السيد مشعل وأبو عمار كنتم علي خطأ وكملها الرئيس عباس

بقلم: طلال الشريف

لم يعجبني تصريح السيد خالد مشعل حينما قال عن أبو عمار : " أنا أشهد أن هذا الرجل حين أدرك أن أوسلو وصلت إلى طريق مسدود وانقلبت عليه أميركا وإسرائيل وبعض الأطراف في المنطقة تصرف بمسؤولية راقية وانعطف إلى شعبه ووفر مظلة لانتفاضة الأقصى عام 2000".
يا سيد مشعل كان أبو عمار مخطئا حين تكتك بالاستراتيجي فأشعل انتفاضة 2000 وكانت لديه أوراق أخري أقوي من إشعال انتفاضة حولت التاريخ الفلسطيني إلي بؤس وإمتدت مضاعفاتها إلي اليوم وما وصلت إليه أحوال الشعب الفلسطيني من مأساة بسقوط حماس في فخ نصبه الجميع لها لكسر عنفوانها النضالي الذي كان مؤثرا ومربكا للإحتلال ولو إستمرت في خطها المقاوم دون الرغبة والطمع في السلطة ولو استخدم أبو عمار تكتيكا غير الانتفاضة مثل أن يعلن الدولة في حينها أو يحل السلطة في حينها سنة 2000 لما ضاع علي الشعب الفلسطيني ثمانية عشر عاما من اعلان الدولة في حينه ولكانت الأحوال في الصراع قد أتمت الاستقلال خلال هذه الاعوام بفعل النضال الفلسطيني الذي كان سيتبع إعلان الدولة متوازيا مع استمرار عمليات ونضالات حماس بالزخم السابق ولما تغير الحال الحالي لإنحدارات أضعفت المواقف الفلسطينية وجلبت الانقسام وأوصلتنا لإمكانية تصفية القضية عبر صفقة القرن.

نعم السيد مشعل كان مرتاحا في حينها لما قاله " أن أبو عمار تصرف بمسؤولية راقية وانعطف إلى شعبه ووفر مظلة لانتفاضة الأقصى عام 2000". نعم كان مشعل مرتاحا ليس لشيء بل لفشل الخط السياسي الذي أخذه أبو عمار ولكن ابو عمار أخطأ في تكتيكه بالاستراتيجي فلا أدري كيف كان أبو عمار يفهم عملية السلام فيصل لهذا التكتيك الذي أربك شعبنا وخلط الاوراق وترك العسكرة للانتفاضة فأوجد المبرر لحكومات اسرائيل بالانسحاب خطوات إلي الوراء من عملية السلام وهنا لا أقول بأن الاسرائيليين كانوا صادقين أو ملتزمين بعملية السلام أو لا يتحملون كل مسؤولية كل نتائج وأسباب إنهيار عملية السلام بل أؤكد بأنه كانت لدي أبو عمار أوراقا أكثر قوة من الانتفاصة في حينه رغم صلافة المحتل وتلاعبه بحرق الوقت دون نتائج من المفاوضات ولكانت أعلنت الدولة وسار الشعب الفلسطيني في طريق نضالي آخر أكثر نجاعة لتكريس وجود الدولة التي انتبهت لها القيادة برئاسة عباس في السنتين الاخيرتين لبرهة من الزمن ثم عادت للنوم في الصراع علي السلطة مع حماس والصراع علي النفوذ داخل حركة فتح وصار إعلان الدولة في علم الغيب وأصبحت حماس في الزاوية تدافع عن مصيرها.

إن ما جري من هذا التكتيك الخاطيء لأبو عمار والذي تبعه من تصرف خاطئ لحماس بقيادة مشعل عندما إستولت علي قطاع غزة بالقوة وطاردت السلطة المركزية المعترف بها دوليا وحين كان السيد مشعل قائدها والآمور الناهي فوصلنا إلي ماوصلنا له من تراجع فلسطيني وحين نضيف لخطأ مشعل الذي اعترف به دون نتائج ايجابية للمصالحة نضيف أخطاء الرئيس عباس وضعف الأداء في عهده وعدم إنجاز المصالحة ووصوله لحالة غريبة من فرض العقوبات علي قطاع غزة ناهيك عن الفشل الذريع والمتعمد بعدم الذهاب لتفعيل تقرير جولدستون لمحاكمة المحتل وما فعله عباس من إضعاف حركة فتح وقسمتها وتكريس المناطقية والاستزلام داخل حركة فتح وكذلك التصرف بديكتاتورية في الحكم والفرمانات والتشريع بالمراسيم والتدخل في نزاهة القضاء تصبح الحالة الفلسطينية ملهاة أخطاء مدمرة.

الواقع يؤكد أنها مرحلة من الأخطاء بدأت للراحل ياسر عرفات في خطأه التاريخي بعدم ادارة الصراع بما يصب في ادارة الصراع السياسي بأوراق أقوي من ورقة انتفاضة 2000 وامتدت الأخطاء ليقع فيها ويمارسها مشعل وحماس في الانقلاب والانقسام ويتلقفها الرئيس عباس ليواصل الأخطاء التي وصلت لفشل في ادارة سياسة البلاد داخليا وخارجيا واستئصال المعارضة في فتح ثم استئصال المعارضة في م.ت.ف وعقد مجلس وطني مزور الارادة ويكرس الانقسام ليس بين حماس وفتح وبين فتح وفتح بل الإنفسام بين فصائل منظمة التحرير نفسها .

هذه الأخطاء المتتالية لم يعترف بها مرتكبوها ولازالوا يعاندون شعبهم ويحكمونه بالحديد والنار والدولة البوليسية القمعية الشبيهة بالقرون الوسطي في شقي الوطن فكيف سينهض هذا الشعب ومازال المخطئون يقودون دون اعتراف بالخطأ أو الذهاب لبيوتهم بعيدا عن السياسة لينهض هذا الشعب الصامد الصابر والمغلوب علي أمره.

وحتي القول من السيد خالد مشعل حول علاقة حماس بالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، "جمعتني علاقة طيبة بالشهيد أبو عمار في سنواته الأخيرة". لا تخرجنا من الطين بل تزيد الطين بلة فالراحل ذهب والمقارنة إذا كان يقصد السيد مشعل مع الوضع في ظل الرئيس عباس فقد كانت بالأمس القريب لكم كلمة في المؤتمر السابع لحركة فتح وهو تأيدا واضحا لما فعله الرئيس في قسمة فتح واضعافها وغياب حقيقة عندما تكون فتح ضعيفة ومقسمة فهو ليس انتصارا لحماس بل تهديدا بضعف حماس وتقسيمها فأين ذهبنا وذهبتم وذهبت القضية إلي الآن بعد كل هذه الأخطاء التي أرهقت شعبنا؟

 

د. طلال الشريف