كيف يفكر الإعلام العبري

بقلم: أشرف صالح

لاحظنا ومن خلال قراءة وسائل الإعلام العبرية أنها كثيرا من الأحيان تقزم أداء الجيش وأجهزة الأمن في إسرائيل , في الوقت الذي نلاحظ أيضا وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية تعتمد على الشعارات والهتافات للنيل من أداء الجيش والأمن في إسرائيل , ومن هنا إنقلبت الأمور الى العكس فمن الأولى أن نسمع هذه الشعارات والهتافات تخرج على لسان الإعلام العبري للتصييت والتلميع لجيشها وأجهزة أمنها , ومن يراقب الأمر جيدا يتسائل , لماذا الإعلام العبري يقزم من أداء الجيش وأجهزة الأمن في إسرائيل , وفي نفس الوقت يتحدث عن فصائل المقاومة وبالأخص حركة حماس وكأنها الجيش الذي لا يقهر؟ ولماذا الإعلام العبري يتحدث عن حركة حماس بمنطق التصييت والتلميع بالتزامن مع حالة إقصاء واضحة لجميع فصائل المقاومة في الضفة الغربية وقطاع غزة ؟

أصبح هذا الأمر ملحوظ جدا على وسائل الإعلام العبرية وخاصة في ظل مسيرات العودة , فسمعنا كثير من التصريحات العبرية تحمل حالة خوف شديدة من تداعيات مسيرة العودة , وقد صورت لنا وسائل الإعلام العبرية بأن مسيرات العودة هي طوفان سيضرب الكيان اليهودي ويقتلعه من جذوره , وأن الجيش وأجهزة الأمن حائرة في أمرها في كيفية التصدي لهذا الطوفان , وقرأنا من خلال هذه الوسائل حالة تقزيم واضحة للجيش والأمن في إسرائيل تتزامن مع حالة تلميع واضحة لمسرات العودة وتداعياتها .

هناك الكثير من قادة جيش الإحتلال والأمن في إسرائيل صرحوا عبر وسائل الإعلام العبرية وبعض وسائل الإعلام العربية أيضا بأنهم قادرين على إقتلاع المقاومة من جذورها , ومنهم من صرح بتهديدات لإغتيال قادة في المقاومة ,  ومنهم من صرح بإمكانية إحتلال غزة من جديد , ومنهم من توعد بالرد القاسى , وكثير وكثير من التصريحات على لسان القادة اليهود عبر وسائل الإعلام عبرت عن إستعراض قوة الجيش والأمن في إسرائيل , وأيضا عبرت عن حالة إستهزاء واضحة بقدرة المقاومة الفلسطينية , ولكن هذه التصريحات لا تعبر عن وسائل الإعلام العبرية , إنها تعبر عن الشخص المتحدث كونه قائد في الجيش أو في الأمن الإسرائيلي , فهناك فرق بين تصريحات قيادات الجيش عبر وسائل الإعلام وبين تقارير وسائل الإعلام نفسها , فانا أخص في هذا المقال التقارير الصادرة عن وسائل الإعلام العبرية نفسها والتي تنال دائما من معنوية الجيش والأمن في إسرائيل من خلال تضخيمها لما يجري على الساحة الفلسطينية , وأيضا كشف إخفاقات الجيش والأمن في إسرائيل .

لماذا الإعلام العبري يقزم من أداء الجيش والأمن في إسرائيل , ويضخم الأمور على الساحة الفلسطينية ؟

هل لأن بعض وسائل الإعلام العبرية تابعة لأحزاب المعارضة في إسرائيل , أم لأنها تعمل تحت بند الحريات وأخص بالذكر حرية الإعلام , أم لأنها تعمل على تحفيز الجيش وأجهزة الأمن للأداء الأمثل والأفضل , فهناك تساؤلات كثيرة تدور في عقول المراقبين عندما يقرأون كيف الإعلام العبري يقزم من أداء الجيش والأمن في إسرائيل .

برأيي أن الإعلام العبري يعتمد في هذا الموضوع على تسمين الضحية وعلفها جيدا للذبح , هذه هي الطريقة التي يفكر بها الإعلام العبري .

  الإعلام العبري يقدم للعالم أن الجيش والأمن في إسرائيل   وسيلة دفاع شرعية , وفي نفس الوقت عاجزة عن قمع الإرهاب في فلسطين على حد تعبيرهم , وهذا ما يجعل الجيش والأمن في إسرائيل هم الضحية , وفصائل الإرهاب الفلسطينية على حد تعبيرهم هم الجلاد , وهذا بحد ذاته يجعل من الأحداث على أرض الواقع مادة تتناغم مع سياسة الصحيفة سواء كانت معارضة للحكومة في إسرائيل أو مؤيدة لها .

 الإعلام العبري يقوم بتقديم المقاومة الفلسطينية أمام الرأي العام على أنها ميليشيات شرسة تستخدم كل وسائل القوة , وهذا ما يصنع المبررات للجيش لمزيد من القمع والإجرام بحق هذه الفصائل والشعب الفلسطيني .

الكاتب الصحفي : أشرف صالح

غزة – فلسطين

[email protected]