السياسة والجولة ... ومقومات حرب غائبة !!!

بقلم: وفيق زنداح

من خلال العمل السياسي الذي يتقدم على الدوام على كل فعل عسكري ... والذي من خلاله يتم لجم العدوان ... وانتهاء جولة قائمة من المواجهة ... واعادة تثبيت تهدئة قائمة .. من خلال تحركات سريعه لوقف حالة التدهور ... والتي قامت بها مصر الشقيقة من خلال دورها ومكانتها ومدى تأثيرها ... وما تمتلكه مصر من حسابات سياسية متوازنة ... قائمة على معادلة الواقع ومجرياته ... كما انها قائمة على النتائج التي وصل اليها القطاع والقضية الفلسطينية برمتها ... والتي تحتاج الي تثبيت التهدئة ... وليس اشعال حرب عدوانية جديدة ... لا تتوفر لها مقومات القوة لدينا ... بصورة فاعلة .... كما لا يتوفر للعدو الصهيوني مقومات فتح جبهة جنوبية لحرب مفتوحة .... قد تؤثر بصورة او بأخرى على الالاف من الذين يسكنون بغلاف غزة .... وحتى داخل العمق الاسرائيلي ... في ظل تدهور جبهة الشمال ... وعدم توفر مقومات التهدئة بها في ظل ما يجري على الارض السورية ... وفي ظل قوى عسكرية لايران وحزب الله وللجيش العربي السوري ... والذي ترى فيهم اسرائيل عدوا لدودا ومتربصا ... ويمكن انتهاز أي فرصة سانحة لتوجيه ضربات صاروخية داخل العمق الاسرائيلي .

دولة الكيان لا تستطيع ان تفتح العديد من الجبهات العسكرية في ظل ائتلاف حكومي يميني يتأرجح ما بين الثبات والانهيار ... وفي ظل مجتمع اسرائيلي لا يستطيع ان يتحمل تبعات ونتائج حرب ... قد تحدث اضرارا كبيرة وهروبا من الشمال الى الوسط ... ومن الجنوب الى الوسط ... والذي لا يوفر الامن والامان لا لسكان الشمال ... ولا لسكان الجنوب .... ولا حتى لسكان الوسط والتجمعات السكنية بالعديد من المدن .

أي ان دولة الكيان ليست بوارد حرب جديدة .... لعدم توفر مقوماتها الكاملة .... ومناخها السياسي ... في ظل تحركات سياسية امريكية تعمل على تمرير صفقة القرن ... ما بعد نقل السفارة الامريكية للقدس .... وحالة الغضب العارمة والتي انعكست بالسلب على العلاقات الفلسطينية والعربية مع الولايات المتحدة .

من هنا فأن امكانية حرب قادمة ... ربما تكون محتملة .... اذا ما استمرت الاحوال على ما هي عليه ... واذا ما كتب على صفقة القرن عدم المرور والتطبيق ولم يتوفر السلام الاقليمي ... وحتى السلام الفلسطيني الاسرائيلي .

من هنا فأننا ربما نشهد جولات بالمواجهة بين غزة ودولة الكيان ... لكنها لا تصل الى مستوى حرب شاملة ... تمكن قوات الجيش الاسرائيلي من اعادة احتلال القطاع وعلى اعتبار هذه النتيجة العسكرية لا تحقق لاسرائيل اهدافها .... في ظل امكانية وصولها لتوجيه ضربات استباقية .... والوصول الى الاهداف التي تريدها ... وحتى لا تتحمل مسؤولية تبعات احتلالها ... وحتى تكون بمنظور المجتمع الدولي أنها قد انسحبت من القطاع ... ولن تعود لاحتلاله ... وحتى يبقى القطاع منقسما عن باقي أجزاء الوطن .... وحتى تستمر عملية الاستثمار السياسي الاسرائيلي الامريكي بان الفلسطينيين منقسمين على انفسهم ... وليسوا جاهزين لعملية تسوية سياسية وفق مفهوم حل الدولتين ... وفق الرؤية الامريكية الاسرائيلية ... واستمرار التهرب من الاتفاقيات والقرارات الاممية وموقف المجتمع الدولي بأغلبيته العظمى ... والذي يؤيد دولة فلسطينية بحدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس .

أي ان دولة الكيان بسياستها الخبيثة والواضحة وضوح الشمس .... تريد أن تبقي على الانقسام .... وفي أحسن الاحوال الابقاء على غزة وعدم وصولها الى حالة الجوع والعطش والاوبئة ... حتى لا تتهم اسرائيل .... وحتى يبقى عنوان غزة في اطار انساني واغاثي ... وليس في الاطار السياسي والوطني ... باعتبار غزة جزءا أصيلا من الوطن الفلسطيني ... كما انها جزءا أصيلا من المشروع الوطني التحرري ... وجزءا أصيلا من دولة فلسطين بعاصمتها القدس .

ما جرى حتى الان ردود فعل مقاوم.... لعدوان قائم .. وجرائم ترتكب وقتل مستمر لابناء شعبنا ... ردود الفعل تأتي في اطار حق الدفاع عن النفس .. وليس في اطار الهجوم .

من هنا فأننا يجب ان نحكم السياسة ... وان نحدد ما نريد ... وان نعرف الى اين ستكون النتائج ... لا ان نتخذ خطوة في الاطار العاطفي ... وفي اطار ردود الفعل ... لان بامكاننا ان نفعل ذلك .... لكن ليس بامكاننا ان نوقف امكانية حرب شاملة بكل نتائجها وكوارثها .... والتي لا تتوفر لنا مقومات قوتها ... ولا مقومات صمودها .

من هنا ستبقى السياسة المحكومة بميزان وطني جامع ..... هي المحرك والمحدد للخطوات ... والمصوب للتوجهات ... وهذا لا يعني بالمطلق ان نضرب دون ان نرد .... لكن علينا ايضا ان نعرف جيدا .... ان هناك من يحاول جرنا ... ومن يحاول ان يأخذنا الى مربعات المواجهة .... دون استعداد كامل ... ودون توفر مناخ شامل ... ودون توفر مقومات صمود كامل .

فنحن بالقطاع لسنا موضع تجربة جديدة ... فلقد خبرتنا اسرائيل ... كما خبرنا انفسنا بأننا شعب لا يقبل بالذل .... ولا يقبل بالهوان ... ولن يقبل بالاستسلام ... واننا على استعداد للموت جميعا .... من اجل حريتنا وكرامتنا ... الا ان هذا الموت الذي يلاحقنا ... يجب ان يكون له ثمن .... وليس تبرعا بدماء شبابنا لأجل أي اجندات ... أو اهواء او مصالح .

غزة بشعبها الابي والذي اكتسب من الخبرة الطويلة .... يدرك جيدا متى تكون المواجهة ... والتضحية والفداء ... ومتى تكون السياسة والدبلوماسية وفتح العلاقات مع الاشقاء .... وخاصة مصر الشقيقة التي لا نجد غيرها في اوقات المحن والمصاعب وحتى في اوقات العدوان .

يجب ان نعتمد السياسة ... كما نعتمد المقاومة ... وأن لا نؤخذ لجولات مواجهة ميدانية غير محسوبة العواقب ... والنتائج ... لاننا بحقيقة الامر لا نمتلك مقومات حرب شاملة ... كما ان عدونا لا يمتلك مثل تلك المقومات ... التي يمكن ان تسعفه ... وان يحقق اهدافه ... ولكن وللاسف الشديد فالعدو يحقق من الاهداف بأكثر مما نحقق ... حتى وان اجرم وقتل وارتكب من المجازر ... لانه لا زال بحالة غياب للعقاب بمستوى اجرامه .

بقلم/ وفيق زنداح