حرب ....ما قبل الصفقة !!

بقلم: وفيق زنداح

كثر الحديث حول احتمالية نشوب حرب عدوانية اسرائيلية على قطاع غزة ..... في ظل وصول وفود أمريكية للبحث فيما يسمي بصفقة القرن ....وامكانية تنفيذها .... الحرب الكلامية والاعلامية تتقدم لتهيئة المناخ حول ما يسمي بالتهدئة طويلة الامد ..... كما أن الحرب الاعلامية والتي تتصدر معظم الصحف الاسرائيلية تتقدم ما قبل بداية مشروع الاغاثة الانسانية ....الذي كثر الحديث عنها .... دون التطرق للحقوق الوطنية والسياسية .
وكأن الحرب والعدوان قدر مكتوب ومسجل ما بين فترة وأخري وبمسميات متعددة ولأهداف ولغايات تخدم على أهداف علنية وخفية .
لم تكن الحرب في يوم من الايام مطلبا فلسطينيا ....كما ان مصطلح الحرب بالأساس ليس متوفرا وقائما ومعمولا به ....ولا حتي مقبولا بمعادلة الواقع الفلسطيني ..... لكنه ممكن التحقيق والتنفيذ من خلال دولة الكيان ومحاولة هروبها للأمام ..... لتنفيذ مأربها وأهدافها ....وخلق المناخ السياسي والامني الذي يمكن أن يوفر امكانية تنفيذ ما يسمي بصفقة القرن .
على مدار اللحظة تطلق التصريحات ....وتستمر حالة التهديد والوعيد حول ما يمكن أن يتم من شن حرب عدوانية على غزة .... وكأن هذا الصيف مناسب وسيكون ساخنا .... وقادرا على تنفيذ الاهداف الاسرائيلية الامريكية .....وحتى تكون هذه الحرب الجديدة اذا ما تمت وتوفر لها المناخ..... لتضاف الي حروب ثلاثة تم شنها على قطاع غزة ..... ولم نكن نحن أبناء فلسطين ذات مصلحة في هذه الحروب ..... ولكنها فرضت بحكم معادلة الصراع والعدوان ..... والتي لا ناقة لنا بها ولا جمل .
حروب تم افتعالها .....للخروج من أزمات داخلية اسرائيلية ....ومحاولة احداث المزيد من الوقائع الجديدة لخطاب جديد ..... ولتنفيذ أهداف وسياسات وسيناريوهات مفتوحة .
التهديد والوعيد ليس بسياسة جديدة ..... والعودة الي سياسة الاغتيالات ليس ممارسة عدوانية مستحدثة ..... والقصف بالطائرات مسألة اعتيادية .....وحتى امكانية القيام بعملية صغيرة أو كبيرة لا يعتبر جديدا في معادلة العدوان والفكر الصهيوني الاستعماري ..... القائم بالاساس في استراتيجياته الامنية على نقل المعركة الي أرض العدو ....في ظل ازمة اسرائيلية من الطائرات الورقية ومن مسيرات العودة .....والتي تمهد الطريق لامكانية القيام بعملية عسكرية اسرائيلية .....أو على الأقل استمرار القصف والتدمير ومحاولة ارباك الساحة الفلسطينية .
الجديد بالتهديدات الاسرائيلية من المؤسسة العسكرية والامنية وحتى السياسية .....أنها تسبق محاولة جادة لمبعوثي الرئيس الامريكي ترامب من أجل تمرير صفقة القرن ....واقناع بعض العواصم ببنودها على حساب مبادرة السلام العربية ...وقرارات الشرعية الدولية ....والثوابت الفلسطينية .
فهل الحرب المحتملة ونتائجها المتوقعة يمكن أن تحقق ظروف ومناخ تمرير صفقة القرن ؟!!
ربما( لا) ...وربما( نعم)...... حيث يمكن أن تختلط الاوراق وتظهر نتائج جديدة غير متوقعة .....وغير محتملة .....قد تصعب وتزيد من عدم احتمالية تنفيذ تلك الصفقة .... وربما نتائج بعالم الغيب اذا ما جاءت النتائج بحسب المخططين والمدبرين أن تكون الطريق سهلة ومعبدة للادارة الامريكية ولدولة الكيان لتنفيذ تلك الصفقة .
قد تكون الحرب مطلوبة إسرائيليا وامريكيا لتنفيذ الصفقة وحتى لتنفيذ تهدئة طويلة الامد ..... وتبريراتها وأسبابها ودوافعها جاهزة معلبة بألة الاعلام وقنوات السياسة .....وقد تكون حرب لقلب المشهد السياسي بكامله ....وبكافة السيناريوهات المفتوحة والمحسوبة بحسب الخبراء والسياسيين الاستراتيجيين في واشنطن وتل ابيب ......في ظل حالة فلسطينية لا زالت على انقسامها ....وخلافاتها والأرض تهتز من تحت أقدامنا .....والمياه تسير صوب النهر والبحر .....وكأننا لا نري ولا نشاهد من هذا الانقسام القائم .....و مقومات حرب غائبة ...وجبهة داخلية متعثرة تعيش ظروفا قاهرة ...... وظروف معيشية بائسة .
أي أن الحرب ليست بوارد احد منا ....ولكن يمكن أن تفرض علينا لتحقيق أهداف ومأرب اسرائيلية أمريكية ..... فهل المطلوب منا الحكمة والقرار الوطني بحسابات السياسة والواقع والأولويات الوطنية ...... هل هذا ممكن ووارد ؟! .....
أم أن ما يتناقض مع ذلك من ثقافة وردود عاطفية قد تغلب العقل والحكمة .
يبدو أن التجربة لا زالت قيد الدراسة والبحث ....ولم نصل بعد الي مرحلة استخلاص العبر والدروس المستفادة .....التي تصوب طريقنا وتزيد من حكمتنا وقدرتنا على مجاراة السياسة وألاعيبها .....وحتى نتمكن من معالجة مجريات الواقع ..... وما يجري بالإقليم والعالم بأسره من سياسات ولقاءات تجمع ما بين أعداء الامس ..... والذين أصبحوا أصدقاء اليوم .
السياسة عالم كبير ...... ومتغيراته متسارعة ..... وتحتاج الي حكمة السياسيين أكثر من حاجتها للعسكريين ..... والمتسرعين .... من دعاه الحرب والعدوان داخل الكابينيت الاسرائيلي وقيادة الجيش ..... باعتقادهم أن الحرب ستوقف الاستنزاف لقدراتهم واستقرارهم والذي لا يمكن أن يتوقف الا بحرب شاملة وسريعة ....أو باحتلال جزء أو كل القطاع ....وهذا ما تأكد بأخطاء الماضي ....والحروب السابقة ونتائجها ...... ومدي الادانة الدولية التي لحقت بدولة الكيان وجيشها المحتل والذي لا يقيم وزنا للمجتمع الدولي .....وللقانون الانساني..... ومدي الحقوق المترتبة على الاحتلال لصالح الشعب المحتل ....من حقوق وحماية ورعاية بحسب كافة القوانين والمواثيق الدولية .
قادم الأيام ..... يحتاج الي حكمة السياسيين ..... وتوازن معادلة القوة الممكنة في ظل القوة المنفلتة ...... ولا يحتاج الي شعارات وردات فعل في ظل استمرار دولة الكيان بارتكاب جرائمها ..... وحساباتها الخاطئة ..... ومحاولة فرض اجندتها ..... والتي سوف تكون بنتائجها كارثية على هذا الكيان الغاصب .
بالنسبة لنا كفلسطينيين ليس بواردنا أي شكل من أشكال الحروب ....ولكن بواردنا ......بل من حقنا ان نمارس مقاومتنا بأشكالها العديدة وعلى رأسها المقاومة السلمية وحق الدفاع عن النفس .....باعتباره حق مشروع لا مناص منه ولا فكاك عنه ......وهنا الفارق الشاسع ما بين قوة الحق ..... وحق القوة ..... الذي تمتلكه دولة الكيان والتي تحاول أن تنفذ مخططاتها ..... من خلال القوة العسكرية وليس دفع استحقاقات التسوية السياسية ....... وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية .
الايام القادمة ..... ستكشف حقيقة السيناريو الاكثر احتمالا .....ما قبل محاولة تنفيذ الصفقة ...... وكما على السياسيين الحكمة ..... على الاعلام ووسائله المختلفة ..... الكثير من التوازن .....وعدم توتير الاوضاع بأكثر مما هي عليه .
الكاتب : وفيق زنداح