الانتخابات اللبنانية في ميزان الحسابات السياسية وخياراتها

بقلم: رامز مصطفى

الانتخابات النيابية في لبنان ، وإن كانت قائمة على أساس المحاصصة الطائفية ، إلاّ أنها في مجرياتها وأبعادها ونتائجها هي انعكاس لصراع بين خيارات سياسية للمكونات الحزبية التي تشكل الطوائف في أغلب الحالات الحواضن لتلك الأحزاب من خارج القوى العلمانية .
والمعركة الانتخابية لهذا العام 2018 ، وإن اكتسبت أهميتها ، من خلفية ، اولاً أنها جاءت بعد تسع سنوات على الانتخابات الأخيرة العام 2009 ، وثانياً جاءت وفق قانون جديد ( القاعدة النسبية ) . غير أنها ومن وجهة نظري والكثيرين أنها معركة سياسية بامتياز ، وهذا ما أكدته الحملات الانتخابية التعبوية لرؤساء الكتل وتصريحاتهم ، التي طغت على مفرداتهم عبارات الشحن الطائفي والمذهبي لغايات وأهداف واستهدافات سياسية ، وصلت حممه وسمومه إلى خارج حدود لبنان ، لتطال عدد من الدول .
وأكثر من تميزّ وتصدر قائمة تلك الخطابات ، هي تلك القوى والتيارات التي تناصب المقاومة العداء ، والتي جاهرت بأعلى الصوت ، أن 6 أيار 2018 سيكون الرد على 7 أيار 2008 ، في إشارة واضحة إلى حزب الله ، وبالتالي القول لمناصريهم ومحازبيهم أن من لا ينتخبنا ، هو ينتخب حزب الله الميلشيوي ، ونظام بشار الأسد القاتل لشعبه ، ونظام الملالي في إيران ، وذلك حسب تعبيرهم وتوصيفهم .
الانتخابات بنتائجها مسألة في غاية الأهمية والخطورة ، لأن القوى الدولية والإقليمية التي وقفت وراء ضرورة التحشيد الطائفي والمذهبي والسياسي في هذه الدورة من الانتخابات البرلمانية في لبنان ، وهي التي حشدت ماكينتيها الإعلامية والمالية في هذه المعركة المفصلية ، وتعتبر من متممات المعركة أو المنازلة الكبرى التي تخوضها تلك الدول بما فيها الكيان الصهيوني ، ضد محور يمتد من إيران وسورية إلى لبنان وفلسطين . هذه الدول المستعينة بحلفائها كانت تهدف إلى كسر شوكة المقاومة وحلفائها في لبنان ، وفي أسوأ الأحوال محاصرتها ، استعداداً للخطوة التالية ، التي تعمل عليها " إسرائيل " ، وهي شن عملية عسكرية ضد المقاومة في لبنان .
نتائج الانتخابات اللبنانية في دورتها الحالية ، التي جاءت مخيبة لآمال تلك الدول وحلفائها ، بعد أن حققت المقاومة وحلفائها نجاحات واضحة سواء في عدد المقاعد ، والتنوع في مروحة حلفاء المقاومة من عموم المناطق والطوائف ، لا يمكن وضعها إلاّ في ميزان الحسابات السياسية خياراتها ، ليس في لبنان وحسب ، بل إلى العديد من عواصم القرار الدولي والإقليمي .
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني