البعض قد يقول بأن ابا شادي فقد عقله،ويغرد كثيراً خارج السرب او الأسراب،ولكن ندرك تماماً بانه يتوجب علينا مواجهة الحقائق،بدون شطط او تطير،وبدون دفن للرؤوس في الرمال،فالوقائع على الأرض صادمة للقوى والأحزاب.....وهي تواصل "اجترار" وترداد مقولات،فيها انشداد كبير للذات ....كما هي حال ثوابتنا خطبة،مؤتمر،لقاء متلفز غير متلفز، نتحدث عن الثوابت وفي الأرض الواقع،لم يتبق من الثوابت شيء،كل شيء متحرك لم يبق من الثوابت غير القيادات المتكلسة والمتنمطة،لا تجديد لدينا لا في الفكر ولا في السلوك ولا في القيادة ...ولا حتى محاسبات او مساءلات،اوسلو دمرنا كشعب وقضية ومجتمع وحقوق،ولا احد يريد ان يعترف بالحقيقة،والحمد الله انه بعد خمسة وعشرين عاماً جرى الإعلان عن إلغاء الفترة الإنتقالية في الدورة 23 للمجلس الوطني،ونفس القيادات التي تقودنا وقادتنا من فشل الى فشل ومن مأزق الى أخر "نسحج لها " حتى البعض في تسحيجاته اعتبرها جزء من الثوابت،ولكن ما هي الثوابت في ظل انقسام يتأبد ويتشرعن وأرض تهود ....الله أعلم.؟؟؟؟.
القيادات عند كل الدول والأحزاب التي تحترم ذاتها،والتي تفشل أو لا تحقق ما ترفعه من شعارات وما تطرحه من برامج ....تلملم اوراقها وترحل إلا في ثورتنا الفلسطينية هي تقسم،هي توحد،هي تبقى على رأس السلم القيادي،لأنها هي المبدعة والخلاقة والتاريخية والمحافظة على الحقوق والثوابت،وبدون عقلها الألمعي سيتيتم شعبنا...؟؟؟
ألم يحن الوقت لكي نمتلك الجرأة لمراجعات جدية وعميقة لكل التجربة والمسار..؟؟، مراجعات تقول انتم فشلتم وعليكم أن تتنحو،ام نستمر في الهتاف والتسحيج بغض النظر عن اللون السياسي ؟؟.
يجب علينا ان لا نستمر في تأبيد الأزمات ...وان نعتاش على التاريخ القديم وتراث ونضالات القيادات التاريخية ...نرفع شعارات كبيرة ...وما يتحقق منها في أرض الواقع الشيء القليل، ومع كل انطلاقة جديدة نقول بأن الأحداث والوقائع تثبت صحة موقفنا ورؤيتنا والتفاف الجماهير خلف نهجنا ....وبدل التقدم في تحقيق حلمنا في الحرية والإستقلال،تعصف بنا الخلافات الداخلية التي تكاد تشطب قضيتنا وتفكك مشروعنا الوطني،ونفاخر بالإنجازات المتحققة والتي بعد سبعين عاماً من الإحتلال،لم تقدمنا بوصة واحدة على طريق تحقيق حلمنا،والمصيبة والمأساة أننا ندرك تماماً بان فصائلنا تتقاتل على سلطة منزوعة الدسم،يسيطر الإحتلال على برها وبحرها وفضائها،حتى رئيسها في الضفة الغربية،قال اننا سلطة تحت بساطير الإحتلال.
احزابنا وفصائلنا تستمر في التمجيد والتغني بالتاريخ القديم،فتح اول الرصاص واول الحجارة،الجبهة الشعبية تاج اليسار وخطف الطائرات،حماس هي الأساس،خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود.
من المهم جداً احترام التاريخ والتراث والقيادات التاريخية،ولكن يجب ان لا نحولها الى أيقوانات مقدسة،أصنام تعبد،الإسترشاد بنهجها وفكرها ورؤيتها ضروري،ابقاء سيرتها وتاريخها حية في وجدان وضمير وذاكرة شعبنا مهم،ولكن علينا ان لا نكون كالماركسيين العرب،الذين نسخوا التجربة الإشتراكية وحاولوا أن يسقطوها إعتباطاً على واقعنا العربي الشرقي،بدون أي موائمة لهذا الواقع،او تجديد لهذه النظرية وتطويرها.حيث وجدنا ان الكثير من الأحزاب العربية الشيوعية اندثرت او خانت مبادءها وتنكرت لها،حتى ان البعض منها وقف الى جانب القوى الإستعمارية،كما حصل مع الحزب الشيوعي العراقي وغيره.
عقلية معظم أحزابنا إن لم يكن جميعها،هي إمتداد للعشائرية والقبلية،حتى تجد بان قيادات حزبية،في اي معركة إنتخابية،تمارس دور القائد العشائري والقبلي،وتخلح ثوبها الحزبي،حتى تتمكن من الفوز في المعركة الإنتخابية،أي يجري تقديم الإنتماء القبلي والعشائري على الإنتماء الحزبي،وهي تقدم إنتمائها الحزبي على الإنتماء الوطني.
المصيبة بان احزابنا لا تقوم بالتثقيف والتربية الوطنية،بل جل تثقيفها وتربيتها التنظيمية قائمة على أساس،انها هي صانعة الأمجاد والبطولات وغيرها لا تاريخ له ولا بطولات ولا تضحيات،وهي الممسكة بالثوابت الوطنية والمحافظة عليها،أي تربية وثقافة مغرقتين في الفئوية،والتقليل من دور الاخرين ومشاركتهم ومساهمتهم في النضال والتضحيات،لتصل الأمور حد تبادل الإتهامات والحقد على بعض والتشهير ببعضنا،بلغة وممارسة تشعرك،بأننا نحقد على بعضنا البعض اكثر من حقدنا على من يحتل أرضنا ويمارس بحقنا كل أشكال القمع والتنكيل ومصادرة الأرض وتهويدها.
إذا لم ننجح في بناء ثقافة وتربية وطنيتين،فنحن سنكون امام كوارث حقيقة،فاليوم التثقيف والتربية الحزبية،عند كل احزابنا وفصائلنا وبدرجات متفوتة تكاد تكون معدومة،وأغلب الأعضاء لا يعرفون شيئاً عن التنظيم لا فكره ولا هويته ولا موقفه السياسي،ولا حتى نظامه الداخلي،ويرددون مقولات جاهزة،من طراز "غلابة يا فتح" و"فتح اول الرصاص واول الحجارة" و" الشعبية تاج اليسار" وهيك علمنا سعدات نقتل وزراء،وهيك علمنا وديع خطف الطائرات" و" حماس هي الأساس،وخيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود..الخ" ،وليس هذا فقط بل تجد بان أي مناشطة او فعالية في إطار التنافس وحب الظهور،تغلب الرايات الحزبية على رايات الوطن،نحن بحاجة الى إعادة صياغة في التربية والثقافة والتوعية، ثقافة وتربية تحترمان الإختلاف في الرأي والموقف والتعددية الفكرية والسياسية على قاعدة الكل شريك في الوطن،وليس تربية وثقافة تقومان على الإقصاء والتهميش،ومناضل درجة اولى ومناضل درجة ثانية،وإحتكار فئوي مقيت للقرار والقيادة والوظائف العامة على قاعدة ابن التنظيم اولى من ابن الوطن،وعلى حساب المهنية والكفاءة والقدرات .
بقلم :- راسم عبيدات
القدس المحتلة – فلسطين
5/5/2018
0524533879
[email protected]