علموا أولادكم دراسة التاريخ

بقلم: حنا عيسى

)في السابق، كان أهل الثقافة وأهل المعرفة بالتاريخ ، هم من يُستشارون ويَشيرون، وهم الذين بفكرهم وعقلهم تتغير مسارات الحضارات لتتقدم، وحين يوضع أهل الثقافة والتاريخ في الصفوف الخلفية تنهار الأمم( - كرم شتيات

ربي خلقتني  وأحسنت تكويني وزدتني شرفا فجعلتني فلسطيني

هوية فلسطين قيثارة يفوح منها الإصرار

سأكتب جملة أغلة من الشهداء والقبل .. فلسطينية كانت ولم تزل !(محمود درويش)

(القضية الفلسطينية قضية محورية في السياسة الدولية والعالمية ، وهي قضية تختلف عن كل قضايا التحرر العالمية عبر التاريخ الحديث ، فهي ليست قضية تحرر فقط ، بل قضية وجود ، بمعنى أن قضايا التحرر كان يقر العالم فيها أن هذه الدولة أو ذلك الشعب يحتل دولة أو شعباً أو أرضاً ليس له ، أما قضية فلسطين فهي قضية أحقية في الوجود ، ففلسطين هي حق  للفلسطينيين  ، وهذا الرأي تؤمن به كل الشعوب الإسلامية والعربية وحركات التحرر التقدمية العالمية)- أ.د.حنا عيسى

 

كانت ولا زالت تتمتع فلسطين بتنوع جميل ، فتنوعت تضاريسها ، فرسمت الجبال والسهول والصحاري والأغوار خارطتها بروعة وعناية ، وتسلسل التاريخ والحضارات بانسياب بين حقب ازمنتها ، فدخلها الفرس والروم والصليبيون ، وعمر في حضارتها وأثارها الفاطميون والأمويون والعباسيون ، وهبط فيها الرسل والأنبياء ، وباتت قبلة المصلين والمؤمنين ، فهي مسرى محمد ومهد يسوع المسيح  وقيامته عليهما السلام.

 

مدن فلسطين وقراها وحاراتها وشوارعها خير شاهد على تنوع انساني طائفي عرقي جميل ، بنوا وعمروا وعاشوا هنا في فلسطين ، جاؤا منذ زمن بعيد من قارات ومدن بعيدة، ليكونوا جزءً من حضارة عريقة، حضارة فلسطين، فعاش فيها الاقباط والارمن والتركمان والبهائيون والاحمديون والافارقة، وجاورهم الشركس والسريان والسامريون والدروز، وأحاط بهم الموارنة والغجر الروم والأكراد ، لكل منهم عاداته وتقاليده، ماضيه وحاضره ، ولكنهم هنا في فلسطين انصهروا فلسطينيين ، فيها عاشوا وأقاموا ، رابطوا ودافعوا.

 

ففي فلسطين من اي مكان جئت ومن اي بلد قدمت تشعر وللوهلة الأولى انك في موطنك، ففلسطين بتنوعها وبهائها تجد فيها من كل حضارة قبس، ولكل ديانة فيها نفس، فالمساجد والكنائس تتعانق، ولمختلف الاطياف والاعراق فيها مقام، فالزوايا والتكايا والاديرة والمدارس لكل الطوائف والاعراق، لا طائفة تتعدى على اخرى، ولا عرق يزاحم آخر، ففلسطين وحدها رغم صغر مساحتها، وانتهاكات المحتل فيها، كانت ولا زالت وستبقى مهبط الانبياء، ومهد الحضارات.

بقلم: د.حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي