برأيي أن قضية تفجير موكب رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمدالله ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج قد أخذت أبعادا سياسية أكثر منها قانونية , وأصبحت القضية التي تشغل الرأي العام بكل تفاصيلها تناقش أيضا أمام الرأي العام , وهذا ما أكد عليه مؤتمر وزارة الداخلية والتي قدمته الوزارة يوم السبت الماضي أمام الرأي العام , ومن خلال هذا المؤتمر تم عرض إعترافات مباشرة من المتهمين لدى وزارة الداخلية , وأيضا بيان للناطق بإسم وزارة الداخلية , وأيضا كلمة لنائب قائد حركة حماس في قطاع غزة الدكتور خليل الحية .
وفي رأيي أن ظهور الإعترافات بشكل مباشر للناس كانت لصالح العميد بهاء بعلوشة رغم أنه المستهدف الأول بالنسبة لهذه القضية , وأنا أعتبر أن الإعترافات المباشرة أمام الرأي العام هي دليل عدم إدانة العميد بهاء بعلوشة . نحن أمام قضية أمنية خطيرة ولها تداعيات سياسية خطيرة أيضا , وعندما ننظر إليها بعمق نرى أن الأدوات التي تم إستخدامها لإدانة العميد بهاء بعلوشة هي نفسها التي قدمت دليل عدم إدانته بهذه القضية , وهذا من حسن حظ بهاء بعلوشة , لأنها لو كانت التحقيقات والإعترافات مخفية عن الرأي العام لما إستطعنا أن نثبت عد إدانته أمام الرأي العام .
إسمحوا لي أن أحول هذا المقال الى مرافعة قانونية لتوضيح ما ذكرته لكم في السياق , فنحن أمام قضية يجب أن تكون قانونية بإمتياز , لأن المتهمين سيدفعون الثمن من سمعتهم الشخصية ومكانتهم الإجتماعية وسيرتهم الذاتية , فلا يوجد أحد فوق القانون , ولهذا يجب أن يكون كل شيئ وفق القانون ولا يخرج عنه , ونحن مع أن المتهم الحقيقي ينال العقاب كان من كان .
إن الإعترافات التي تم عرضها أمام الرأي العام تؤكد أن المنفذين الذين تم قتلهم أثناء المداهمة في النصيرات , والمخططين اللذين هم بحوزة وزارة الداخلية ينتمون الى جماعة سلفية ولهم جذورهم في سيناء , وأيضا هناك نقطة في غاية الأهمية وهي أن أنس أبو خوصة عندما تأكد أنه لا يستطيع الفرار من العدالة إرتدى حزام ناسف إستعدادا لتفجير نفسه , وكان يردد بأعلى صوته كفار كفار , وهذه الطريقة لا يستخدمها المأجورون من أجهزة أمنية بل يستخدمها من يقاتل عن قناعة حسب ما يدعون , وقد إتفقت معي وزارة الداخلية بأنهم سلفيين ولكنها لم تتفق معي بأنهم يحملون أهدافا تتخطى أن يكونوا مجرد مأجورون من جهة أمنية .
وأيضا لم نسمع إسم بهاء بعلوشة يتردد على لسان أي من الإعترافات , ولا حتى على لسان حلقة الوصل بين السلفيين وجهاز المخابرات , وكل ما علمناه من الإعترافات بأن هناك شخص إسمه حيدر حمادة يقوم بإدارة هؤلاء الشباب وتوجيههم وهذا الشخص يعمل في جهاز المخابرات في مكتب بهاء بعلوشة , وحتى لم نسمع من المعترفين بأن حيدر حمادة قد ذكر إسم بهاء بعلوشة أثناء الحديث مع المجموعة السلفية , ومن هذا المنطلق نستطيع أن نقول أن بهاء بعلوشة لا وجود له في هذه الدائرة المغلقة بين السلفيين الذي يقودهم حمزة الأنصاري بتعليمات من حيدر حمادة , بالإضافة الى ذلك فلا يوجد لدا وزارة الداخلية ما يثبت بأن حيدر حمادة أصلا هو الشخص الذي يتواصل مع السلفيين , مثل تسجيل صوتي وصور ومستند رسمي مثلا , وفي حال وجود دليل بأن حيدر حمادة هو الشخص الذي يدير هؤلاء الشباب , فلا يوجد دليل قاطع بأن حيدر حمادة شخص مكلف من بهاء بعلوشة , بالإضافة الى خطاب الدكتور خليل الحية والذي لم يذكر فيه إسم بهاء بعلوشة بصفته متهم في القضية وهذا لعدم وجود الدليل القاطع , فكان خطابة بشكل عام يوحي الى أن التحقيقات لم تنتهي بعد ولا زال هناك خيوط كثيرة مفقودة , وهذه ما جعله يطلب بتحقيق فصائلي ووطني شامل لتوضيح الأمور , ولو كان لديه دليل قاطع ضد بهاء بعلوشة فلن يتردد عن ذكر إسمه أمام الرأي العام .
برأيي أن وزارة الداخلية تسرعت بزج إسم بهاء بعلوشة ضمن المتهمين قبل أن يكون دليل قاطع وواضح المعالم , فمن حق بهاء بعلوشة أن يكون بريئ لعدم كفاية الأدلة , ومن حقه أيضا أن يدافع عن إسمه كأي مواطن يعيش تحت سيادة القانون .
نحن جميعا نؤيد سيادة القانون ونؤيد الكشف عن ملابسات الجريمة , ولكن يجب أن يكون كل شيئ مدعم بأدلة قاطعة وواضحة المعالم ولا يخرج عن سياق القانون الذي يحترمه الجميع .
الكاتب الصحفي : أشرف صالح
غزة – فلسطين