سنبدأ من نصف الرواية لا من اولها عندما طرح الاخ الشهيد ابو جهادعلى حركة حماس الانضمام الى منظمة التحرير حينها كانت حركة الاخوان المسلمين في غزة قد شكلت حركة المقاومة الاسلامية " حماس مشاركة في الانتفاضة الاولى عام 87م بعد عدة تسميات لذراعها العسكري استقرت على تبني مصطلح " كتائب عز الدين القسام ، لم يتم التوصل الى اتفاق وكما قيل لشروط حماس ومطالبتها بنسبة قد تتجاوز ال50% من تشكيل المجلس الوطني ، هكذا كانت حساباتها وكما قدرت وجودها وفعالياتها في الانتفاضة ، لم تكن اوسلو او سلطة فلسطينية او توقيع مع الاحتلال وان كان اعلان الاستقلال في الجزائر عام 88م والناتج عن المجلس الوطني كان اعترافا 242 و 338 وبطبيعة الحال اعترافا بوجود اسرائيل على 88% من اراضي فلسطين المحتلة .
توالت العروض على حماس للدخول في النظام السياسي الفلسطيني "" منظمة التحرير " ولكن على ما يبدو في ذاك الوقت لم يكن لديها قرار بذلك وتعتقد انه لم يحن الوقت او الخارطة السياسية او برنامجها الداخلي يسمح بذلك ، بقفزة للامام تأملت حماس من الربيع العربي ان يحدث انقلابا في النظام السياسي العربي يجعلها القوة والمنظومة السياسية الممثلة للشعب الفلسطيني وبديلا عن فصائل قارب سنها للشيخوخة وحالة الترهل والانفلاش في اكبر فصيل فلسطيني يقود منظمة التحرير وهي حركة فتح وانخراط اعضائها وقياداتها في العمل في السلطة الناتجة عن اتفاق اوسلو والصراعات على المواقع والامتيازات واهمال الادبيات والتنظيم والاهتمام بتشكيلات امنية لحماية اتفاق اوسلو ،بالتأكيد ان حماس كتنظيم مؤدلج اخضع حركة فتح لدراسة معمقة وباقي الفصائل ايضا ، فاتخذت حماس مواقفها وبرنامجها بناء على ذلك .
حالة التخبط في النظام السياسي الفلسطيني لم تكن هي وليدة وجود حماس بل جعلت الحالة اكثر اتساعا ، فحالة التخبط والانقسام اول ما ظهرت في فتح وباقي الفصائل التي هي في اطار منظمة التحرير منذ النقاط العشر والحل المرحلي في عام 74 وازدادت شدة بعد الخروج من بيروت عام 83م واثناء انعقاد المجلس الوطني في عمان عام 84م وموقف الشيخ عبد الحميد السايح رئيس المجلس الوطني .
لم تكن رياح الربيع العربي كما تريد او تأملت حماس ، فسقطت خيارات الربيع العربي في مصر وتونس وسوريا واليمن وهذا يكفي لها ان تعيد حساباتها وتعيد صياغة برنامجها بوثيقتها التي اعلنت عنها وليس استنادا لميثاقها واعتبرت نفسها حركة تحرر وطني وقبلت بالحل المرحلي وبحل الدولتين وهذا اعتراف ضمني بقراري مجلس الامن 242و 338 ، وجدير بالذكر ان كلا من فتح وحماس وقعتا على اتفاق القاهرة ودخول حماس لمنظمة التحرير عبر الانتخابات والشركة مع السلطة بموجب القانون الاساسي المنبثق عن سلطة اوسلو ، وقبولها دخول الانتخابات التشريعية عام2006م والتي فازت فيها بالاغلبية البرلمانية ولذلك تعتبر نفسها على رأس الشرعية للسلطة التنفيذية للسلطة الوطنية ، حالة التناقض بين " هل السلطة نظام رئاسي ، ام برلماني "" مع دراسة معمقة لرئيس وزراء اسرائيل شارون عندما اعاد الانتشار في غزة والتي اعتبرته حماس ضغطا ونصرا للمقاومة هذا الانسحاب من غزة الذي فتح الباب على مصراعية للصراع بين قوى فتح المعبر عنها بقوى السلطة وحماس التي تريد ان تؤكد شرعيتها في السلطة وقوة اتخاذها للقرار وتنفيذه بعد ان منحها عباس فرصة تشكيل الحكومة ، لا نريد ان ندخل هنا في احداث 2007 م المؤلمة بكل مقايسها ونتائجها وان كانت كلا من فتح او حماس وقعتا في مصيدة شارون واسرائيل وامريكا ومخططاتهم لضرب البرنامج الوطني ووحدة الشعب الفلسطيني ووحدة ما تبقى من ارض الوطن والتي تشرف عليه السلطة بشكل نسبي واداري وامني ملتزم ومنضبط بخارطة الطريق وبرنامج دايتون الامني الاقتصادي ، وهذا ما تؤكده الاطروحات والمشاريع الاقليمية والدولية لتصور الحل النهائي للقضية الفلسطينية وما يروج له الان من صفقة القرن واطروحاتها ، بعض المشاريع القديمة الجديدة بخصوص الضفة وغزة واهمها اطروحات ايجال الون ومردخاي مسؤول الشؤون المدنية والوزير بنت وكوشنير وغرينبلات وسفير امريكا فريدمان في اسرائيل . قد نفهم من ذلك ان حماس التي خاضت ثلاث حروب بعد الانقسام لتحافظ على وجودها وثوابتها ولكي تؤكد لدول الاقليم والمجتمع الدولي بانها القوة التي لا يمكن استثنائها من تمثيل الشعب الفلسطيني فهي قد انشأت وباتقان مؤسسات سيادية في غزة وجيش شبه نظامي وقوى امنية فاعلة ودخلت في اتفاقيات تهدئة وهدنة عبر وسيط ثالث " مصر " مع اسرائيل ، والسلطة ليست طرفا فيها بل حاولت السلطة عبر اجراءاتها وقرارات الرئيس تقليم اظافر حماس بل اسقاطها شعبيا عن طريق استهداف مواطني غزة اقتصاديا من خلال منع الرواتب واجراءات التقاعد والكهرباء والغاز والتنقل والعلاج ، وان كان الجميع يدرك ان تلك الاجراءات استهداف جغرافي وليس استهداف حماس فقط التي تجمع الضرائب وتجد لها مصادر تمويل من دول اقليمية .
عضو المكتب السياسي لحماس موسى ابو مرزوق وفي اخر تصريحات له يقول وبتاريخ 3152018"" زمن سيطرة فتح على اطراف القضية ولى وهناك عروض مصرية اوروبية لتخفيف الحصار "" هذا التصريح ترافق مع اجتماع ثلاثي ضم وزراء الخارجية والامن في كلا من مصر والاردن والسلطة ، والذي من خلاله اكدوا على الاستمرار في مجهودات المصالحة التي ترعاها مصر تمهيدا للدخول في الحلول السياسية للقضية الفلسطينية .
اما السلطة وفتح التي يقودها عباس فحدث ولا حرج فلا شيء يذكر على تعديل برنامجها او العودة عن العقوبات على غزة بل نفس الشروط والطلبات التي لم تلاقي اتفاق مع حماس حول التمكين والرواتب والسلاح والامن ، حتى الرواتب التي وعد عباس باعادتها في مجلسه الوطني لم تنفذ وحولت للجنة لدراسة فك ازمات غزة الانسانية وكأن غزة اقليم مجاور وليس خاضع للسلطة وهنا تتقاطع النغمة مع دول الاقليم وامريكا ودول اوروبية حول البحث في ايجاد حلول انسانية لاهالي غزة ، هذه الموجه من انحراف المعايير الوطنية التي على اساسها شاركت كل الفصائل والشعب الفلسطيني في غزة في مسيرة العودة ذات المطالب الوطنية وليست الانسانية والتي خلفت منذ بدايتها ب 123 شهيدا وحوالي 14 الف جريح برصاص الاحتلال وما تؤسسه تلك المسيرة لقطف ثمار وطنية وسياسية الا ان التحول للتعامل معها انسانيا يمثل منتهى الخطورة .
لكن على ما يبدو ان المصالحة لن تنجح الا من خلال تصور اقليمي ودولي يلبي حاجيات المرحلة واطروحاتها ، واسرائيل تقرر بناء 2500 وحدة استيطانية وتمارس سفارة امريكا في القدس انشطتها والسلطة تتجه للمجتمع الدولي وخيار السلام خيار استراتيجي وتتوجه للمؤسسات الدولية ومحكمة العدل الدولية تلك المؤسسات التي لن تستطيع وضع معالجات عاجلة للشعب الفلسطيني فتلك المؤسسات قد يستغرق عملها في تلك القضايا اكثر من عقد ولا تحاسب دول بل تحاسب افراد ولذلك لن تغير من طبيعة وسلوك اسرائيل وهي استهلاك للوقت مالم يرتبط ذلك بتنفيذ مقررات المجلس المركزي اما الانتخابات فلا اعتقد انها قرار سيادي فلسطيني واطلاق المقاومة الشعبية فعليا في الضفة وتراجع قوى الامن عن مطاردة نشطائها هذا المشهد الاول ، اما المشهد الثاني في غزة فهي المقاومة السلمية العاقلة وقوى المقاومة العاقلة والتي تتقاطع مع سلمية عباس شفويا فغزة تدفع بالشهداء والجرحى وبين السلمية والتراشق المسلح الذي يحافظ على قواعد الاشتباك برعاية اقليمية مع الاحتلال وانفتاح اقتصادي نسبي لمصر عبر ميناء رفح مع غزة ، واسرائيل غير راغبة في معركة شاملة على غزة لحسابات كثيرة اهمها خسارتها في تلك المواجهة ان تمكنت من اجتياح غزة فقد يفتح ذلك اوراق الدولة الواحدة التي تؤرق اسرائيل ويهوديتها ويفشل مخططاتها لضم غالبية الضفة .
هناك حالة تخبط وصراع على النظام السياسي وعلى البرنامج ولكن اين السلطة واين حماس مما يطرح امريكيا واسرائيليا وبعض دول الاقليم ، وما هو مستقبل منظمة التحرير وما هو مستقبل فتح وحماس وكل الفصائل .....
سميح خلف