بالأمس القريب أبلغت حركة حماس مصر أنها جاهزة للدخول في صفقة شاملة تضم ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى، إضافة إلى إقامة الميناء والمطار , وهذا بالإضافة الى الحضور القوي لهدنة طويلة الأمد في أدبيات الطرفين , فهل أصبحت الميناء والمطار من الثوابت التي يتمسك بها الفلسطينيين ؟ وفي حال قبول إسرائيل بهدنة طويلة الأمد وإقامة ميناء ومطار وإنتعاش إقتصادي لغزة , فهل ستبقى الأمور كما هي عليها حتى إنتهاء الهدنة التي من المفترض أن تستغرق سنوات طويلة وقابلة للتجديد فور إنتهاءها ؟ بالتأكيد الإجابة نعم , والسبب أن حركة حماس باتت تبحث عن البدائل في غزة وحتى باقل القليل .
هناك تناقض واضح وصريح في مواقف حركة حماس , وخاصة في موضوع الهدنة , فحسب ما أعلم ويعلم الجميع بأن الهدنة التي وقعت عليها جميع الفصائل في القاهرة عام 2014م , عقب الحرب الأخيرة لا زالت سارية المفعول , وعندما يتم إطلاق الصواريخ من غزة ويتم الرد عليها مباشرة من إسرائيل , وتقترب الأمور من الحرب , تخرج الفصائل وعلى رأسها حماس وتقول للمصريين كراعي للعدنة بأنها متمسكة بالهدنة ولا تريد حربا مع الإحتلال , وبالتالي يتم إستئناف الهدوء على جميع الأصعدة , وتتم عودة جميع الأطراف لهدنة 2014م , إذا فإن هدنة 2014م لا تزال سارية المفعول رغم أنها فاشلة لأن إسرائيل لم تطبق منها شيئا , فالتناقض واضح جدا فأحيانا يتمسكون في هدنة على إعتبار أنها سارية , وأحيانا يطلبون هدنة , والغريب في الأمر أنه في كل مرة لا نسمع إلا كلمة الميناء والمطار على أساس أن غزة ذات بنية إقتصادية قوية وهي ليس بحاجة إلا لميناء ومطار فقط وسيكون كل شيئ على ما يرام .
للأسف الشديد أصبحت قضية الميناء والمطار من الثوابت الأساسية في غزة , على إعتبار أن غزة مفصولة عن الضفة كليا منذ سنوات طويلة , فالموقف الآن يتطلب منا العودة للتاريخ الى الوراء , في زمن السلطة وعلى غرار إتفاقية أوسلوا وباريس الإقتصادية , لنجد أن المطار كان قائما ويعمل والميناء كانت على وشك التأسيس والعمل , بالإضافة الى البنية الإقتصادية والتي تشكل حجر أساس في إقامة الدولة الفلسطينية , والأهم في الموضوع إتفاقية الممر الأمن الذي كان يربط بين شطري الوطن غزة والضفة , وهو أهم إنجاز لوحدة الوطن لأنه كان رابطا إقتصاديا وسياسيا وإجتماعيا بين الأهل والأقارب في غزة والضفة .
إن المطالبة المتكررة بالميناء والمطار والهدنة طويلة الأمد , لا تعبر عن حالة تناقض فقط بل تعبر عن حالة تنازل عن الثوابت , فجميعنا نعلم ما هي ثوابتنا كشعب فلسطيني وعلى رأسها قضية اللاجئين والأسرى والمقدسات , والتي لا تزال القيادة الفلسطينية في منظمة التحرير متمسكة بها , رغم تحفظى على بعض الأخطاء التي وقعت بها منظمة التحرير , ورغم ضعف المفاوض الفلسطيني منذ بداية أوسلوا ولكن الثوابت لا تزال في أدبيات منظمة التحرير , وموضوع الميناء والمطار بالنسبة للقيادة الفلسطينية كانت من البديهيات التي تتحدث بها , لأنها تعتبر من أدوات الإقتصاد التابعة للإتفاقيات السياسية الرسمية , ورغم ذلك تم تدمير هذه المكونات الإقتصادية التي بنتها السلطة على يد قوات الإحتلال , وهي رسالة واضحة من إسرائيل بأنها لا تريد أن ترى نواة الدولة الفلسطينية , وبعد تدمير مؤسسات السلطة قامت إسرائيل بالفصل بين غزة والضفة عندما قفلت الممر الآمن الذي يربط بينهما , وحتى جاء الإنقسام ليكمل عملية الفصل بشكل نهائي .
يجب علينا أن لا نتحدث عن الميناء والمطار وكأنها أقصى سقف لطموحاتنا وخاصة في هذا الوقت بالتحديد , الوقت الذي يطرح فيه ترامب صفقة القرن وبدأت ملامحها تطفوا على السطح وهي دولة فلسطينية على قطعة أرض بسيطة وعاصمتها قرية أبو ديس , وهي دولة منزوعة السلاح والسيادة , وعندما يسمع ترامب مطالبتنا المتكررة للميناء والمطار فإنه يتشجع أكثر وأكثر في النيل من حقوقنا .
إن إسرائيل وترامب في الوقت الحالي يعرضون علينا ربع ما حصلنا عليه في إتفاقية أوسلوا , وغزة تطلب ميناء ومطار وهو أقل من ربع ما حصلنا عليه في إتفاقية أوسلوا , ورغم تحفظي على الكثير من النقاط في إتفاقية أوسلوا ولكنها كانت إنجازا كبيرا بالنسبة لما نحن عليه الآن .
الكاتب الصحفي : أشرف صالح
غزة – فلسطين