتسبة و الخبرات نتيجة التوقف عن العمل  وهم بحاجة إلى إعادة تأهيل مكثفة للعودة للعمل من جديد , كما يجب العمل على فتح أسواق العمل العربية للعمال الفلسطينيين ضمن ضوابط و محددات بحيث يتم استيعاب العمال ضمن عقود لفترة محددة.

بقلم/ د. ماهر الطباع