اثنَى عَشر عامًا حَكم فِيها الرّئيس عبّاس سُلطة الحُكم الذّاتي واعدًا في بدَاية ترشِيحه لتسلّم هَذا الموقِع وهذه المُهمّة بإحدَاث إصلاحَات جذريّة في طريقَة إدارَة المِلف الوَطني داعيًا ومُصلحًا وفقيهًا في حَل ألغَاز تعثّر عمليّة السّلام مَع إسرَائيل.
مَا تعهّد به السّيد عبّاس للجُمهُور الذي انتخَبه ما يلِي:
1- تجدِيد وإصلَاح مُؤسسات مُنظمة التّحرير.
2- بِناء المُؤسّسات الفِلسطينيّة عَلى أُسس الفَصل بَين السّلطَات.
3- إعطَاء مِلف الحُريّات العَامّة إهتمامًا وأولويّة لوَجه دِيمقراطي يسُود السّاحة الفِلسطينية.
4- حَمل بَرنامج السيّد عَباس برنَامج تفاوُضِي مع الإسرائيليّين نابذًا مَا سمّاه العُنف وتحت قَرارَي مَجلس الأمن 242 و388 والمُبادرة العَربية والارتِكاز لخَارطة الطّريق الأمرِيكيّة.
رُبما من انتخَب عبّاس اليَوم قَد ندِم نَدمًا شَديدًا، ولأنّ مَا طَرحَه السّيد عبّاس لم يُحقق مِنه شَيئًا بل زادَت الأمُورتعقيدًا وتهاويًا، سَواءً على الجَانِب المُؤسّساتي الذي كَانت لبِنته الأسَاسيّة ولو بشكلٍ صُوري قد زُرَعت في الإطَارات الفِلسطينية أو فِي جَانب الحُريّات العَامّة حَيث أصبَحت الاعتقَالات السّياسِيّة واعتقَال ذَوي الرّأي والحُجة ظَاهِرة سَائدة لكُل من يُخالف الرّأي، فأصبَح السّيد عبّاس يقُود أجهِزة ترتكِز إلى مُهمّتين أسَاسيّتين، الحِفاظ عَلى نَهج السّيد عبّاس والإلتِزام بالتّنسيق الأمنِي ومَا أتَت بِه خَارطة الطّريق فِي بندَيهَا الأوّل والثَاني فَقط حَيث عطّلت إسرَائِيل بَاقي البُنود الأُخرَى.
تمّ إنتخَاب السيّد عبّاس للفَصل بينَ السّلطات وتبيّن بعد عَشر سَنوات مِن حُكمه أنّه يمتلِك كُل السّلطات سَواء في مُؤسّسات السّلطة أو مُنظمة التّحرير، لم يعُد ملتزمًا بمَا أوهَم الشّعب الفِلسطيني بِه من وُعود، فقَد فَشل في كُل المَجالات، سَواءً على المُستوى الدّاخلي والسّياسة الدّاخلية والعَلاقات الوَطنيّة أو عَلى مُستوى العَمل الخَارجي الذي اصطَدم بمَجلس الأمن.
أمّا فِي مَجال الوِحدة الوَطنيّة فأعتقِد أنّ الوَاقع يُرثى لَه الآن مِن انقسَام وتشرذُم، سَواء على مُستوى حَركة فَتح وخلافِه مَع دَحلان ومَا يُمثله هَذا التّيار مِن قَاعدة عَريضَة في فَتح ، وخِلافه مَع جَماعات تَعتنِق الكِفاح المُسلح أو فِي مَجال الانقِسام الأمنِي والسّياسي بينَه وبينَ حَماس.
فشَل السيّد عَباس في مُعالجة كَافة القَضايا التي حَتمتها المَرحلة مَا بَعد رَحيل ياسِر عَرفات، بل أصبَح الشّعب الفِلسطيني يبكِي أيّام ياسِر عَرفات والانتقَادات التي كَانت تُوجه لياسِر عَرفات بدكتاتوريّة القَرار والسّيطرة على المُؤسّسات، رُبما عبّاس ذَهب أبعَد ممّا انتقَد به ياسِر عَرفات – فرُبمَا كَان حالُ مُنظمة التّحرير أفضَل حالًا في عَهد ياسِر عَرفَات، ورُبما كَانت العَلاقات الوَطنيّة يسُودها نَوع مِن التّفاهم والإنسجَام ولو ظَهر بَعض الخِلافات على السّطح، وكَانت حَركة فتِح مُلتحمة تَحت برنامِج أبوعمّار.
ماذا فعَل السّيد عبّاس؟ وما هي إيجابيّات حُكمه؟ وسُلطته، ودكتاتوريّته على القَرار السّياسي والوَطني والاقتصَادي.
يبدُو أنّ حُكم السّيد عبّاس سيطُول ضَاربًا بالحياة الدّستُورية والتّشريعية عَرض الحَائط في وَقت تُحتّم فِيه المُرحلة عَملية تَغيير جَذريّة فِي البَرنامِج السّياسي وإعَادة الحَياة الدّيمقراطِية الانتخَابية على مُستوى الرّئاسة والتشرِيعي والمَجلس الوَطني الفِلسطيني الذي يجمَع القُوى والفصَائل الفِلسطينية فِي السّاحة، لابُد مِن هَذا التّغيير أن يحدُث لوَقف الإنهِيارات لفَترة حُكم قَادَها السّيد عبّاس في السّاحة الفِلسطينية أضفَت إنهيَارات وتحلّل للكينُونة الوَطنية الفِلسطينيّة ومِن هُنا يأتِي المدخَل لكَي يرحلُوا ويترُكوا الشّعب الفِلسطيني يُحدّد طَلائعه وقُواه الوَطنية التي تتلائَم مَع طمُوحاتِه وبمَا يتناسَب مع المُتغيّرات الإقليميّة والخَريطَة السّياسِية الفتحاويّة والوَطنيّة بشكلٍ عَام. الفِلسطينيّون يحتاجُون لفِكر غَير نمطِي وتقلِيدي فِي تناوُل أزمَاتِهم والبَحث عن حُلول لَها
سميح خلف