ثمّة مَا هُو مُهم واختصارًا للتّاريخ وأطرُوحَات مُختلفَة عَن النّشأة والتصوّر والمُستقبل فإن الأُردُن مُستهدف جُغرافيًا وديمُوغرافيًا بَين الزّيادة والنّقصان والأُصُول ، واختصارًا وإيجازًا فإن الأردُن يرتبِط إرتباطًا مُباشرًا في أي تصوّر أو أطرُوحة أو مُبادرة لحَل القضيّة الفِلسطينية، كَثير مِن التصوّرات تم رَفضها مِن العَاهل الأردُني الرّاحل المَلك حسِين وتم رَفض مَا استجدّ مِنها مِن العَاهل الأردُني المَلك عَبد الله الثّاني والتي تمَس جَوهر النّظام السّياسي والديمُوغرافي والجُغرافي للأردُن وعَلى رَأس هَذا الرّفض "صَفقة القَرن وبنُودها " التي تترَاوح أُطرُوحاتها بالرّبط بَين الضّفة والأردُن او الوَطن البَديل وغَزة الكُبرى الذي رفَضته مِصر أكثَر مِن مَرة ومَا زَال الفِلسطينِيين عَبر تَجربتِهم وأنظِمتِهم السّياسية والنّضالية ترفُض هَذا التصوّر وهَذا الطّرح ، إلّا أنّ البَعض قد تهتَز ذيُولهم مَع هَذه الأطرُوحات تناغُمًا مَع مآرب الرّبيع العَربي أو مَا سُمي كَذلك فِي رَبط بَين أهدافِهم وأهدَاف أمريكَا فِي شَرق أوسَط جَديد أو ثَورة جَديدة عَلى سَايكس بيكُو أو تعدِيل فِي الأنظِمة والجُغرافيا، وقد تكُون نزعَة رَأس المَال السّياسي والوَلاء الجُغرافي العَشائري كَثقافة هِي إحدَى السّمات التي تُهدد فِعليًا استِقرار الأردُن كَنظام سِياسي وجُغرافيا وتُهدد الفِلسطينيين كمشرُوع وَطني تترَاوح مَطالبه وأهدافُه بين فِلسطين التّاريخية أو حَل الدّولتين، بالتأكِيد أن إسرَائيل تستفِيد مِن تِلك الأطرُوحات وتُغذّيها ولأنّها تصُب فِي عُمق رِوايتها التّاريخيّة المُزوّرة وتُبنى سِياسَاتها فِي الضفّة وغَزة بِناء عَلى ذَلك، فحِصار غَزة ليس هُو نتائِج لخِلاف بَين عَباس وحَماس بل هُو وبشَيء مِن العُمق يستهدِف المُكون الجِيوسِياسي لغَزة ويستهدِف شَكل الأيقُونة الفِلسطيني فِي الضّفة وغزّة.
لَو نَبشنا فِي التّاريخ سَنجِد تِلك الأطرُوحات جَديدة قَديمة يتِم اثَارتُها بَين حِين وآخَر كاستِكمَال للمشرُوع الصّهيوني وإعلان دَولته بدُون حُدود للآن، جَميع الإتفاقِيات مُنذ سَايكس بيكُو إلى كَامب ديفيد إلى وادِي عَربة إلى أوسلو هُو تطوِيع للمُتغيّر القَادم عَلى المَنطقة والتي أعلَن عَنه صَراحة ترَامب وكُوشنير وغرِينبلات الوَزير بِنت وَوزير جَيش الإحتلال ليبرمَان والدّراسات التي قدّمها مُؤتمر الأمن الإسرائيلي فِي هِرتسيليا وألحَق بِهم أطرُوحات مَردخاي وَزير الشّؤون المَدنية للمَناطق المُحتلة.
فالنتّفق أنّ الأردن مُستهدف كَما هُو مَصير القَضية الفِلسطينية وفِي كُل الأحوَال
إن مَا حَدث فِي الأردُن الأسابيع المَاضية هُو مُرتبط بتصوّرات نَتائج الرّبيع العَربي وهِي نَفس الذّرائع التي قَام عَليها الرّبيع فِي لِيبيا وتُونس وسُوريا واليَمن ومِصر وهِي الأزمَات الاقتصَادية وسُوء توزِيع المَال العَام وثرَوات البِلاد والعَدالة وحَالات الفقر تِلك الذّرائع أو أريد أن اقُول أن مَن يُغذي هَذه النّعرات وإن كَان يُجانبها بَعض الصّواب للشّعوب والمَطالب المشرُوعة، إلا أن تَغذِيتها مِن قِبل النّظرة الحِزبية يصُب فِي نَفس المُخطط الأمريكي الإسرائِيلي لنُشوء دُويلات أو دِول فَاشلة أو فَوضَى " وهُنا ألخّص مَا قَاله المَلك عَبد الله الثّاني" أمّا أن تحَل الأزمَة أو نذهَب إلى المجهُول"، إقالة رَئيس الوُزراء الملقّي وتكلِيف الخَبير الاقتصَادي فِي البَنك الدّولي الرّزاز هو الخِيار الآن وهُو الرّجل الذي يُؤمن بالانفِتاح وتعزِيز القِطاع الخَاص، لكِن هل بَرنامج الرّزاز سينجَح فِي ظِل مُعطيات فِي غَاية التّعقيد يمُر بِها الأردُن وعمليّات تحرِيض دَاخلية مدعُومة مِن جِهات أجنبيّة والجَميع يعلَم بأنّ الأردُن لا يمتلِك وسَائل دَخل مَحلية تقِيه مِن الأزمَات ويعتمِد عَلى المُساعدات الخَارجية وشُروط البَنك الدّولي ..!! الأزمَة فِي الأردُن مُرتبطة بمَدى التزَام وتموِيل دِول الخَليج للأردُن الذي تأثّر بكُل مَا يُحيط بِه فِي العِراق وأمواج اللّجوء وسُوريا والّلاجئين ولِيبيا وفِلسطين حَيث ألقِي عَلى عَاتق الأردُن
أعبَاء إضافِية عَلى مسؤليّاته تُجاه مُواطنية بالإضافة إلى حَالة الطّواريء فِي الجَيش العَربي الأردُني وقُوى الأمن الدّاخلي والخَارجي بَعد ظهور دَاعش وأخواتها وأمّهاتها وبَناتها.
بالتّأكيد أنّ مَا حَدث فِي الأردُن مِن أزمَات وتغذِيتِها لتَصل إلى حَالة غَير مشرُوعة هُو مُرتبط بالتصوّرات السّياسِية للمَنطقة والتي رَفضها العَاهل الأردُني بالإضَاَفة إلى إعلان ترَامب الذي سَحب الوِصاية التّاريخية للأردُن عَلى الأماكِن المُقدسة فِي فِلسطين وهُو بمَثابة إنذار للمَلك عَبد الله الثّاني لمُراجعة كَافة مُواقفه ومُراجعة كَافة المَلفات والأطرُوحات القَديمة الجَديدة ستجِد طَريقها للتّنفيذ هِي تُهدد فِعليا المَملكة الأردنية كجُغرافيا ونِظام سِياسي .
الأردُن مُنذ البِداية أعلن مُشاركته مَع دِول التّحالف العَربي وعَاصفة الحَزم وهُو مَع جَبهة مُحاربة الإرهاب وضِد وجُود الفضَاء الإيراني فِي المَنطقة العَربية، مَواقف مُعقدة يحتَاج فِيها الأردُن إلى إمكانيّات أكبَر مِن دَخله وإمكانيّاته المَحلية ونُقطة الإختلاف لَن يسَتطيع الأردُن باستِيعابه لمَا يدُور حَوله فِي العِراق وسُوريا وتُركيا والأكراد وفِلسطين وبَعض التّحركات الدّاخلية مَا زال يرفُض مَا جَاء في صَفقة القرن وإعلان ترامب للقُدس فقَد شَارك المَلك عَبد الله الثاني المُؤتمر المعارض لهَذا الإعلان في تُركيا الذي نظّمه أردُوغان فِي حِين أنّ دِول التّحالف مَا زَالت تُحاول وضع تعدِيلات عَلى تلك الصفقة أو الأطروحة.
غدًا الأحد الموافِق 1062018م يلتئِم إجتماع عَاجل لكُلا مِن السّعودية والكُويت والإمارات مَع الأردُن للبَحث فِي كَيفية خُروج الأردن مِن أزمَاته وأعتقد أن الجَميع يشعُر بأنّ الأردُن فِي خَطر حَقيقي فِان تحقّق هَذا الخَطر كَما سَلف سيُغير المَنطقة بكَاملها وأول مَن سيتأثّر المَملكة العَربية السّعودية ولتعُود الأزمة الى نشأتِها تَاريخيًا فالخطّة القَادمة إن نجَحت فِي الأردُن ستلِيها السعّودية، ومِن هُنا يأتي هَذا المُؤتمر العَاجل لدَرء الأخطَار عَن الأردُن ونِظامه السّياسي والجُغرافي والسّعودية أيضًا ممّا يُحتّم أخذ خُطوات عَاجلة لدَعم الاقتِصاد الأردُني وتفوِيت الفُرصة عَلى التّفاعلات الدّاخلية المُرتبطة والحِزبية، ولكِن مَا هِي الخُطوات المُتوقعة لهَذا المُؤتمر الإسنَادي :-
1- رَفد الخَزانة الأُردنُية بشَكل عَاجل بالعُملة الصّعبة مَا يُغطي عَجزها.
2- ضَخ كِميّات مِن الوُقود البترُولي كمِنحة بدُون مُقابل.
3- تسِديد الدّيون الخَارجية عَلى الأردُن التي تُشكل عِبء عَلى الخَزانة الأردُنية لتَلافي شُروط البَنك الدّولي وضُغوطاتِه التي قَد تُشكل أزمَات تُساعد أطراف الفِتنة عَلى الإستمرار فِي إحتجاجاتِها واضطِراباتها ومَشاريعها.
4- الدّعم السياسِي للأردُن وخَاصة أنّ الأردُن كَانت مُرشحة وبقوّة للإنضِمام لمَجلس التّعاون الخَليجي.
5- توسِيع حَجم التبَادل التّجاري والإعفَاءات الضّريبية مَع دِول مَجلس التّعاون.
6- التوسّع في حَجم استقطَاب العَمالة الأردنية لتخفِيف حَالة البَطالة.
سميح خلف