الخيارات تقلصت أمام إنفراج في الوضع الداخلي الفلسطيني إن لم تكن إنعدمت الخيارات حيث ذهبت حماس لأقصي حد من التنازل وذهبت السلطة في رام الله لأقصي حد من التمكين وتوقف الجميع عن الوساطات، وصار التحريض علي إسقاط كل منهما هو العنوان وكلاهما يراهنان علي حركة الجمهور ولو كان هناك تواصلا جغرافيا لوجدنا الحرب إندلعت للسيطرة علي الحكم بعيدا عما تتعرض له القضية الوطنية من تهديدات جدية وخطيرة علي المصير وعلي الأرض واستعراض الحالة الفلسطينية بإختصار علي الوجه التالي:
الرئيس عباس قال إنه يرفض صفقة القرن وحماس قالت إنها ترفض صفقة القرن لكن عدم الإستجابة لتنفيذ المصالحة يذهب لصفقة القرن مجبرين إخوانك لا أبطال.
من يوم الإعلان عن نقل السفارة الأمريكية نهاية العام الماضي وما نتج عن عمل أو خطط لو كان هناك خطط للتصدي فعلا من طرفي الإنقسام هو حقيقة لا يوازي بل بالعكس ظل العمل بعيدا جدا عن المستوي المطلوب للتصدي وإفشال الصفقة.
علي صعيد رام الله ورغم خطابات عباس وتقليص التعاطي مع الدور الأمريكي وعدم الاستجابة لزيارات المسؤولين أو رفض العودة للمفاوضات إلا أن مواقف السلطة في رام الله لم تمتد عمليا إلي أرض الواقع لإشراك الجمهور في خطة ضغط حقيقية تتصدي للصفقة وبات الموقف إنتظاريا لحين طرح الصفقة دون تعبئة كما هو واضح أي بمعني في أحسن النوايا هو قد يعتمد علي رد الفعل الجماهيري في الضفة الغربية حين طرح الصفقة وهنا يجب الانتباه بأن رد الفعل سيكون محسوبا ويمكن التصدي له وهذا خطأ كبير يصل لحد الخطيئة لأن مآل ردات الفعل لن تذهب لإفشال الصفقة وسرعان ما تتوقف إن لم يكن بفعل الأمنين الفلسطيني والإسرائيلي فهي بدون خطة ومستلزماتها التي كان لها متسعا من الوقت منذ منتصف كانون أول ديسمبر 2017 أي من يوم خطاب ترامب الشهير ولم تظهر أي بوادر لخطة فلسطينية تشرك الجماهير منذ ذلك التاريخ سوي التحرك في المؤسسات الدولية التي لن تحسم إفشال الصفقة.
أما في غزة ورغم تسيير مسيرات العودة ورفع الحصار التي قادتها حماس في غزة وما نتج عنها من نتائج فهي لم تقنع بإمكانية التصدي لإسقاط الصفقة وبدأت تتراجع نتيجة الصلف الاسرائيلي وسقوط العدد الكبير من الشهداء والجرحي وإقتراب هاوية الحرب التي لا تريدها حماس ولا إسرائيل بمعني أن هذه الاستراتيجية محكومة بالحسم العسكري في النهاية وهنا كارثة أخري ستضعف الموقف الفلسطيني أكثر إن حدثت الحرب وقد يكون مصير حماس علي المحك تماما مثلما يصبح مصير رام الله بدون تنسيق أمني وهو يعني الدخول في حالة الحرب أيضا.
إذن فأين كانت أو مازالت الطريق للتصدي الحقيقي وليس الانتحاري لصفقة القرن ؟
الطريق الحقيقي هو ما يهرب منه طرفا الإنقسام وهو المصالحة والوحدة واستعادة قوة الموقف الفلسطيني الموحد وهذا أصبح شبه مستحيل والمتبقي الوحيد والممر الإجباري للتصدي للصفقة ومنع فوضي الصراع علي السلطة بين غزة ورام الله وبين قيادات الضفة الغربية الطامعة لخلافة عباس هو إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية فورا ومن يرفض ذلك فهو يعمل ضد المصلحة الفلسطينية وسيتحمل تمرير صفقة ترامب لأنهما بهذا الصلف والعناد غير المفهوم من غزة والضفة يصبح من يرفض الانتخابات متآمرا علي القضية لتصفيتها من أجل الكراسي الملعونة في كل الشرائع عندما تسقط الوطن من التربع عليها.
د. طلال الشريف