صورة فوتوغرافية من تحت الأنقاض وركام الدمار

بقلم: علي بدوان

صورة فوتوغرافية، حصلت عليها من بين ركام ودمار الأبنية في مخيم اليرموك، وتحديداً تحت دمار دارنا الثانية في شارع الناصرة (شارع راما)، الدار التي هوت بكاملها خلال المعارك الأخيرة. الصورة الفوتوغرافية تعود لأكثر من 35 عاماً عندما كُنت في خدمة العلم ضابطاً مجنداً برتبة ملازم، وقائداً للموقع العسكري المُشكّل من سرية من قوات أجنادين (جيش التحرير الفلسطيني) ومعها طواقم مُلحقة من الجيش العربي السوري، وتحت قيادة الفرقة (...) في جبل الشيخ. الصورة أُخِذَت في موقع شرق حرمون (المرتفع 2400)، وهو موقع في الخط الثاني من جبهة جبل الشيخ، حيث كنّا نُطِلُ على قرية (راشيا الوادي) اللبنانية وقرية (رخلة) السورية ومعها (قصر بُرقش)، وهو الموقع الذي بقينا فيه تقريباً سبعة اشهر، قبل أن ننتقل الى موقع القمة الأساسية (اي المرتفع 2814) (موقع قصر الأمير شبيب التبعي) وعلى بُعدِ أمتارٍ من مواقع العدو، وبقينا هناك لفتراتٍ طويلة. الموقع إياه من اعلى المرتفعات في بلاد الشام، إذ يُشكّل مع قمة الباروك المعروفة بــ (الغرفة الفرنسية) في جبال لبنان وقمة الجرمق في فلسطين رؤوس مثلث متساوي الساقين قاعدته الضلع الواصل بين قمة جبل الشيخ وقمة الجرمق. في الصورة تظهر صور بعض أفراد سرية الموقع، وهم من أبناء شعبي وأنا بينهم، من عموم المخيمات الفلسطينية في سوريا، حيث كان اليوم الأول من عيد الفطر السعيد وكان الفصل صيفاً، ونحن نشوي اللحم، بعد أن جاء في اليوم الذي قبله دعم كبير من الطعام الطري (الخضار واللحوم) بمناسبة العيد (تحسين طعام) نقلته لنا سيارات التاترا العسكرية.  أسماء من ظهر بالصورة مازالت في ذاكرتي .... اتمنى أن يراها من ظهر بالصورة. أيام عزيزة علينا، أيام قضيناها في مطلع فتوتنا وشبابنا خدمة للوطن، لسورية وفلسطين، فزادتني ثلوج جبل الشيخ التي تساقطت علينا في شتائين متتاليين في موقع القمة ومهبط الحوامات ايماناً راسخة بوحدة الهدف والمصير، ماضٍ وحاضرٍ ومستقبل.

 

إنها بضع عشرات من الصور استطعت التقاطها وانقاذها من بين اكثر من عشرة آلاف صورة فوتوغرافية راحت تحت الدمار.

 

علي بدوان