لتتم مواجهة التحدي بدعم صمود شعب فلسطين

بقلم: عباس الجمعة

تمر القضية الفلسطينية بمرحلة تاريخية هامة، محددها ليس فقط اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل السفارة ، بل التغيرات المرتبطة بدور الولايات المتحدة التاريخي بالقضية، أي فعلياً، انتهاء دورها كراعٍ للعملية السياسية، المرتبط بشكل أوسع بالتراجع الأمريكي على أصعدة عدة، هذا بالإضافة إلى المعلومات التي تشير انها ستطلق صفقة القرن، هذه الصفقة المرفوضة فلسطينيا لأنها تمس بالحقوق الفلسطينية.
في ظل تلك الظروف، شكلت قرارات المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الثالثة والعشرون، نقطة تحول مهمة ، بغض النظر عن الاختلاف على أقل تقدير في وجهات النظر وفي تحليل الوقائع والأحداث المتسارعة وما افرزته مسيرات العودة في قطاع غزة والتي فضحت دموية إسرائيل وهمجيتها ووحشيتها الإجرامية الأمر الذي لم يجرؤ أحد على تجاهله أو نسيانه على المستوى العربي والاسلامي والدولي.
من هنا نرى ان الموقف الفلسطيني الموحد من المقاومة الشعبية بكافة اشكالها ارتقى الى مستوى نضال الشعب الفلسطيني ، ولكن حتى اكون صريح ان القمم تتخذ القرارات التي هي بحاجة الى التطبيق العملي وخاصة امام الجرح الفلسطيني النازف، من خلال اولا وقف سياسة التطبيع مع كيان الاحتلال وعدم توجيه العداء الى إيران باعتبارها الخطر الأكبر الذي يتهدد الأمة العربية، فالجماهير العربية تعلم ان كيان الاحتلال هو العدو الاول لها ، وان الهمجية المنفلتة لقوات الاحتلال وهي تقمع التظاهرات السلمية لجماهير فلسطين، المطالبة بحقوقها الثابتة في الذكرى السبعين لنكبة العدوان الصهيوني عليها وتشريدها، يؤكد ان هذا الكيان يسعى الى تبديد الحقوق الفلسطينية والعربية بدعم من ادارة ترامب التي تنحاز بشكل سافر لكيان الاحتلال .
ان شعوب العالم والجماهير العربية، وقواها السياسية والاجتماعية، وفعالياتها ومنظماتها المدنية المختلفة، وشخصياتها الثقافية والفكرية وغيرها، لا يمكن ان تبقى تلزم الصمت ازاء هذا الاستهتار امام جرائم الاحتلال وحقوقه، وبالامم المتحدة وميثاقها وقراراتها ذات الصلة بفلسطين وقضيتها، وهذا الانتهاك الصارخ لشرعة حقوق الانسان، ولقضية الحرية والسلام في المنطقة والعالم، لا يمكن ان تبقى تتجاهل حقيقة ان هذا التعامل مع الاحتلال الذي يواصل عدوانه بفضل مواقف وقرارات ترامب المعادية للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، وبضمنها حقه الثابت في عاصمته القدس.
في ظل هذه الاوضاع يجب على المجتمع الدولي وقف العدوان والعمل على توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني وعقد مؤتمر دولي لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ، كما المطلوب من الدول العربية اعلان رفضها الممارسات الاجرامية الصهيونية وتوفير امكانيات الصمود للشعب الفلسطيني الذي يواصل نضاله من اجل حقوقه الوطنية المشروعة.
ان فلسطين هي قبلة الأحرار ، ونحن نقدر اليوم موقف الكويت في مجلس الامن كما نقدر موقف مصر بفتح معبر رفح خلال شهر رمضان ، وخاصة ان الشعب الفلسطيني يخوض معركة الكرامة العربية، معركة العودة ومعركة القدس ومعركة الارض والتي يجب ان تكون مسنودة بدعم حقيقيّ من العمق العربي والاممي .
ختاما : لتتم مواجهة هذا التحدي بدعم صمود شعب فلسطين، وبتجاوز كل الفيتوهات الأمريكية ، حتى تبقى طاقات شعبنا الفلسطيني وقدرته على العطاء بلا حدود.. فرغم المشهد الصعب ، إلا أن فلسطين تثبت يوماً بعد آخر إنها قادرة على العطاء بلا حدود، وإن مقاومتها وانتفضاتها قابلة للتجدد المرة تلو الأخرى، لأنها تغرف من نبع لا ينضب، رغم العواصف التي تهب على منطقتنا، ولا بد من استعدادات جدية لمواجهة القادم وهو بالتأكيد أعظم وأخطر مما مضى.


بقلم / عباس الجمعة

كاتب سياسي