هي لله وعلي الكوفية وإرفعوا دولتي وللحرية الحمراء والعرض والأرض وسيجار كلينتون

بقلم: طلال الشريف

وسيجار كلينتون وأين تجول من الآخر فإن الجنس في قيم المجتمع الأمريكي ليس جريمة ولا يغضب أحد وحينها لم يغضبوا من كلينتون بسبب علاقته الجنسية بفتاة التدريب لوفينسكي ولكنهم غضبوا وحاكموا ولاحقوا وطاردوا وزمجروا حد التكفير كما عندنا وعن ماذا ؟ عن الكذب يا سادة وغضبهن كان لماذا كذب الرئيس كلينتون وأنكر العلاقة؟ فالكذب هو عدم الصدق والصدق قيمة عالية جدا في ثقافة المجتمع الأمريكي ولا يجوز إنتهاكها بالكذب.

أما هي لله فهو شعار صار ملتبسا بعد الصراع علي السلطة وخراب الوطن والقضية ولايردعنا مضمون الشعار. هي لله قيمة عليا جدا تعلو ولا يعلي عليها فكيف تحولت لمصالح أرضية.

وعلي الكوفية قيمة للعمل النضالي الوطني يعبر عن رمز وتاريخ حركة فتح التي قادت النضال الوطني الفلسطيني علي مر العقود أصبحت شعار للمزايدة الكذابة الفئوية الجوفاء فما يجري علي الارض والواقع هي مصالح ثبت أنها تتعلق بالراتب وتمرير المصالح الوظيفية والهيمنة والحلم باستعادة المجد لمجموعة من الناس دون غيرهم من الآخرين رغم أن الوطن للجميع.

أما إرفعوا دولتي عالعلم والأخلاق فالعلم وحده ليس يجدي فثبت بالدليل القاطع أننا لا نرفع دولتنا ولا سلطتنا ولا مؤسياتنا التزويرية علي علم فالجاهل يقود العالم ويقوم علي تقييمه ويتقدم عليه في الوظيفة والموقع والكرسي بالفهلوة وبحزبيته المقيتة الفارغة واما الأخلاق فهذه لا أريد الحديث عنها ولا أن أحكي فيها بعد تجربة شعبنا الفاضلة بسياسييه فهي أكبر من عار حتي بتنا بدون علم ولا أخلاق ورحمك الله د. حيدر عبد الشافي

أما للحرية الحمراء باب بكل يد مدرجة تدق فأصبحت مظاهرات واحتجاجات لرواتب ومخصصات ذوي الشهداء والجرحي والاحتياجات الخاصة ومشاريع اقتصادية للهبش ولرفاهية الاحزاب ومكاتبها السياسية ولجانها المركزية العاطلين عن أي عمل ومخصصاتها من الصندوق القومي حتي دون شهداء أو جرحي فلماذا تأخذ بعض الاحزاب مخصصات لإعالة أحزاب المقاهي والكيبورات الذين لا يعملون سوي البرم والشعارات يعني بطالة ملهمش شغل ..

إلي هنا المراد ففكرة اليوم تتحدث عن القيمة الأعلي في ثقافة المجتمع ...

تتغير اهتمامات الناس علي مر الايام وتتشكل ثقافات جديدة كل ثلاثة عقود سرعان ما تمترج جزيئات من الثقافة الجديدة بالصمغ بالموروث الثقافي وتصبح جزءا من التغيير فيه وشيئا فشيئا نجد بعض التغيير وتتراجع قيم وتتقدم قيم وهنا يحدث التغيير عن الماضي وهذا يحدث في كل المجتمعات إلا المعزولة منها عن العالم وحركته وهي شعوب قليلة وللمجتمع الفلسطيني خاصية فريدة بسبب الإحتلال وعدم الاستقلال وتأخر تقرير المصير منذ سبعة عقود أي بمعني دورتين ونصف من التغيير كل ثلاثين عام في القيم.

وخلاصة القول من إعلاء القيم وترتيبها حسب تغيرات المجتمع نجد مجتمعنا الفلسطيني تتغير فيه قيم مهمة حتي تكاد تجتاح التغيرات قيم ثبتت علي مر التاريخ مع هذا الشعب المنكوب في قياداته وسياسييه ومثقفيه وأدبائه مثل قيم عليا جدا مثل العرض والارض والدفاع عن الشرف وعن الارض أي عن حياض الاسرة والعائلة وعن حياض الوطن التي كانت علي الدوام الدفاع عن الأرض والعرض ثوابت تعلو ولا تتغير ، الآن تغيرت تلك القيم واصبح الدفاع عن الحزب او الشخص أو الشركة او المشروع أو المحسن والداعم والممول قيم أكبر حتي تكاد الناس تضحي بحياتها أحيانا باسم الممول من دول ومؤسسات.

كانت الكرامة دائما قيمة عليا عند الشعب الفلسطيني بعد الحصار والعقوبات مثلا علي أهل غزة انتهكت الكرامة التي لم تتأثر في السابق قبل الحصار رغم أن الشرف والنزاهة قد تراجعت في حقبة سابقة وأكدتها تقارير دولية وكانت ظاهرة للعيان وتحولت معها سلوكيات لمجموعات نهبت وسلبت من المال العام الكثير واغتنت قطاعات المسؤولين وأتباعهم من مراكز القوي في كل حين بعد نشوء السلطة وحتي في عهد حماس حتي كانت ولازالت مطالبات بإقرار قانون من أين لك هذا ؟

وغابت المساءلة بحكم الأوضاع غير القانونية والفوضي وتعطيل المؤسسة التشريعية والتمثيلية ولا تخلو حتي تلك المؤسسات التي تقع عليها مسؤولية المحاسبة من الفساد، والفساد يعني تراجع الشرف والنزاهة إلا أن الكرامة لم تنتهك ولم يشعر بها كثير من المواطنين كما هذه الأيام مما نراه من ظاهرة الفقر والبطالة والجهل والمرض.

في النهاية أقول كان من الأولي والمنطقي والديني والاجتماعي والوطني أن يحاكم المنتهكين لكل قيمة يعليها المجتمع بشكل أسرع واكثر ردعا فإنتهاك الشرف اذا كان المجتمع يعلي هذه القيمة يدعونا لردع الظاهرة.

بإختصار شديد القيمة ذات الحساسية الأكبر إجتماعيا لابد أن يكون فيها العقاب أكثر شدة حتي لو كانت قيمة في نظر البعض تافهة مادام أجمع الناس علي إعلائها وحساسيتها ولكل مجتمع حساسية نحو قيم تختلف عن المجتمعات الاخري ولنا أن نتأمل فيما حدث مع كلينتون عندما غضب المجتمع وطارد كلينتون لأن ذاك المجتمع يعلي قيمة الصدق علي كذب الرئيس وغير الرئيس أما في مجتمعنا فالطاسة ضايعة ولا توجد محاسبة لدينا علي أي قيمة نعليها لغياب منظومة عمل وقضاء وسلوك من المسؤولين فكيف إذا كانت حياة الناس تفني ومصالحهم تتضرر ويتم التلاعب بها دون رادع وكيف يمكن أن نردع من يتلاعبون بمصير الشعب والوطن التي هي في قمة قيمنا الوطنية ويدعي الجميع حرصه عليها .. غطوني وصوتوا علي القيم وعلي وطن مذبوح من قياداته وشعب مخدر من تلقي الضربات علي رأسه من الأبناء والجيران والاصدقاء والأعداء ومن اللي بيسوي واللي ما بيسوي .. رحماك من هذا العذاب... غطوني وبلاش صوات أحسن.

 

د. طلال الشريف