التظاهر هو حق عام وكما تنص علي ذلك غالبية قوانين التشريع في البلاد المتحضرة خاصة ولكن في الدول النامية أو المكهربة لو تجاوزنا المصطلح وأسميناها " الدول المكهربة " قد تعطي مدلولا أفضل.
الدول المكهربة التي يحكمها السلطان بالحديد والنار والقمع المتواصل للحريات فتصبح كلما تلمسها تصعقك فهي تتصرف عند نقطة خارج الوعي لأنها ناقزة وخائفة ومرتبكة ويصبح لديها كهرباء زائدة في المخ العام ناتجة عن التسلط والإذلال.
الدول المكهربة أحيانا يجتهد المشرعون في وضع قوانين عصرية تقر حق المواطنين في التظاهر دون ترخيص والبعض يكحلها كما عندنا في فلسطين بأنه عليك لتتظاهر أن تبلغ السلطات بمكان وموعد التظاهرة فقط دون الحصول علي ترخيص بحجة تأمين المتظاهرين والشارع دون تدخل إلا إذا خرج المتطاهرون عن السلمية وأعاقوا حياة الناس أو حاولوا تخريب الممتلكات العامة أو الخاصة أو إستخدموا العنف فعندها تتدخل الشرطة للحماية ومنع التخريب وليس لتكسير وضرب وسحل المتظاهرين واعتقالهم، والسؤال الكبير هل استخدم المتظاهرون في رام الله يوم 14/6/2018 العنف وقذفوا الحجارة وخربوا الممتلكات؟ وإلا لماذا إستخدم الأمن العلني والسري العنف والاعتقال ومنع المظاهرات؟
في الدول المكهربة يضعون القانون ويلتفون عليه فأحيانا يتركون الناس بعد إبلاغهم السلطات للتظاهر وحين تأتي الأوامر في الميدان يضرب ويعتقل المتظاهرون ويتهمون بأنهم ليس لديهم ترخيص للمظاهرة يعني شغل لفتك ما لفتك يعني فش قانون ناهيك عن انتهاك الحريات بالاعتقال والضرب المبرح خارج القانون.
أسوأ ما في سلطات الأمن في الدول المكهربة توجيه الإتهام الغامض دائما بأن هناك مندسين وطابور خامس يخدم أجندات خارجية وأسوأ الأسوأ حين يلتفون علي التهم بتحويل التهم ويصنفونهم بأنهم طابور خامس أو مندسين وأحيانا ينعتون بالعملاء.
يعني تطلع في مظاهرة في الدول المكهربة ولا أنت واخد بالك تلاقي نفسك متهم بالعمالة والتجسس يعني إنتا بسرعة يتهموك وتلاقي حالك جاسوس وإنتا مش عارف.
في بلدنا وفي رام الله والتظاهرات المساندة لغزة لرفع العقوبات إكتشف المتظاهرون أنهم عملاء لحماس يعني شوية أهون من اتهامهم بالعمالة لإسرائيل وهي تعتبر ثالثة الأثافي لكل فلسطيني وممكن تحصل في وقت لاحق.
لم نسمع منذ إنقلاب حماس في غزة عن أن الضفة وسلطات الأمن في رام الله وجهوا تهم التجسس والعمالة لأحد أو تمت حتي محاكمة واحدة في الوقت الذي ادعت حماس وكشفت وحاكمت وأعدمت الكثيرين من المتهمين بالعمالة في العقد الماضي ورغم أننا شعب واحد ومعدلات الأمراض الاجتماعية والأمنية متساوية فلا ندري هل حماس تلفق التهم أم أن رام الله لا تعتبر العمالة مرض أمني يجب علاجه وملاحقته وإستئصاله، ولم يتم إكتشافه إلا في مظاهرة رام الله.
ولكي لا نبتعد بالتفاصيل عن موضوع الشعب هو الطابور الخامس نقول في غزة يعتقل الناس ويتم تفريق المتظاهرين لو سمحوا لهم أصلا بالتظاهر ويتهم المعتقلين بتهم العمالة والتخابر وتنفيذ مخططات رام الله وأحيانا يحاكمونك علي الكلام أو الكتابة مثلما حدث لي قبل ثلاثة أعوام علي مقال ولولا أنني معارض لحماس ولعباس ولست فتحاويا لإتهمت بالتخابر مع رام الله.
إذا تظاهرت في غزة فأنت طابور خامس ومندس وتتخابر مع رام الله وإذا تظاهرت في الضفة الغربية فأنت طابور خامس ومندس وتتخابر مع حماس.
السلطتين طلعوا الشعب والمعارضين طابور خامس والله يستر لو زادت حدة المظاهرات في رام الله أو غزة قد تتحول التهم لتجسس لإسرائيل.
وبالمناسبة أحيانا تبدأ إسطوانة الحملات علي العملاء وتبدأ البرامج والتهديدات والمغريات بتسليم العملاء لأنفسهم للأمن وأحيانا تغيب ولا ندري هل هناك مواسم للعمالة أم تكون البرامج موجهة للإستخدام حسب الإحتقان السياسي المعارض والقلق من حركة المجتمع وهذا حدث في غزة كثيرا، يمكن علشان في مقاومة؟ بس برام الله ما إسمعناش بتلك الحملات ليش؟ وإلا التنسيق الأمني بس عالوطنيين والمجاهدين وما في عملاء؟
إرحموا هالشعب فلم يتبق صفة من الصفات السيئة إلا إتهمتوا شعبنا بها للحفاظ علي الحكم والسلطة والمكاسب.. مش القادة فرز الشعب وبيطلعوا مرات عملاء وإلا لا ؟
أعطوا شعبنا حرية التظاهر بحرية دون لف ودوران لكي لا ينزل تحت الأرض وعندها لن يأخذ تصاريح للمظاهرة ولن يبلغ الأمن وهذا يعني الفوضي والدم لشعب بات يفقد عقله في الضفة وفي غزة والحكام هم المسؤولون عن المواجهة العنيفة لو حدثت فلا تحاصر النمور في غرفة وأنت معها فستأكلك مهما صبرت علي الجوع والضرب والإذلال.
د. طلال الشريف