من المضحك أن دونالد ترامب أحد الأفراد اللذين يعملون ضمن طواقم الخدم في منظمات اللوبي اليهودي في العالم , يأتي الى الشرق الأوسط مستعرضا عضلاته أمام العرب وتحديدا السعودية وقطر , طالبا منهم مليار دولار كدفعة أولى لوضع حجر الأساس لدولة غزة , ترامب يثمن غزة بمليار دولار كخطوة من شأنها تجرية لعاب غزة تجاه الإنفتاح الإقصادي على أرض سيناء , ورغم أن مصر رفضت قبل ذلك فكرة أن تعطي أرضها في سيناء للفلسطينيين , ولكن ترامب جاء هذه المرة بطريقة مختلفة تتمثل على شكل مشاريع مياه وطاقة ومصانع لتشغيل سكان قطاع غزة , والهدف الحقيقي وراء هذه المشاريع هو أن تتحمل مصر كامل المسئولية عن قطاع غزة , وخاصة بعد مرور سنوات طويلة على فصل غزة عن الضفة بشكل كامل , وفي حال نجاح هذا المشروع يكون ترامب بالنيابة عن إسرائيل قد حصل على إنجازات كثيرة من أهمها إنشاء دولة غزة الإقتصادية تحت السيادة المصرية , وأيضا تعزيز فصل غزة عن الضفة بعد الفصل التام الذي حدث قبل سنوات .
إن مشروع المليار دولار لدولة غزة يتزامن مع تصريحات نتانياهو التي قال فيها أن الضفة خارج أي إتفاق سلام قادم , وأنه بحاجة الى الضفة ومتمسك بها , وهذا دليل قاطع على أن نتانياهو وخادمة ترامب إستفادوا جيدا من فصل غزة عن الضفة والذي حدث بفضل الإنقسام , وما يزيد من الأمر خطورة هو أن غزة أحلامها بسيطة , فهي لا تريد من الدنيا أكثر من الميناء والمطار وشاحنات سولار .
إن هذه الأحداث المتزامنة مع بعضها البعض تتطلب منا أن نبحث عن الإجابات لسؤالين محوريين وهما , هل مصر ستوافق على مشروع ترامب في سيناء ؟ وهل ترامب سينفذ هذا المشروع أصلا ؟ الإجابة على السؤالين بالتأكيد لا , إذا لماذا ترامب يطرح مشاريع دولة غزة على أرض سيناء دون أن يأخذ الموافقة من مصر ؟ لأنه غير جاد في تطبيق هذه المشاريع على أرض الواقع , وأن هذه المشاريع وهمية ولكن لها هدف سياسي محدد , ولأن ترامب يعلم أن مصر سترفض ولذلك إستخدم أرض سيناء كطعم من شأنه أن يجري لعاب قيادات غزة على هذا الصيد الثمين بالنسبة لطموحاتهم الإقتصادية .
من الواضح جدا أن نتانياهو وخادمه ترامب يلعبون لعبة خطيرة في مناوراتهم الإقتصادية التي هدفها وضع حجر الأساس لدولة غزة , فهذه المناورات الإقتصادية تمثل وحدة قياس وحلقة إختبار لقيادات غزة , وللأسف الشديد لا توجد ردات فعل صريحة من قيادات غزة تجاه هذه المناورات , في إشارة الى أن الصمت أحد علامات القبول , ومن المؤسف أن قيادات غزة ترحب بكل مبادرة تجعلها مفصولة عن الضفة .
إن الايام القادمة ستشهد مزيدا من المناورات الإقتصادية والعروضات المغرية لغزة , ولكنها ستبقى مجرد حبر على ورق وغير قابلة للتنفيذ , لأنها بالأساس عبارة عن وحدة قياس لرغبات غزة , وسيبقى المليار الذي سيخرج من خزائن قطر والسعودية شيك بدون رصيد , وستبقى دولة غزة عبارة عن حجر أساس في أرض موقوفة تحت مسمى دولة , غير قابلة للحياة .
بقلم/ أشرف صالح