كيف نسترد ثورتنا ؟

بقلم: فادي أبو بكر

تُضاف نكبة 2018م التي أعلن عن إستراتيجيتها المجرم دونالد ترامب، وبدأ بتنفيذها القاتل بنيامين نتنياهو في مجزرة غزة إلى سلسلة المجازر التي بدأت منذ نكبة 1948م، ويوماً بعد الآخر يزداد شعبنا إحباطاً، وتزداد بلادنا عزلة عن محيطها العربي.. ذلك المحيط الذي يغرد أنظمته الرسمية بعيداً عن أي بوصلة تشير نحو القدس في مسار شق الصفوف.

لا يمكن لأي قوة أن تُخرج القدس من معادلة الحل السياسي، طالما شعبنا على الرباط مستمرون. ولكن من الواجب علينا القيام بالمزيد من العمل في سبيل استرداد ثورتنا وتحصين هويتنا الوطنية وإحياء المعادلة السياسية الفلسطينية.

 

الالتزام

الالتزام أهم عامل لترسيخ تجذرنا في أرضنا، وهو نابع من صُلب رؤيتنا التي نعمل على تحقيقها وتقوم على اعتبار كل فرد منا عنصراً أساسياً، لا بل المحرك الأبرز لعملية النهوض والنضال والتحرر.

 

تحصين المناهج الوطنية

تحصين المناهج الوطنية يمثل عامل مهم في الإبقاء على المسيرة النضالية فتية متجددة ومستمرة، وكما يقول الداعية الإسلامي علي الجفري : "يجب رضع أولادنا أن القدس أرضنا".

في الوقت الذي تهدم فيه إسرائيل مدارسنا وتقيم جامعاتها فوق أرضنا، نجد كتّاب خليجيون (المتصهينون العرب) يدافعون عن إسرائيل ويهاجمون الفلسطينيين. وفي المناهج الدراسية لبعض الدول العربية، يتم حذف السؤال الذي يناقش كيفية تحرير الأقصى؟!.

إنه لشيء جميل أن نجد مدارس للجاليات الفلسطينية في الخارج، يكون هدفها أن تبني جسراً للتواصل مع الهوية الفلسطينية بكل تجلياتها. تنفيذ هذه الفكرة سيعزز ويرسخ الشعار الذي يقول " من جيل لجيل عن العودة والقدس ما في بديل".

 

إدارة الاختلاف

هناك معارضات وطنية تستحق الاحترام، وهناك معارضات لا يمكن حتى تأطيرها في سياق الوطنية .

لا بد أن يكون هدف النقد والحوار، هو تطوير عموم الحركة الوطنية الفلسطينية، ومن المهم تشخيص النواقص والأخطاء وفق حجمها، إذ علينا جميعاً تقع مسؤولية تجنب الحدة والشخصنة، بحيث لا يتحول الموقف بسبب حوارات حادة أو اجتهادات واختلافات ومواقف فكرية وسياسية محدودة، إلى حالة عداء بين أخوة الأمس!، ثم يهمش دورهم ويجري نعتهم بشتى النعوت، بل حتى توجيه الاتهامات الحادة، لأنهم مختلفون فكرياً أو سياسياً، سواء كانوا داخل أو خارج التنظيم الحزبي أو كانوا في القيادة أم في المعارضة.

 

إنعاش المعادلة السياسية

ستبقى منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني رقم صعب في المعادلة الإقليمية والدولية ولا يمكن تجاوزها. إلا أن المعادلة السياسية الفلسطينية تبقى مشلولة بدون مشاركة فاعلة لكل المكونات. وطالما المصالحة الفلسطينية الداخلية في مرحلة استعصاء، فإن المعادلة السياسية الفلسطينية برمتها ستبقى مشلولة وفي حالة استعصاء.

بعد مسيرات العودة في غزة والمسيرات الأسبوعية في الضفة المستمرة منذ إعلان ترامب المشؤوم وحتى بعد تطبيق نقل السفارة الأمريكية إلى القدس،

بات ضروريًا لأن تطرح قضية عودة اللاجئين واستعادة الفلسطينيين أملاكهم وأراضيهم المنهوبة من المحتل وبقوة على كافة المستويات. وأن لا حل دون رحيل آخر جندي إسرائيلي عن أرضنا.

لا بد من مراجعة الأسباب التي أدت إلى انسداد الأفق السياسي، وحتى في ظل وجود شرق أوسط جديد وتحالفات لا تخدم قضيتنا، وبالرغم من أننا الطرف الأضعف في معادلة العالم السياسية، لا بد أن يبقى الشعار المرفوع مؤكد على أنه لا تنازل عن أي شبر من فلسطين التاريخية.

 

إن استمرار الممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، وعدم اعتراف إسرائيل وأمريكا بالقرارات الأممية المختلفة لا يقلل من قيمتها، بل بالإمكان تعزيز هكذا قرارات من خلال الزخم الشعبي والإعلامي والدولي المفترض عبر الانضمام إلى المزيد من المعاهدات والمنظمات الدولية. حيث أن طلبات فلسطين الانضمام إلى المعاهدات الدولية تعزز من فرص المساءلة والعزلة للاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية المساندة له.

إن المعادلة السياسية التي لا تنتج فرص عمل للشباب ولا تحقق تطلعات الشعب نحو حياة كريمة ويكون فيها "التشبيح" حاضر على حساب القانون هي معادلة فاشلة لا تستحق التجديد.

 

 

خاتمة

إن كل من الالتزام، وتحصين المناهج الوطنية، وإدارة الاختلاف، إضافة إلى إيجاد سبل لإعادة إحياء المعادلة السياسية الفلسطينية، يصب في سياق التماسك الفلسطيني وفي كيفية استرداد الثورة الفلسطينية بتجلياتها المختلفة.

في السياسة، مرحلة التماسك لا تعني بالضرورة تمالك الأعصاب. وعليه فإن تبني بديل كفاحي يتسم بالديمومة على الأرض وبشكل رسمي، يمثل ضرورة وطنية حيوية لمواجهة أي صفقات "جانبية" قد تكون قائمة مستقبلاً من شأنها إلحاق الضرر أو تصفية القضية الفلسطينية.

 

فادي قدري أبو بكر

كاتب وباحث فلسطيني [email protected]