رغم الرفض الكبير للإنقسام ورغم عدم الرضا عن إدارة السلطتين للسياسة وشؤون الناس في فلسطين فإن الأخطر هو إزدواجية أي سلطة بشكل عام وبشكل خاص في المجتمع الفلسطيني الذي ما إنفك يعاني الأمرين من سلطة الإحتلال.
سلطة واحدة أفضل من سلطتين وسلطتين أفضل من أربع سلطات وأربع سلطات وحارة كل من إيده إلو أسوأ أنواع العيش علي هذه الأرض فتعدد السلطات وصفة سحرية لإنهيار أي نظام مهما كانت قوته وإذا كانت نزاهة العدل وصيانةالحريات تغيبان في ظل سلطة جائرة واحدة فإن تعدد السلطات مدعاة للظلم الكبير والفوضي وغياب الحريات والهرج والمرج كما يحدثنا التاريخ القريب والبعيد.
لم أشعر بالقلق رغم كل ما رأينا من عبث السلطتين في حياة الناس ومستقبل القضية الوطنية في العقد الماضي مثلما شعرت هذا الأسبوع بعد الأحداث المدانة بكل المصطلحات التي إعتدت فيها السلطات الحاكمة في غزة وفي رام الله علي المتظاهرين الفلسطينيين.
في غزة ولأنها الحدث الأخير حماس تخسر كثيرا من هذا السلوك بعد أن نسقت وطبعت جزء من علاقاتها المبتورة أصلا مع الشعب والقوي الوطنية والإسلامية وباتت في نظر الجميع هي هي حماس المنقلبة الدموية والتي إستولت علي غزة بالقوة وهذا مؤسف كثيرا وليس لصالح حماس وأعاد لذهن الجمهور أن حماس سبب أزمتهم بعد أن أصبحوا يناويئون في العام المنصرم سلطة رام الله والرئيس عباس لفرضه العقوبات وحجز الرواتب وفجأة تلبست حماس غضب الجمهور ليعود ينبش الماضي القريب ولا أدري من خطط أو من يخطط لحماس لتقع في هذا الفخ وتصبح مثل الجمل الذي يخبص ما حرث.
الأخطر الأخطر أن يكون المسؤول للداخلية الأسير المحرر توفيق أبو نعيم الذي تضامن الجميع معه في عمله وبعد محاولة اغتياله وهو يقف علي المنصة يعلم الجمهور بأن لا وجود لأجهزة الأمن في المظاهرة وبعدها تتفاقم أحداث العنف، والغالبية تصدقه في قوله وأنا منهم، من حديثه ولغة جسمه وتعبيراته وسيرته الوطنية فهل كان آخرون من حماس يخططون من وراء ظهر المسؤولين؟ سؤال من أخطر الأسئلة علي حماس أولا وعلي الفلسطينيين ثانيا ويحتاج إجابة من مسؤولي حماس لان هذا مخيف حتي لحماس فإزدواجية السلطة وإزدواجية القرار خطر علي المسؤول قبل المواطن وكثير من أمثلة الدول التي مرت بإزدواجية القرار أو تعدد السلطات الحاكمة كانت تطيح بالمسؤولين قبل إساءتها للشعب وإندلاع الفوضي .
نتمني أن يكون القرار قرار حماس في قمع مظاهرة الأسري وليس آخرين رغم إدانة هذا القرار بشدة ورفضه وعدم رضا الناس عما حدث وفي الأول والأخير هو أضر بحماس وأقولها بصراحة هذا يحتاج معالجة فورية من قيادة حماس للتوضيح والاعتذار لأن حماس كسبت في الفترة الماضية مكاسب جمة من انفتاحها علي الآخرين ومن تسييرها لمسيرات العودة ونتائجها الوطنية المبهرة ومن تصرفات الرئيس عباس نحو غزة فكيف تعود لهذا النهج وتبدأ من الصفر لتأخذ عقدا آخر ليرضي عنها الناس.
في الجهة الأخري للإعتداء علي المتظاهرين في رام الله الذي لا يقل عما فعلته حماس بالمتظاهرين في غزة نتساءل أيضا من يحكم في رام الله لأن مراكز القوي هناك تعد نفسها لخلافة الرئيس وهي أيضا تستغل الظرف لتثبت أنها أقوي من غيرها من المتصارعين علي السلطة وهذه سابقة معروفة في علم السياسة وتجارب الشعوب فعندما يكون الحاكم ضعيفا أو متوقع مغادرته تصبح مراكز القوي تتصرف بقسوة وعنف وعشوائية لتحظي بالقدرة علي الآخرين وتزايد عليهم ويكون الضحية هو الجمهور وإذا كان الرئيس يعرف مسبقا بخطة الأمن فهذه جريمة يجب علي الرئيس توضيحها وتقديم إعتذاره لهذا الشعب العظيم الذي ما إنفك يناطح الاحتلال في مشاهد بطولية رائعة تفعق عين كل مسؤول، وليس من حق المسؤولين ضرب وإهانت هذا المواطن الفلسطيني الشجاع ولو كنت مكانهم لإحترمتهم علي شجاعتهم لتضامنهم مع إخوانهم المظلومين في غزة وإثبات أننا شعب واحد ولا يفرقنا السياسون بأجنداتهم.
هذا أيضا خطير علي الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية أن تصبح تعددية في القرار أو السلطات وكل مسؤول يتصرف خارج القانون ويبشر بفوضي هناك أيضا .
قمع المظاهرات وضرب المتظاهرين والإساءة للمرأة الفلسطينية في غزة أو في رام الله أو في أي مكان مدان بكل اللغات فالمرأة الفلسطينية تاج علي رؤوس الحكام أينما كانوا ولا أفهم شخصية أي رجل يهين المرأة مهما كان موقعه وإلا إحنا مش عرب ومسلمين، فهل يرضي أيا منهم أن تهان إمرأته أو أمه أو أخته أو بنته ؟
راجعوا شعوركم وأنتم ترون أي إمرأة فلسطينية أو حتي من أي جنسية تهان في أي بقعة من العالم وإطمئنوا علي فلسطينيتكم وإنسانيتكم إن لم تتألموا وتثورا غضبا.
بقلم/ د. طلال الشريف