المعادلة الجديدة للمقاومة الفلسطينية

بقلم: حسام الدجني

أصدرت فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بياناً مشتركاً يوم 30/5/2018م أهم ما جاء فيه: " لقد مضى الوقت الذي يحدد فيه العدو قواعد المواجهة ومعادلات الصراع منفرداً، فالقصف بالقصف". وقد طبقت المقاومة الفلسطينية هذه المعادلة على أرض الواقع، فكلما تقصف إسرائيل ترد المقاومة الفلسطينية على الفور.

فما مدى صوابية تلك المعادلة...؟ وما هو الخيار الأمثل للمقاومة الفلسطينية في ضوء العدوان الإسرائيلي المتكرر على قطاع غزة...؟ وما هي احتمالات اندلاع حرب على قطاع غزة وفق المعادلة الجديدة...؟

أولاً: مدى صوابية المعادلة الجديدة.

منذ العدوان الصهيوني الواسع عام 2014م على قطاع غزة، والمقاومة الفلسطينية تلتزم بالتهدئة الموقعة بينها وبين الاحتلال بوساطة مصرية، إلا أن الاحتلال لم يلتزم بها ويشن بشكل متقطع الغارات تلو الغارات على مواقع المقاومة لا سيما مواقع كتائب القسام في رسالة مباشرة بأن حركة حماس تتحمل كامل المسئولية على القطاع.

إلا أن المقاومة أرادت أن تغير قواعد اللعبة، وتخلط الأوراق بالنسبة للاحتلال وبدأت سياسية القصف بالقصف والدم بالدم، وهي معادلة جديدة لوقف حالة التغول الصهيوني على قطاع غزة، وارهابه وبطشه لمسيرات العودة ذات الطابع السلمي، بما يؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي يقابل المقاومة السلمية بالقتل والاستيطان والتهويد، وعندما يحاول المجتمع الدولي إدانة الاحتلال فالفيتو الأمريكي جاهز ما دفع مندوب بوليفيا لوصف مجلس الأمن بأن منظمة دولية محتلة بالفيتو. ما سبق كان عامل مهم لتبني المقاومة لتلك المعادلة الجديدة، وهو نفس السبب الذي دفع مجلس الأمن بأن يخفق في تمرير مشروع قرار أمريكي لإدانة المقاومة المسلحة.

رغم ما سبق ورغم أهمية ترسيخ تلك المعادلة الجديدة، والتي احتضنتها الجماهير الفلسطينية، إلا أنه ينبغي على المقاومة الفلسطينية إلى الالتفات إلى المحاذير التالية:

1. نحن شعب محتل والأصل بالعلاقة مع الاحتلال هو الاشتباك بكل أشكال الاشتباك، سلمي ومسلح فكليهما مقاومة مشروعة بالقانون الدولي. والمعادلة السابقة ترسخ أن قطاع غزة دولة تكافئ من حيث القوة الاحتلال الصهيوني، وهذه مسألة ينبغي الحذر منها.

2. الحفاظ على ديمومة واستمرارية مسيرات العودة وكسر الحصار بطابعها السلمي فهي على المستوى التراكمي ترهق اسرائيل وتضرب ركائز الأمن والشرعية اللذان يشكلان عموداً فقرياً لدولة الاحتلال وبقائها.

3. تلك المعادلة قد تستفيد منها إسرائيل في جر المقاومة لحرب عسكرية تستنزف المقاومة وتقضي على مسيرات العودة وكسر الحصار.

ثانياً: الخيار الأمثل للمقاومة الفلسطينية في مواجهة العدوان.

على المقاومة الفلسطينية ترسيخ قواعد اشتباك بعيداً عن منطق الفعل ورد الفعل، أو القصف بالقصف، بل ضمن تقدير موقف قائم على تحليل البيئة الاستراتيجية المحلية والإسرائيلية والاقليمية والدولية، وبما يضمن حسابات الربح والخسارة، ويعزز من المكاسب السياسية والعسكرية، وعلى رأس كل ما سبق بما يخدم توجهات وأهداف مسيرات العودة وكسر الحصار، وثقتنا بالمقاومة كبيرة.

ثالثاً: احتمالات اندلاع حرب على قطاع غزة.

من يتتبع سلوك الاحتلال وسلوك المقاومة في الرد على العدوان يصل إلى النتيجة التالية: ما يجري هو زوبعة في فنجان، أو رسائل سياسية بنكهة عسكرية، فكلا الطرفين لا يريدان الدخول بمواجهة عسكرية مفتوحة، وربما إسرائيل تريد مواجهة محدودة تتحكم هي في إدارتها، من أجل تحقيق هدف احتواء مسيرات العودة وانهاء وجودها في قطاع غزة.

ولكن لا أحد يضمن أن لا تتدحرج كرة الثلج وتسقط إحدى القذائف وسط مجموعة بشرية، ويقع خسائر بشرية، حينها سيغلب صوت الرأي العام الضاغط للانتقام، وقد يذهب قطاع غزة لمواجهة عسكرية مفتوحة.

عامل آخر قد يجرنا باتجاه حرب مفتوحة هو انضاج اتفاق بين قطاع غزة والاحتلال من خلال طرف ثالث بموجبه يتم تخفيف الحصار أو رفعه بالكامل، وحينها تكون إسرائيل بحاجة لمبرر بموجبه تعزز من مكاسبها وتزيد من خسائر المقاومة الفلسطينية، وتذهب باتجاه عدوان جديد.

الخلاصة: لو غلبنا لغة العقل والمنطق نستطيع كفلسطينيين تفويت الفرصة على الاحتلال، كون أن فرص اندلاع حرب وفقاً للمعطيات الداخلية والخارجية ما زالت ضعيفة، والعمل على الاستمرارية في مسيرات العودة وكسر الحصار مع ضرورة تقييم المرحلة السابقة واستخلاص الدروس والعبر على قاعدة تعزيز المكاسب السياسية والاعلامية وتقليل من الخسائر البشرية.

بقلم/ د. حسام الدجني