في فلسطين مخاضا عسيرا .... ولكن ماذا بعد ؟

بقلم: أكرم أبو عمرو

المتابع للحالة الفلسطينية في الوقت الراهن يلاحظ أن ثمة مخاضا عسيرا تشهده فلسطين ، ولكن ما هي نتيجة هذا المخاض هذا ما ننتظره بعيدا عن كل التوقعات والتكهنات ، ولكن بقراء سريعة لما يجري الآن على الساحة الفلسطينية ربما تضح لنا صورة المشهد الحالي وما هي الصورة التي يمكن ان توقعها فيما بعد ، منذ احدى عشر عاما والساحة السياسية الفلسطينية تشهد حالة من المد والجزر تغلبت فيه مدة الجزر كثيرا على مدة المد، حيث انعكس ذلك على القضية الفلسطينية برمتها، حيث التراجع الكبير في الساحة الدولية على الرغم من تحقيق بعض النجاحات التي لم تستثمر بالشكل الكافي لدعم هذه القضية ، كان من ابرز مظاهر المشهد الفلسطيني خلال تلك الفترة وما زالت هو حالة الانقسام الفلسطيني الذي يكاد أن يعصف بقضيتنا في ظل التغييرات المتلاحقة على الساحة الدولية وبالخصوص في منطقتنا العربية ، وما تشهده من احداث وصراعات وبروز تكتلات وتحالفات في طريقها للتبلور رابطتها الاساسية المصالح الاقليمية الوطنية، وعلى قاعدة من كان صديقا بالأمس اصبح عدوا اليوم ، ومن كان عدوا بالأمس اصبح صديقا اليوم ، انقسام فلسطيني بغيض عجزت معه جميع المحاولات المبذولة داخليا أي فلسطينيا فلسطينيا او خارجيا بمساعده او تدخل جهات عربية واجنبية احيانا ، جميع هذه المحاولات فشلت لاصطدامها بحائط البرامج الحزبية والعقائدية من جهة ولعبة الامم من جهة اخرى ، والى فترة ليست بعيدة كان الواقع الفلسطيني يقول يبقى الامر على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء الى القضاء ، ويترك الشعب الفلسطيني تائها ومتلويا من شدة الالام التي اصابته وما زالت لا تفارقه ، الا ان ثمة امور طفحت على السطح السياسي الفلسطيني تشير الى ما ذكرنا انفا ان ثمة مخاضاً عسير اً تشهده الساحة الفلسطيني وبالتأكيد فإن نتيجته هي تغييرا كبيرا لكن ما هية هذا التغير هل هو صالح ام طالح لا نستطيع التكهن الآن لكن تعالوا لاستعراض مظاهر هذا المخاض لنقترب من الصورة المتوقعة .

بعيدا عن أي سرد تاريخي لتتبع مسيرة الأحداث في فلسطين خلال الإحدى عشر سنة الماضية وهي إحدى عشر سنة عجاف في تاريخ نضالنا الوطني ، هناك ثلاثة امور على درجة كبيرة من الأهمية لا بد من التوقف عندها ولا يمكن القفز عنها وهي:

- مسألة المسئولية عن قطاع غزة ومن يقبع عليه عبء تحملها ، حركة حماس ام السلطة الوطنية الفلسطينية ، وتحمل العبء يكون بالكامل وكما تترد المقولة الشعبية " يا أشيل يا بتشيل " .

- مسألة انعقاد الدورة الثالثة و العشرين للمجلس الوطني الفلسطيني ، وما صاحبها من انتقادات فلسطينية من ثلاث جهات بالتحديد حركتي حماس والجهاد الاسلامي ، ما يعرف بالتيار الاصلاحي لحركة فتح ، والجبهة الشعبية هذا من جهة ، من جهة اخرى نتائج هذه الدورة والتي يقف على رأسها تشكيل لجنة تنفيذية جديدة .

- مسألة مسيرة العودة والتي من المتوقع بلوغ ذروتها يومي الرابع عشر والخامس عشر من مايو الحالي .

هذه هي ابعاد صور المشهد الفلسطيني الحالي ، رؤوس ثلاثة لمحراث قوي ثلاثي الرؤوس ، يقوم بحرث الارض الفلسطيني ، ثلاثة رؤوس يعمل كل راس على حرث مساره بطريقنه الخاصة في معزل عن الاخر تجعل من تقلب الارض وتفتيحها وتهويتها بشكل مضطرب وغير متناسق وهنا مكمن الخطر ومن هنا نقول انه مخاض عسير ، علينا نترقب نتائجه ، هل سيمهد الارض ويجدد خصوبتها لتعود قادرة على العطاء والنمو والتقدم ، وحتى تضح الصورة اكثر لا بد من التساؤل عن دور كل راس من رؤوس المحراث الثلاث :

مسئولية قطاع غزة اين تتجه ، خاصة ان الامور لم يحدث فيها أي تغيير ، فاذا كان الخلاف بين حركتي فتح وحماس هو خلاف في البرامج والرؤى فما زال هذا الخلاف ينعكس حتى على الامور الادارية لقطاع غزة ، فالتمكين يختلف في مفهومه بين حركتي فتح وحماس، فاذا كانت حركة حماس اعلنت انها مكنت الحكومة واعضائها من العمل وذلك بالسماح للوزراء من بممارسة مهامهم في وزاراتهم ، فان التمكين الفعلي في نظرة فتح هي عدم التمكين ومجرد دخول وخروج الوزراء الى مقرات الوزارات لا يكفي لان هناك عناصر الادارة العميقة في جميع المؤسسات وهذه جعلتها حركة حماس خلال الغترة الماضية تابعة لها ، وهذا ما يعيق عمل الوزارات من وجهة نظر حركة فتح وبالتالي فالحكومة غير ممكنة من تحمل مسئولياتها في قطاع غزة ، مشكلة كبيرة لا نتوقع زوالها بسرعة وهي نحتاج الى التدرج في حلها او بقرارت قوية قابلة للتنفيذ وهذا في اعتقادي امر صعب في هذه الظروف، والسؤال الى متى سيبقى هذا الحال.، وهنا يبرز سؤال هو ، ماهي الاسباب الحقيقة وراء قرار اعادة صرف رواتب موظفي قطاع غزة بعد انتهاء جلسات المجلس الوطني ، وهل ستتوقف عبارات التمكين الكلي او شيل او انا اشيل ، ننتظر الاجابة في الايام القادمة ربما .

مسالة المجلس الوطني ودورته الاخيرة ، وردود الافعال المعارضة لنتائجه والتصريحات المتلاحقة من قبل بعض قيادات المعرضة لنتائجه بل لإنعقاده اصلا ، والدعوة الحثيثة لانتخاب مجلس وطني جديد وربما كيان فلسطيني جديد بديلا عن منظمة التحرير ، تصريحات حادة وقوية من قبل بعض القيادات تشير الى هذا الاتجاه .

مسيرة العودة التي اثبت فيها شعبنا انه شعب معطاء لا يبخل بدماء ابناء في سبيل الارض ، عشرات الشهداء سقطوا حنى الآن والآف الجرحى ومازال المواطنون مصرون على التوجه يوميا الى حيث يستطيعون النظر الى ارضهم السليبة ، لكننا في انتظار الاقوى المتوقع في الاسبوع القادم وبالتحديد يومي 14-15من شهر مايو الحالي الذكرى السبعين للنكبة ما الذي سوف يجري ، وما هي النتائج ننتظر وان غدا لناظره قريب .

في المحصلة هنا حراك فلسطيني قوي نأمل من الله سبحانه ان ينجح شعبنا في لم شمل بعضه البعض ، بعد ان يكون قد عمل على تهيئة التربة الفلسطينية لتعيد انتاج الصمود والتصدي بالثورة والوحدة حتى يتم استرجاع الارض واعادة مكانة فلسطين ، واحباط كل مؤامرات القرن والقرون الذي سبقته .

بقلم/ أكرم أبو عمرو