منذ خمس سنين رأيت فيها حماس

بقلم: سميح خلف

خمس سنين ومنذ دخولي الى غزة سمعت الكثير عن حماس وسلوك حماس الوحشي الذي لا يرحم وبالمقابل سمعت من كوادرها عن عصابات السلطة واستهدافهم لعناصر حماس قاموس مليء بالشجون والماسي عندما يحدث هذا لشعب لا يتجاوز تعداده مليون ونصف وفي رقعة ارض محدودة محاصرة جغرافيا ، وابداء الرأي من الصعوبه ان تتحدث فيه ولان الثقافة ما زالت مزروعة والتاريخ والمأسي ، ولكن بزغت بارقة امل عندما اسس الاخ محمد دحلان لجنة التكافل والتي عملت منذ اوخر 2011م تقريبا وما زالت تعمل لتجبر الخواطر وتغير الثقافات وتطوي ملف من الصعب ان يفتح مرة اخرى بل من الكوارث السيكولوجية على الشعب الفلسطيني ، اتسعت اشراقة الامل بتفاهمات القاهرة التي اسست لنوع من العمل المشترك الانساني مع حماس ولو كانت بالوجه الانساني والشراكة المسؤلة مع حماس لانقاذ ما يمكن انقاذه في القطاع المحاصر والانفاس المحاصرة ولتغلق نوع ما المطاردات والسجن والعقاب على الانتماء ، وكل ما هو مطلوب ان تعترف حماس انها تورطت في الاحداث عام 2007م كما تورط غيرها والمقصود هنا كان كل ابناء قطاع غزة بصرف النظر على انتماءاتهم وزرع الفتنة بينهم ليحلو لمن خططوا للاحداث بدء من اقرار الانتخابات الى البرايمرز الى ايقاف الموظفين عن عملهم الى اخره من اجراءات تعرفونها اليوم ليلحق بتلك الاجراءات عمليات الفصل لقيادات وكادر في فتح بهدف اضعاف قطاع غزة وبالتحديد حركة فتح في غزة وهي القادرة على الفعل وذات الصلابة اذا نادى المنادي لحماية المشروع الوطني ومقاومة الاحتلال ، قد نستدل على ما كان هو مقصود من الانقسام هي تلك المشاريع المتعددة التي تستهدف وحدة ما تبقى من ارض الوطن وعزل كل منها عن الاخر بالقدس المهودة وابو ديس العاصمة وكنتونات وروابط مدن للتجمعات السكانية في الضفة والغور المهود وسيطرة امنية مشتركة على 40% من اراضي الضفة فقط وغزة التي اصبحت تحت مبدأ المقايضة برغيف الخبز مقابل الامن ووقف ما يسمونه العمليات العدائية من قبل حماس وباقي الفصائل وضبط السلاح ودويلة مراقبة امنية .

قابلت في تلك الفترة واستمعت في لقاءات مختلفة لقيادات الصف الاول في حماس ، فكان هناك موقف متفاوت بين قياداتها بالنسبة لفتح سواء من هم مع ابو مازن ومن هم مع دحلان فمنهم من يجرم ومنهم منفتح و ضرورة اللقاء مع ابناء فتح وطنيا واكثر المشجعين لذلك ابو ابراهيم السنوار ولكن هناك من القيادات ما زالت عصا التشرذم تاخذهم حتى انني اصطدمت مع بعضهم عندما قلت لا تعمم نقدك وتجريحك لفتح وسمي الاسماء باسمائها ، المهم وبشكل عام قابلت كوادرها وقياداتها وهم على مستوى رفيع من الاخلاق والادب والاستماع اقصد هنا قياداتها السياسية ، ولو ان السلوك الامني هو هاجسهم ويدفعهم للتقوقع دائما بنظرية الحزب المغلق الغير منفتح على قوى المجتمع سلوكا .

حماس تنظيم دقيق وقوي وعنيد ويحاسب عناصره على كل صغيرة وكبيرة ولا يسمح بالانفلاش او تعدد المسؤليات وكل شيء ياتي بالتكليف حتى كتابها الصغار التي توزعهم على الفضائيات وان انفتح احد كوادرهم على الاخر فهو ايضا بتكليف وبحسابات دقيقة فالصداقة لا مجال في عملهم وان ابتسموا او اشعروا الاخر بالقرب منه فمصلحة حماس هي الاولى والثانية والثالثة ، بعض كتابها طلبوا لقاء الاخ محمد دحلان وطلبوا كونفرنس وطلبوا التقاء في المصالح الشخصية بمقولة المقايضة والحسابات واعتقد هذا ليس تصرفا فرديا بل موجها ، في وجهة نظري هذا لا يضر شيئا ما دام يصنع الحد الادنى من اللقاء والتفاهم على قاعدة ان كل غزة مستهدفة .

حقيقة حماس لا تعترف عمليا الابابنائها وخريجين مساجدها وهذه نقطة ضعف قاتلة وثقافة لا تبني وطنا او نقطة جمع بل هي ثقافة الطرح ، والتخصسص والخصوصية ، هي تعمل ليلا نهارا لتثبيت قواعدها العسكرية والامنية والاقتصادية التي امتلكت غالبية الانشطة والاراضي والمرافق ، حماس لا تعين موظفا الا بتزكية من اقرب مسجد وامير جامع في منطقته ، المساعدات توزع ليلا في الظلام وبسرية كاملة .

كنت اسمع من عدة افراد وهم غير فصائليين عن التعذيب في سجونها فكنت لا اصدق عندما اقارن هذا السلوك بسلوك قيادتها السياسية المبتسمة دائما والراقية في الطرح ، الى ان اصطدمت بواقع نظرية الامن لديهم من اشخاص تم سجنهم وتعذيبهم فتعذيب جاسوس لانتزاع الاعترافات هو من صميم العمل الامني اما ان يعذب مواطن فلسطيني لانتماءه او ممارسة نشاطاته من خلال برنامج فصيله فهذا غير مقبول اطلاقا اوقمع مظاهرة تطالب بالكهرباء او مناسبة وطنية لفصيل ، هي تلك اشكالية حماس مع باقي الشعب وفشلها في ادارة الحكم والسلطة وهذا ليس رأيي فقط بل رأي كثير من كوادرها .

مكثت في قطاع غزة وساعود باذن الله عملت بحرية كاملة من خلال منطلقاتي الوطنية التي تعتمد على ادانة المقدمات للوضع الفلسطيني وليس الهجوم على النتائج فاذا اصلحت المقدمات فاصلاح النتائج تحصيل حاصل .

كنت من العدد المحدود للاعلان عن وثيقة حماس بمداخلة وكما قلت حينها على الهواء ان تلك الوثيقة بنيت على رصيد التجربة الفلسطينية من ميثاق وطني وادبيات فتح و20% كانت تحتوي على نظرة حزبية ، وقلت للسيد مشعل مادامت هي تلك وثيقتكم لماذا لم تقروا الحل المرحلي والنقاط العشر للمجلس الوطني الفلسطيني عام 1974م ، وتحولكم من نظرية الحزب الى حركة تحرر وطني ، كانت اجابة السيد مشعل متلعثمة عاطفية مردودة لنظرة حزبية مفادها انهم ليسوا طرفا في منظمة التحرير .

الخلاصة : حماس ما زالت تعمل بنظرية الحزب وان كان فيها من لايرغب بهذا السلوك ويدعوا لانفتاح والاندماج مع باقي فصائل العمل الوطني ، حماس ما زالت تتصرف بمنطق القوة والسيطرة على قطاع غزة هذا السلوك الذي يؤسس لخسارات كبيرة لها وحماس ما زالت مقتنعة انها تستطيع ادارة الشراع بمفردها ، وكثير من كوادرها اصابه الغرور في منطق تعامله مع الاخرين انه منطق القوة وارعب ، ولكن اريد هنا ان استثني هؤلاء المقاتلين من القسام الذين يرابطون ليلا نهارا للدفاع عن غزة وان لا تكون غزة مرتعا لقوات الاحتلال كما هي في الضفة ، هؤلاء الذين لا تغريهم الملذات والسيارات وغيره من الذائذ لمت ايديهم وايدي كل من حمل بندقية من ابناء شعبنا فهي العزة والكرامة التي ذروتها الاستشهاد.
واخيرا على حماس ان تقبل الشراكة ممارسة لا قولا فغزة تحمل على كاهلها كل اعباء القضية وتعقيداتها والصمود يحتاج لشراكة وطنية وشعبية فعليه وليست للعرض ، حماس في تحولها تحتاج لمراجعات تنعكس على سلوك ادائها في القطاع ، فالقادم لا يمكن ان يتحمله فصيل اذا لم يكن كل الشعب وكل القوى في خندق واحد
سميح خلف