تمكن الملك عبد الله الثاني من ادارة الازمه التي عصفت في الاردن بحكمه واقتدار وكان وعي الشارع الاردني لدرجه حالت لغاية الان من تمرير اهداف وغايات ما قصد منه في تحريك الشارع الاردني
مع حالة الاستقرار في الأردن، بنزع رئيس الوزراء المكلف الدكتور عمر الرزاز ومن قبله العاهل الملك عبد الله الثاني فتيل الأزمة، يبدو أن دول المنطقة كلها “خبأت خططها البديلة” وتتسابق اليوم تحت شعار “هيا ننقذ عمان”.
الملك عبد الله الثاني يحضر قمة مكة ويملك كل أوراق القوه وباتت السعودية وتركيا في مواجهة بعضهما بعضا بعد إعلان قمة مكة والسعودية في موقع الاتهام لحين ثبوت العكس سيناريوهات ما يعد للمنطقه بعد احتجاز الحريري في السعوديه ادار لبنان الازمه بحكمه واقتدار وخرج الحريري وخسرت السعودية وأحداث الأردن لا يمكن فصلها عن صراع النفوذ والقوى والاستحواذ التي تمارسها السعودية والإمارات
حتى اللحظة في الشارع وعلى المستوى الشعبي هناك تساؤلات إن كانت الرياض حاولت فعلا الركوب على الاحتجاجات لتمرير مشروعها في المنطقة، سواء اقتصاديا الذي عرف بمشروع نيوم للامير محمد بن سلمان، او سياسيا المتسق جدا مع المشروع الأمريكي وصفقة القرن. هذا المشهد لا زال يتربص بالأردنيين بعد توقف الاحتجاجات. فقمة “مكة” على الأبواب، وهي بحد ذاتها تتسبب بالقلق.
فالجناح السعودي داخل الأردن والذي كانت تمثله بقوة حكومة الرئيس الدكتور هاني الملقي خرج بصورة مدوّية من الدوار الرابع (حيث رئاسة الوزراء في العاصمة عمان)، وقمة بهذا الشكل قد تهدف قبل أي شيء لتعزيز الجناح السعودي في الأردن والذي يمثله الدكتور باسم عوض الله والدكتور جعفر حسان وغيرهما.
الرسالة السعودية واضحة، فالرياض اليوم تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه من نفوذها السياسي في الأردن، بعدما خرج من عين العاصفة، حيث يذهب إليها الملك في مكة وهو قويٌّ ومنحازٌ لشعبه وتجاوز أزمةً لو قامت في الرياض لما تم تجاوزها بذات الحكمة، وفق تقييمات أردنية عميقة.
المشهد لا يخص السعودية وحدها ولا حتى إسرائيل، التي باغتتها الاحتجاجات بصورتها الأخيرة، حيث كانت تفضّلها في توقيت مختلف، إذ كان لأي زعزعة لاستقرار عمان في هذا التوقيت الحرج ان يوجه الأصابع الاتهام لها مباشرة، بخلاف ما تريده هي.
وبينما تدعو الرياض الأردن إلى مكة، يمكن للأخير وببساطة تنبيه تركيا جيدا وحلفها الواسع انه لم يعد معزولاً كما كان، وبذلك قد يحقق المزيد من المكاسب الاقتصادية، رغم ان عمان كسبت كثيراً من تحالفها المذكور فالكويت تصدّرت واللاعب الاكبر بخيوط الربيع العربي في المنطقة، المتمثل بقطر اعلن “حسن نواياه”. إذ حيّدت الدوحة اعلامها عن المشهد، فتوازنت قناة الجزيرة وهدأت، ولاول مرة قد تضطر غرف القرار في عمان للقول سراً “شكراً قطر”، بعد تصريحات لوزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني تمنى فيها الاستقرار لعمان.
قطر وإعلامها (خصوصا الجزيرة) كان دوما في خط الهجوم، وبمجرد انها اختفت عن الخط، وهنا طبعا للدولة الصغيرة مصالح كبيرة للبقاء بحالة كمون تكتيكي، عزّزت عمليا موقف الشارع الاردني امام حكومته السابقة والمقبلة، كما اسهمت في تحييد الملك، والذي هو بدوره قرر الانحياز للشارع.
بقراءة سريعة، يمكن الانتباه الى الغياب الامريكي عن المشهد سلبا وايجابا، بينما المعلومات من العاصمة الاردنية تؤكد ان السفارة البريطانية كانت الانشط في القراءة والتحليل والتفكير وعقد الاجتماعات مع المحللين والناشطين.
اما اليوم وبعدما خرج الملك من المعركة منتصراً عمليا ومنسجما مع شارعه، فهي اللحظة الانسب لمحاولات جديدة لاستقطاب الاردن مجددا، وهو الامر الذي لن يقف عند المحاولة السعودية المتمثلة بلقاء مكة المفترض عقده اليوم ، وسترى عمان ذلك وستشهد وسائل الاعلام ذلك ايضا، وفق المراقبين، بل سيتجاوز المشهد الامر لمحاولات استقطاب قد تصل لايران، وهو امر على عمان اللعب بخيوطه جيدا هذه المرة.
المملكة الاردنية اليوم امام مرحلة يمكن ان تخلق منها اهم فرصة في تاريخها الحديث، ومعها قيادة مستعدة- حتى اللحظة- لهذه الفرصة، ورئيس وزراء لديه برنامج لثورة اقتصادية لم يكن في اكثر احلامه وردية يتخيل ان يبدأها في بلاده ومعه كل الصلاحيات التي امنها له الشارع.
بهذا المعنى فجيران عمان ترقبوها دون الاقدام على دعم الاردن اثناء العاصفة، فهذا وقت تكون فيه دول المحيط قد حضّرت “خططها البديلة”، وفق مراقبين.
الدولة الوحيدة التي ارسلت وفداً رفيعاً للقاء الملك عبد الله ودعوته لزيارتها بصورة مستعجلة اثناء العاصفة كانت الكويت، وهذا مجددا يحسب للدولة الصغيرة المتوازنة، والتي تشكّل اليوم “رأس حكمة الخليج العربي”. الكويت شكلت سلفاً حليفاً للاردن منذ بداية ازمة القدس وعلى قاعدة الثوابت المشتركة، فأميرها حضر القمتين الإسلاميتين في اسطنبول، وساهمت بلاده في تقديم مشاريع جريئة لمجلس الامن، حيث صعد مشهد تاريخي لحلف خارج عن المألوف فيه الكويت والاردن وقطر وتركيا وإيران وسلطنة عُمان إلى جانب فلسطين. هذا الحلف كان سيفاً ذو حدّين بكل الأحوال. وشكّل مصدر قلق للسعوديه .
بتنحية الكويت عن الاقليم، فعمان كانت تحت مجهرٍ قد يكون خبيثاً من الإقليم والاتصالات التي تلقاها عاهل الأردن من الامارات والسعودية والبحرين ومصر مرصودة تماما، حيث الخطط البديلة ومنذ مدة معدّة وجاهزة لعمان مُختلفة سواء في اسرائيل (مع هامش مناورة امريكي) او حتى مع توارد انباء عن وجودها في السعودية، وهذه اشارات تنبه لها الحراك سلفا وهويرفع شعارات اصلاحية اقتصادية فقط.
وبرزت تساؤلات تحت وطأة الازمه الاقتصاديه التي يعاني منها الاردن حول ما إذا كان الخليجيون يعيقون المساعدات للأردن بسبب انخفاض سعر النفط وهبوط ميزانياتهم الخاصة، أم بسبب الاختلافات السياسية، وهل ستتوجه تلك الدول لإعادة معوناتها لها من جديد؟
وبعد قمة مكة "من المرجح أن تستأنف السعودية والإمارات استثماراتها في الأردن، ومساعداتها، كما قطر والكويت، اللتان بادرتا بإعلان عزمهما تقديم المساعدة للمملكة".
وهناك من يرى من المحللين بأن المساعدات قد تعود حاليا، ولكن السعودية والإمارات تحاولان بالموازنة بين أمرين، الأول "لي ذراع الأردن لكي تقبل بصفقة القرن، والثاني: منع ثورة فيها، إلا أنهما يعتبران إرضاخ الأردن لقبول صفقة القرن أهم بكثير من الانتفاضة".
وفي حال اتساع المظاهرات، وتزايد خطرها، فسيكون هناك قرار أمريكي وإسرائيلي يلزم السعودية والإمارات بالتدخل لإنقاذ المملكة، بفعل حدودها الطويلة مع الأراضي الفلسطينية المحتلة.
"هناك إشارات وتحليلات تربط بين موقف بعض الدول الخليجية وبين الجدل الدائر حول صفقة القرن المقبلة، وموقف الأردن من قضية القدس المحتلة، والوصاية الهاشمية عليها، بالإضافة لحل الدولتين المهدد من المشروع الأمريكي".وأن "المرحلة القادمة ستبين مدى صحة هذه الإشارات"، فالأزمة الحالية في الأردن، قد تكون نقطة تحول في علاقة هذه الدول معها.
واذا كانت الشروط السعودية الإماراتية، لمنح الاردن مساعدات ماليه "تتعلق بمسألة القدس، وصفقة القرن، والوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة، التي تعد من ثوابت السياسة الأردنية، ومن عوامل مشروعية الموقف الأردني في القضية الفلسطينية". فان الاردن لن يقبل بها ولن يتخلى عن وصايته على القدس لانه يدرك ان تخلى عن القدس تخلى عن شرعيته ومستقبله.
وطالب السعودية والإمارات بأن تتوقف عن هذا الضغط على الأردن، "لأن ذلك يهدد الأمن القومي العربي في المنطقة".
وبحسب المحللين والتوقعات ان لا يستجيب الأردن للشروط السعودية الإماراتية، واستمرارية الأخيرة في ضغوطها".
فالأردن "ليس معزولا إقليميا تماما، فمن خياراته التوجه نحو العديد من الدول، مثل الكويت وقطر، ومحور تركيا وإيران"، "وفي حال استمرت الضغوطات عليه، قد يتجه لتطوير علاقته مع تركيا، وإيران، لتحصين الوضع الداخلي، وحماية الاقتصاد الأردني".
والأردن "ليس أسيرا للموقف الإماراتي والسعودي وهذا ما يؤكده في القمه ، وهو يحاول حتى الآن إقناع السعودية والإمارات بأن يتفهموا ظرف الأردن الاقتصادي، وأن يعيدوا تقديم مساعداتهم بدون شروط".
المحامي علي ابوحبله